من الأبيض إلى الضعين.. الجيش يحسم المعركة الكبرى  

70
لؤي إسماعيل مجذوب 2

لؤي إسماعيل مجذوب

ضابط سابق - باحث في شؤون الأمن الوطني والحرب النفسية

• كازقيل لم تكن مجرد مواجهة، بل كانت زلزالاً عسكرياً هز الأرض تحت أقدام المليشيا. في ساعات قليلة، تحولت عرباتهم إلى حطام، وقادتهم إلى أشلاء، وانكشفت أوهام «التمرد الذي لا يُهزم». لقد أطلق الطيران الحربي نيرانه الدقيقة، فاخترقت السماء العالية لتصيب الهدف في قلبه، وأعلنت أن مرحلة جديدة قد بدأت… مرحلة الحسم.

السلاح الجديد… بداية العد التنازلي

عشرة لاندكروزر، مصفحة تقل أربعة من قادة الميدان، وخمسون عربة أخرى، وثلاث شاحنات كبيرة وتناكر وقود، كلها تلاشت تحت ضربات السلاح الجديد الذي دخل الخدمة. في كازقيل وحدها، تجاوزت خسائر المليشيا المائة قتيل، وتلك ليست إلا الضربة الأولى. إنها رسالة واضحة: لم يعد هناك مكان للاختباء، فالقوات المسلحة باتت تملك ما يحدد الهدف ويدمره حتى لو كان في باطن الأرض.

المليشيا… بلا رأس ولا روح

عقيدة التمرد قامت على القائد الميداني الذي يتقدم الصفوف ويُعتبر الأب الروحي للمجموعة. اليوم يسقط هؤلاء القادة واحداً تلو الآخر، ومع كل سقوط تنكسر مجموعة كاملة. هذا النزيف القيادي حوّل المليشيا إلى جسد بلا رأس، وروح بلا سند، يترنح تحت ضربات الطيران، ويفقد تماسكه في الميدان.

التصدعات القبلية… معركة داخلية

في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش من الأبيض إلى الفولة، تشتعل داخل المليشيا صراعات الرزيقات والبني هلبة والسلامات. حميدتي منح أقاربه «لحم الصدر» وترك للحلفاء الفتات، بينما جلب المرتزقة الأجانب ليقاتلوا بالنيابة. النتيجة: مليشيا متناحرة، فقدت أي مشروع جامع، وأصبحت كتلة قبلية متفككة لا تصمد أمام زحف جيش نظامي.

الكباشي في الأبيض… إعلان ساعة الصفر

زيارة الفريق شمس الدين كباشي إلى كردفان كانت نقطة التحول. لم يتحدث عن هدنة أو مساومة، بل أعلنها حرباً مفتوحة حتى تحرير دارفور وجبال النوبة. اجتمع مع قادة الفرقة الخامسة مشاة، أعرق وأكبر فرق الجيش السوداني، وأكد أن القوات المسلحة هي الأصل، وما عداها تفاصيل زائلة. وقراره بإخلاء المدارس والمرافق المدنية من الجيش أكد أن القوات المسلحة لا تحتل المدن بل تحررها وتعيد إليها الحياة.

الطريق إلى الضعين… قلب المعركة الكبرى

من الأبيض إلى الدبيبات والفولة، الطريق يقود مباشرة إلى الضعين، معقل المليشيا وحاضنتها الأولى. إذا سقطت الضعين، فإن بقية التمرد لن يبقى منه سوى هزائم متناثرة. الزحف بدأ، والسلاح الجديد يتقدم، والإرادة الشعبية والعسكرية تلتقي عند هدف واحد: إنهاء الفوضى إلى الأبد.

الخاتمة… جيش واحد، راية واحدة

هذه ليست حرب جغرافيا، بل حرب وجود. هي معركة لاحتكار السلاح لصالح الدولة، وإغلاق الباب أمام أي «دعم سريع جديد». ومعركة كازقيل كانت الصاعق الذي أشعل النهاية، والزحف نحو الضعين سيكون الصفحة الأخيرة في كتاب الفوضى.

إلى الجنود: أنتم رأس الرمح وصانعو النصر.

إلى الشعب: اصبروا ساعة فالنصر يقترب.

إلى المليشيا: زمن الفوضى انتهى… ومن الأبيض إلى الضعين الجيش يحسم المعركة الكبرى.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *