محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• لكل مدينة من المدن أعيانها ومشاهيرها وظرفاؤها، الذين يحبهم أهلها ويحتفون بهم، ويسعدون بمجالستهم وبقصصهم وحكاياتهم، ومن هذه المدن مدينة أمدرمان العاصمة الوطنية، ذات التاريخ العريق والماضي التليد والحاضر المشرق، كيف لا وهي عبارة عن سودان مصغر، اجتمع فيها الناس من جميع أنحاء البلد، فغالبية أهل الولايات لهم أهل في أمدرمان، وكثير من الناس عاشوا فيها فترات إما أتوا للدراسة، وإما للعلاج، وآخرون ارتبطوا بالعمل في العاصمة لكنهم فضّلوا السكن فيها. هذا غير الوافدين من مصر وتشاد وإثيوبيا والمغرب ونيجيريا وتركيا والهند وغيرها من الدول، الذين اندمجوا في هذا المجتمع وصاروا معلماً من معالمها. ومن لم يكن من أهل أمدرمان سكناً فهو مرتبط بها وجدانياً، فهي ترسل صوتها عبر أثير الإذاعة السودانية (هنا أمدرمان)، فالأذان يرفع عبر الإذاعة مع الجملة الشهيرة (وعلى مستمعينا في الأقاليم مراعاة فروق الوقت)، وهناك من يتابع البرامج الدينية فيستمع إلى تلاوة القرآن بصوت الشيخين عوض عمر وصديق أحمد حمدون، وإلى برنامج تفسير القرآن الذي يقدمه البروفيسر عبدالله الطيب، يشاركه التلاوة الشيخ صديق أحمد حمدون، وكذلك برامج المديح بصوت أولاد حاج الماحي، والسماني أحمد عالم، وحاج التوم من الله، وغيرهم من المداح والمنشدين. 

وأهل الفن يتابعون  برنامج (حقيبة الفن)، وبرنامج (من ربوع السودان). وأهل اللغة مع برنامج (لسان العرب)، الذي يقدمه الأستاذ فراج الطيب. وإلى جانب الإذاعة  السودانية احتضنت أمدرمان مباني التلفزيون القومي.

أما أهل الرياضة ومشجعو كرة القدم، فتتجه أنظارهم نحو حي العرضة (شمال) حيث مقر نادي الهلال، وحي العرضة (جنوب) حيث مقر نادي المريخ، والضلع الثالث فريق الموردة، الذي ذاع صيته ورسم لاعبوه ومشجعوه صورة زاهية، جذبت له الأنظار وجعلت له قاعدة عريضة من الجمهور في كل المدن، (نرجو عودة الهلب إلى سابق عهده قريباً). 

وعلى ضفاف النيل يقف مبنى نواب  البرلمان، الذي يتغير اسمه حسب النظام الحاكم، فكان اسمه (مجلس الشعب)، في عهد الرئيس نميري، ثم أطلق عليه اسم (الجمعية التأسيسية) في عهد الصادق المهدي، وأخيراً تحول إلى (المجلس الوطني) في عهد الرئيس عمر البشير. (وهو دليل يقف شاهداً على عمق الأزمة، فأهل السياسة يختلفون حتى على المسمّيات، وكل نظام همّه الأكبر كنس آثار النظام السابق). 

ويقابل مبنى المجلس الوطني قصر الشباب والأطفال، الذي قدم الكثير المفيد للشباب، من دورات تدريبية في الحرف المختلفة، إضافة إلى الأعمال الرياضية والثقافية.

وبعد هذه السياحة التعريفية ببعض معالم أمدرمان من مؤسسات ومبانٍ، ننتقل إلى قصص وحكايات عن بعض الشخصيات المشهورة بظرفها ومواقفها التي يتناقلها الناس جيلاً بعد جيل. ومن هذه الحكايات ما يلي:

حبابك ثمانية

يحكى أن أحد شعراء أمدرمان المخضرمين ذهب إلى دار شخصية مشهورة بالجود، فوجد معه جماعة من الناس، فألمح له بحاجته، وهنا استدعى الرجل أحد معاونيه وهمس له في أذنه، فنادى الرجل الشاعر ومنحه 8 جنيهات، فلم يقتنع بها الشاعر، فعاد إلى مجلس صاحب الدار ووقف بحيث يراه، وقال له: (لقد سمعنا حبابك ألف، وحبابك مية، وحبابك عشرة، لكن لم نسمع بحبابك تمانية). 

سيد الديم

من ظرفاء أمدرمان لاعب المريخ السابق كمال سينا، وهو صاحب طرفة، ويمتاز بسرعة البديهة، يحكى أنه في إحدى المباريات كان المريخ متقدماً على فريق ديم سلمان بستة أهداف، وفي الدقائق الأخيرة للمباراة استبدل فريق ديم سلمان أحد لاعبيه، وعند نزول اللاعب البديل لم يعرفه أحد من لاعبي المريخ، فصاروا يسألون بعضهم عن هذا اللاعب، وعندما سألوا كمال سينا قال لهم: (ما عارف لكن أمكن يكون سلمان سيد الديم ذاته). 

مشكلة الكهرباء 

حكا الراحل كمال سينا أن إحدى جاراته جاءته تطلب مساعدته، لأن الكهرباء انقطعت عن بيتها، وبعد قليل زاره طلاب لديهم استبانة، طالبين مساعدته لهم في مشاركة جيرانه في الإجابة عن الأسئلة، فذهب بهم من ضمن جيرانه إلى المرأة، وقال لها هؤلاء سيسألونك عدد من الأسئلة، وظنت أنهم من شركة الكهرباء فبدأت تجيب عن الأسئلة هل البيت ملك أم إيجار.. عدد أفراد الأسرة.. العمر.. وعند سؤالها عن المستوى التعليمي: أميَّة يا حاجة؟ فأجابتهم: لا يا أولادي لأن جيرانا كلهم مولعين!

رحم الله الراحلين ممن ذكرناهم، وجزاهم عنا خير الجزاء.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *