منتدى الشعراء السودانيين بالقاهرة.. يفتح أبواب التلاقي الثقافي

68
حسن عبدالرضي

حسن عبدالرضي الشيخ

كاتب صحفي

• من قلب القاهرة، وفي ظل ظروف بالغة التعقيد يعيشها السودان وأبناؤه في المهجر، يبرز «منتدى الشعراء السودانيين بمصر» كمنارة مضيئة تجمع حولها الشعراء والمبدعين، وتعيد للثقافة السودانية ألقها وحضورها. هذا المنتدى الذي أسّسه الشاعر يوسف عبد الرضي، تجاوز حتى الآن أربعين جلسة منتظمة، شكّلت كل واحدة منها عالماً صغيراً من الجمال والتنوع والتفاعل الخلاق.

ما يميز هذا المنتدى أنه لم يقتصر على الشعراء فحسب، بل فتح أبوابه مشرعة للفنانين والموسيقيين والدراميين والروائيين والصحافيين والنقاد والمفكرين، ليصبح بحق منصّة جامعة لكل ضروب الإبداع. جلساته اتسمت بالتنوع المدهش: من شعراء الأغنية الذين يضيئون وجدان الشعب، إلى شعراء الدوبيت الذين يحفظون جذور الموروث الشعبي في أبهى صوره، مروراً بالمبدعين الذين يكتبون بلغة الحداثة والانفتاح.

ولم يقف المنتدى عند حدود السودانيين وحدهم، بل استضاف رموزاً من بلدان عربية شتى، بينهم شعراء وأدباء ونقاد من مصر والجزائر ولبنان واليمن. ومن خلال هذا التلاقي الثري، انفتح الأفق على حوار حضاري وثقافي يعزز من مفهوم «تلاقح الثقافات»، حيث يلتقي الإبداع السوداني بتيارات الشعر والفكر العربي في مساحة واحدة تتسع للجميع.

لقد تحول المنتدى إلى رافد مهم من روافد الثقافة السودانية في المهجر، يربط الأجيال الجديدة بذاكرة الشعر السوداني وتراثه، وفي الوقت نفسه يفتح الباب للتجديد ومواكبة العصر. فاللقاءات لم تكن مجرد أمسيات شعرية تقليدية، بل فضاء للنقاش والنقد والحوار، وفرصة لبناء جسور إنسانية وفكرية بين مبدعين من مدارس متباينة.

إن ما يقوم به يوسف عبد الرضي وفريق المنتدى مجهود عظيم يستحق التقدير، فقد استطاعوا أن يثبتوا أن الثقافة السودانية قادرة، رغم المحن، على أن تمدّ جذورها في أرض جديدة وتزهر. الإشادة بهذا العمل ليست مجاملة، وإنما واجب تمليه الأمانة، لأنه يسهم في صون هوية السودان الثقافية، ويقدّم للعالم صورة مشرقة عن أبناء وطنٍ لم تضعفهم الأزمات، بل جعلت من إبداعهم جسراً للتواصل والسمو.

في النهاية، يمكن القول إن «منتدى الشعراء السودانيين بمصر» ليس مجرد تجمع أدبي، بل مشروع وطني وثقافي كبير، يؤكد أن الكلمة والفن يملكان من القوة ما يجعلها تتجاوز الجغرافيا والحدود، وهو نموذج ملهم لكل مبادرة ثقافية في المهجر، تضع الإنسان السوداني وثقافته في قلب المشهد العربي والعالمي.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *