• قبيل الثورة حين تضيق بنا الأمور بكل صمتها و ركودها واحابيلها وذلك الركون لواقع فتاك لا يراعي ولا يهمه ان يراعي كنت ألجا إلى صفحتي في الفيس وأودعها آخر ما جادت به القريحة .. وقد كتبت يوما كلمة و»بعدين» وتجاوب من أصدقاء الصفحة من تجاوب/ت ومنهن خالتي التي كتبت معلقة « ولا قبلين.»
في مثل تلك الظروف كنت ألجأ إلى مكتبتي الصغيرة فاتناول منها مجموعة روايات الطيب الصالح او ديوان امتي الذي غاب عني تاريخ اقتنائه سنوات وربما عقود بحساب السنين التي اطلق عليها محقا قا ئلها» السنين الهايفات».
كان القصيد في ديوان أمتي كفيلا بأن يخرجك من القوقعة وان يمدك بما تحتاجه من يقين وإيمان وجرعات الصمود والتحدي . وعندما التقيت بالطيب صالح هالني كم هو متواضع برغم هالات المجد والعظمة.
وعندما التقيت بمحمد المكي أيقنت بانني كسبت للتو بمعرفته على أرض الواقع ما يجعل المشي عليها اسهل ما يكون.
وعندما غادرت مجبرة داري ودياري كنت افكر في مكتبتي الصغيرة واقول لنفسي إن مجموعة روايات الطيب الصالح وديوان (امتي) سيكونا في مكانهما في امان ضمن مقتنياتي الأخرى من الكتب وان يد النهب لن تطولها. ولكن اذرع الحرب كذبتني عندما وصلنا الفيديو الذي صور عمارتنا وشقتي التي احتر قت وتدمر كل شيء فيها حتى البلاط. حينها قلت لأخ صديق كتب يسألني عن احوالي.
«عن احوالي .. الحمدلله على كل حال.. (مبلولة) من كل ناحية.. من العسكر .. من الدعم.. من الدولة .. من دولة ٥٦ من دولة ٨٩ من دولة اسه ..من المجتمع الدولي و المحلي ومن العالم اجمع . الله يصلح الحال.»
عدنا إلى مقعدنا في البلكونة نفكر في اللاشيء حتى غادر نا ها ذات (خروجة ) مساء الاحد الر ابع من مايو إلى قاعة في الجامعة الأمريكية والقوم يحتفون بختام تابين شاعر امتي. كان كل شيء جميلا بهيا كفيلا بإخراج نفس اثقلتها الحرب والنزوح من جب اللا يقين.
القاعة بالغة الفخامة التي تذكرك بقاعة الصداقة وقاعة الشارقة عندما تحتفيا بالأدب والادباء. وهل من تاني عودة؟ ام ان الدمار والحريق فعل ما فعله بالبيوت والأجساد؟
كان الأخراج جميلا والمعارض الصغيرة لبست ثوب الفخامة والأناقة وكل شيء وكان العرض شيقا تجلله مهابة و البرنامج تميز بتنوعه( نثر وشعر ومسرح واناشيد ) والتقديم الر اقي وكلمة اسرة شاعرنا وكلمات من اعلام بلادي كلها جعلت الناس في القاعة وخارج القاعة تنشد وتهتف بما هتف به المكي في كل مراحل حياته التي أعطت كما يكون العطاء. كان كل شيء يدعو للغبطة وكنت ترى الغبطة في عيون الصغار والكبار وكأنهم يقولون لبعضهم البعض «من غيرنا»؟