نداء الوطن من أجل الوحدة والسلام والاستقرار

185
فكري كباشي الأمين

أ. د. فكري كباشي الأمين

خبير اقتصادي

• النداء العاجل إلى كافة أبناء الوطن الشرفاء الأنقياء والأتقياء بأن يشمروا سواعدهم من أجل المشاركة الفعالة في مسيرة إعادة البناء ولا حياة مع اليأس، ورغم الجراحات والآلام التي خلفتها هذه الحرب اللعينة، من سفك للدماء، وإزهاق للأرواح، وإهدار للموارد، إلا  أنها تمثل تجربة ينبغي الخروج منها بكثير من الدروس والعبر، ومن أهم مخرجات هذه الحرب اللعينة، أثبتت أهمية التوافق لحكم البلاد دون استثناء أو إقصاء، ولن تستطيع جهة أو إثنية أو أيدلوجية الاستفراد بالسيطرة، لا بدّ من الإشارة بأنه لا يزال هناك أمل في استقامة الأمور، وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح. 

كما أعتقد أن أهم الدروس المستفادة من هذه الحرب اللعينة وما خلفته من دمار مادي ونفسي، أهمية الاتفاق بين جموع الشعب السوداني على الالتفات إلى بناء الدولة الحديثة القائمة على أسس الحرية والسلام والعدالة والشفافية والتمييز الإيجابي  والتخطيط الاستراتيجي  القومي الشامل، المستند إلى البحث  العلمي، بالاستفادة القصوى من الموارد المادية والبشرية المتاحة، دون التعويل على الخارج ووعود المجتمع الدولي ووكلائه بالداخل، والذين هربوا عند انطلاق أول رصاصة، وتركوا الشعب ليواجه مصيره المحتوم وتجرع ويلات الحرب ومرارتها، واتخذوا موقف المتفرج على المآسي. 

وكذلك أعتقد وحسب ما أرى، أن هذا ما أجمعت علية كل القوى الوطنية الحية والشرفاء من أبناء السودان، الذين ظلوا مرابطين في أحلك الظروف، باعتبار أن هذه الأزمة التي اختتمت بالحرب اللعينة، سوف تكون آخر محطات الفشل، الذي لازمنا منذ فجر الاستقلال في أول يناير ١٩٥٦م، ويأيها الشرفاء الوطنيون إن مستقبل دولة السودان بين أيديكم، وإذا كان إعلان الاستقلال في العام ١٩٥٦م من داخل البرلمان، وثورة أكتوبر المجيدة ١٩٦٤م، وانتفاضة مارس- أبريل عام ١٩٨٥م، وثورة ديسمبر 2019م، كل هذه الأحداث الكبرى التي تحققت بتضافر وإجماع غالبية الشعب السوداني بمختلف إثنياتهم وعرقياتهم، ومختلف توجهاتهم السياسية، ومناطقهم الجغرافية، إلا أنها  لم يتبلور عنها مشروع قومي تلتف حوله كل جماهير الشعب السوداني، وكانت النتيجة الباينة والواضحة لكل ذي عقل، صراعات غير موضوعية بين الكيانات السياسية من فجر الاستقلال إلى يومنا هذا، وفي كل حقبة تزداد ضراوة وقسوة، وامتدت إلى عقود وسنوات، وفي الختام تمخضت عنها هذه الحرب اللعينة كتتويج لقمة الفشل في بناء دولة حديثة قائمة على مبادئ الحرية والعدل والمساواة والشفافية والتمييز الإيجابي، ومعايير تقدم للقيادة تستند على الكفاءة والجدارة الأكاديمية والمهنية والاستقامة والخلق القويم. 

وأيضاً أعتقد أن أحد أهم مخرجات هذه الحرب اللعينة، وبعد أن بلغ السيل الزبى، أنها كشفت خارطة الطريق للعقلاء والحادبين على المصلحة العامة من الشرفاء والوطنيين، المتجردين من الأجندة الخاصة داخلياً وخارجياً. 

إن الذي ينقص الشعب السوداني في هذه المرحلة، توحيد الجبهة الداخلية على قيم ومبادئ وثوابت تمثّل القاسم المشترك بين جميع مكونات المجتمع، بمختلف منطلقاتهم الفكرية وإثنياتهم ومعتقداتهم ومناطقهم الجغرافية. كما أن أهم مبادئ الديمقراطية تقتضي الاعتراف بالآخر، وقبول النقد الموضوعي البناء،  والإجماع على أن أسلوب الحوار الحر المباشر يمثل الوسيلة الناجعة  لحل كافة الخلافات، وأعيد وأكرر ما ذكرته من قبل في أكثر من مناسبة، أن التطور المفاجئ للأحداث في السودان، والترقب لمآلاتها بعد اندلاع هذه الحرب اللعينة،  وتداعياتها المتمثلة  في الحراك الجاري الان من أجل المستقبل الواعد،  يمثل اختباراً حقيقياً لحكمة ورشد القوى السياسية الفاعلة في السودان بشقيها العسكري والمدني، لمعرفة  واختبار مدى قدرتها على إدارة الصراع السياسي والعبور بالفترة الانتقالية القادمة إلى البر، والحفاظ على كيان دولة السودان من التشظي والتشرزم،  واخيرا  أعتقد أن أحد أهم مخرجات هذه الحرب اللعينة، توجيه رسالة للقيادات السياسية، الذين فشلوا في تحقيق الأمن والاستقرار، والذين نضب معينهم من إيجاد مخرج توافقي، وينبغي عليهم أن يفسحوا الطريق لغيرهم لطرح رؤاهم  والتداول حول الآراء والأفكار والطرح الموضوعي بحرية تامة وشفافية، بدلاً من التركيز على الأشخاص، ويجب أن تدرك القوى السياسية في مرحلة ما بعد الحرب من يمثل الشعب فقط من لديه خطط وبرامج ومشاريع ورؤية واضحة لاستشراف المستقبل.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *