
الناجي حسن صالح
رئيس التحرير
• لم تكن الخيانة يوماً بهذا الوضوح، ولا الغباء بهذا السفور! فها هو حاكم دويلة الإمارات، التي لم تكن سوى رملة جرداء قبل أن تمنحها براثن الاستعمار نفطاً وورقة في لعبة الأمم، تتحول إلى سكين مسمومة تغرز في خاصرة الأمة. لقد صدّق حكام الإمارات أنهم لاعبون أذكياء على طاولات الكبار، وأنهم يستطيعون بمالهم القذر أن يشتروا الأرض والعرض، فإذا بهم مجرد أدوات في يد من يريد للأمة أن تظل جثة ممزقة، تُنهش قطعة وراء الأخرى.
لقد حوّلوا غضب الأمة – ببلاهة – من العدو الصهيوني إلى أنفسهم، فبدلاً من أن تتجه سيوف العرب نحو الغاصبين، انقلبت إلى صدور الإخوة. اليمن، السودان، العراق، سوريا، ليبيا… دول مزقتها أيادي حكام الإمارات وأموالهم الزنخة، ظناً منهم أنهم بذلك يحمون أنفسهم، فإذا بهم يحفرون لحودهم بأيديهم. لقد نسوا أن النار التي توقد في بيوت الجيران لا بدّ أن تصل إلى عتباتهم، وأن الدم الذي يسيل في شوارع العرب سيكون أولى أن يتحول إلى طوفان يغرقهم هم قبل غيرهم.
ألم يكن الأجدر بهم أن يصطفوا مع أبناء جلدتهم ضد العدو الحقيقي؟ ألم يكن الأجدى أن تُوجّه ملياراتهم نحو تحرير فلسطين بدلاً من شراء المرتزقة وتفكيك الدول؟ لكن الخيانة لا تعرف منطقاً، والجهل لا يرعى إلا مصالحه الآنية. فها هم يشترون الولاءات الزائفة، ويبنون ناطحات السحاب على أنقاض أشلاء الأمم، ويظنون أنهم بذلك قد ضمنوا بقاءهم. يا لسخرية القدر! فالأمم التي تخون لا تُبنى لها قصور، وإنما تُحفر لها قبور.
الإمارات، تلك الدولة الصنيعة، التي لم تكن يوماً أكثر من وكيل خادم لأجندة غربية وصهيونية، تظن أنها بشراء الذمم وتمويل الميليشيات وتفكيك الدول قد بنت لنفسها حصناً منيعاً. ولكنها غافلة عن أن التاريخ لا يرحم من خان أمته، وأن الشعوب التي أُذيقت مرارة الخيانة لن تنسى. فكل انفجار في صنعاء، وكل جثة في السودان، وكل دمار في العراق وسوريا وليبيا، هو وقود لغضب عارم سينفجر في وجههم عاجلاً أم آجلاً.
وما أقسى أن تكون الخيانة من داخل الجسد نفسه! فبينما كانت الشعوب العربية تحلم بالوحدة والتحرر، كانت حكومة الإمارات تعبث بمصيرها كالطفل الذي يحرق بيتاً لُعبة دون أن يدرك أن النار قد تلتهمه. لقد باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر، وظنوا أنهم بذلك قد اشتروا الأمان، لكنهم لم يعرفوا بعد أن من يتاجر بأمته لا وطن له، ولا مستقبل. فما قيمة التحالف مع المحتل إذا كان الثمن هو الكراهية الأبدية من كل عربي حر؟
لقد تحولت الإمارات إلى وكر للفساد، تستقبل الأموال الآسنة والوضرة من كل ميمنة، كأنها بذلك تبني مجداً، لكنها في الحقيقة تبني سرداباً من الخزي والعار. فما قيمة المال إذا كان الثمن هو العدو؟ وما قيمة البنيان إذا كان أساسه دماء الأبرياء؟ إنهم يعيشون في أوهام النفوذ، غافلين عن أنهم مجرد أداة مؤقتة في لعبة الكبار، وسيُلقى بهم جانباً حين تنتهي مهمتهم، كما أُلقيت كل الدمى من قبلهم.
فليفرحوا اليوم بما جنوه من دمار، فغداً سيكونون هم الضحية التي أُعدت ببراعة، على غفلتهم. فالأمة التي لا ترحم خوّنتها لن ترحمهم، والغضب المكبوت لا بد أن ينفجر. وحكومة الإمارات، بقصر نظرها وغدرها، قد زرعت بذور هلاكها بيدها، وسيحصدون العاصفة التي أطلقوها. فشتان بين من يبني أمته، ومن يهدمها ثم يبكي على أطلالها!
شارك المقال
من رمال النفط إلى ركام الخيانة
هل كان بوسع الأمارات لو صدقنا هذا الزعم ،بان تفعل شيئا في السودان ، لو كانت الامور في السودان تسير بنهج سليم؟
لو كان الحكم ديموقراطي ؟
أو كان الحاكم علي وعي وادراك ومعرفة بالسياسات العامة؟ خاصة السباسة الأمنية والعسكرية؟ والتي من اولي بنودها :جيش واحد…ولو لم يلجا الي صنع المليشيا؟ ولو لم ينقلب من جاء بعد الثورة عليها وسعي لتمكين الجنجويد ,لترسيخ سلطته وتحقيق احلامه الغبية؟