د. عبدالمنعم

د. عبدالمنعم سليمان الحسين

كاتب صحفي

• تدوي الصواريخ، وترسل الطائرات شواظاً من نار، والمسيَّرات تعيث في الأرض فساداً، وتغلق المعابر، ويمنع الصغار من جرعات حليب دافئة تبلل حلوقهم الجافة، وتسكت صوصوة مصارينهم التي لم يجد الطعام لأيام سبيلاً إليها، وعندما يصحو الأمين العام للأمم المتحدة، ويفرك عينيه قبل أن يتناول إفطاره الشهي، تأتيه التقارير تباعاً عن أنَّات أمهات،  انهارت أسقف الدور عليهم، من طائرات، تنزل الحمم، ومسيَّرات تزهق الأرواح والناس نيام، ومثل هذه الأرواح لا تحلم الأحلام الوردية، بل هي كوابيس مستمرة، تزعجهم، وتفزع النائمين بقربهم، وهناك صراخ وعويل، وغبار يتعالى،  ودوي عالٍ لبيت يتهدَّم على رؤوس ذويه، وشيخ وقور يمسح عن لحيته غبار الهدم، طاشت عنه سهام الردى، وهو يهمهم… أسرة كاملة مسحت من سجلات السجل المدني، ولكنها لم تمسح من رحمة الله. 

كل ذلك وأمين الغفلة المتحدة، يقطع بيمناه بالسكين قطعة أستيك ساخن، ويغرز فيها بيسراه شوكته في مائدة الإفطار العامرة أيضاً بالكافيار،  وبجوار الطاولة حسناوات يخدمن عليه بالمشروبات، حتى يسهل عليه هضم المأكل. 

كل ذلك سبحان الله، لم يجعله يتذكر أطفالاً جوعى، لأمهات جفّت منهن الأثداء.

يتأنق بعد ذلك أمين الحسرة المتحدة

وسائق عند بوابة المبنى الشاهق ينحني ليفتح له الباب، ليخرج تسبقه إلى رهط من الإعلاميين، والصحفيين، رائحة برفان نافذ.

وهنا يلقاه الصحفي الأول، ويسأله

ما رأيك في مجزرة الأمس؟ ويعقِّب آخر من سيطفئ لهب فناطيز الغاز المشتعلة، وآخر يسأل محتجاً من سيفك حصار معبر جائر يخنق فيه هذا الطفل بمصران الآخر، ومن سينبش جثثاً انهار عليها المبنى طابق عن طابق.

وهنا يستقيم الأمين العام في وقفته أمام هذا الرهط من الإعلاميين، والصحفيين،  ليعلن لهم قلقه، وشجبه، واستنكاره، لقتل المدنيين الأبرياء، وتجويع الأطفال بالحصار، وتخريب البنى التحتية، وأثناء هذا القلق، والاستنكار والشجب، تخرج الطائرات، والمسيَّرات، والصواريخ ألسنتها، وتواصل صب الجحيم على رؤوس الأبرياء، وتهدم الدور، وتشعل الحرائق،، علماً بأن ميثاق هذه الأمم المتحدة قد نص في ديباجته على

(أن تنقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف). 

هاتان المرتان يقصد بهما الحربين العالميتين الأولى والثانية، رغم أن أعداد الحمقى من دول الاستكبار حالياً، أكثر إيذاء من هتلر، وموسليني.

وهذه الأحزان قد تضاعفت حالياً بحكم القوي على الضعيف، وهنالك دولة تعربد، حالياً  وعدوانها، ويدها تطول القاصي والداني، ودولة إستكبار أخرى تصفق لها، وتحميها من كل قرار إدانة بالفيتو الظالم، وأمين الغفلة يقلق، ويشجب، ويستنكر، وأزيز المسيَّرة والطائرة، يقهقه، ويستهزئ.

غبار داحس وغبراء الحروب في العالم، لم يترك حمامة تنعم بالهديل،

ولا غصن زيتون أخضر يتمايل مع 

غناء العندليب، فأكرانيا وروسيا تجاوزا الثلاثة أعوام، وما زال صهيل خيلهم يصم الآذان، والنتن ياهو لم يكفه دمار غزة، بل رماحه طالت سوريا الوليدة التي تحبو في سجاجيد الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وهناك تناطح بقرون نووية بدأ بين الهند، وباكستان، واليمن السعيد، فارق السعادة، وهو يتلقى ضربات اليانكي وإسرائيل، وهو يراشق براً، وبحراً، دون تأثير واضح، وهنالك في كوريا الشمالية، حاكم مزهو، منفوخ، وسادات نومه حشايا نووية، وإن داهمه كابوس مزعج بعد عشاء متخم، فالرفس سيكون على الذر النووي، ويا دار ما دخلك شر، ويومها لن يجد أمين الأمم المتحدة لساناً يشجب، ويستنكر، وقلباً يقلق، فالكل سيكون غباراً ذرياً، وإيران حتماً لن تفلح في تخصيب اليورانيوم.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *