تفاصيل مثيرة وخطيرة يرويها مفتي القاعدة عن الفترة التي قضاها بن لادن في السودان ..؟

127
ولد الوالد

متابعات – «فويس»

كشف مفتي القاعدة السابق محفوظ ولد الوالد في برنامج «مع تيسير» الذي تبثه الجزيرة الفضائية عن معلومات وتفاصيل مثيرة وخطيرة عن الفترة التي قضتها التنظيمات الإسلامية الجهادية في السودان .. وتطرق ولد الوالد في هذا الحوار إلى علاقة التنظيم بمحاولة اغتيال حسني مبارك في ١٩٩٥ .. وهل كانت الحكومة السودانية على علم؟ وحجم استثمارات بن لادن في السودان وعلاقته بالسودان والحكومة؟ وعرض تنظيم القاعدة المشاركة في حرب جنوب السودان ورد الحكومة على هذا الطلب؟

كما سرد محفوظ قصة إعدام “الجهاد” المصرية ابني اثنين من قادتها في الخرطوم .. وعلاقة السفارة المصرية؟ والأمن السوداني في القضية المثيرة.. والتي نبدأ بها تفاصيل الحوار المثير ..

مفتي القاعدة السابق يروي قصة إعدام «الجهاد» المصرية ابني اثنين من قادتها

أثار إعدام جماعة الجهاد المصرية شابين تعاونا مع الأمن المصري سخطا واسعا بشأن عدالة المحاكمة، وسرَّعت بخروج كافة الجهاديين من السودان، كما يقول المفتي السابق لتنظيم القاعدة محفوظ ولد الوالد.

ووفقا لما قاله ولد الوالد في برنامج “مع تيسير”، فقد حظيت الجماعات الجهادية في السودان بمكانة ملحوظة وتركزت في العاصمة الخرطوم، مما جعلها صيدا ثمينا لأجهزة الاستخبارات التي كانت تعمل على تتبع أعضائها.

ولم يكن من الصعب الوصول إلى المجاهدين في السودان لأنهم كانوا يسكنون أحياء راقية ويتميزون ببشرتهم المختلفة عن بشرة السودانيين، فضلا عن أنهم كانوا يتحركون بأريحية ويعملون في العديد من الشركات المعروفة.

ولعبت السفارة المصرية في الخرطوم دور البطولة في تتبع هذه الجماعات وخصوصا التابعين لجماعة الجهاد المصرية التي قال ولد الوالد إنها كانت تعيش صداما كبيرا ومكشوفا مع حكومة بلدها في ذلك الوقت.

ونجحت السفارة -وفق المتحدث- في التواصل مع اثنين من أبناء المجاهدين، كان أحدهما ابن المسؤول الشرعي في جماعة الجهاد، والآخر كان ابن محاسب في شركة “وادي العقيق” المملوكة لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وحسب المفتي السابق للقاعدة، فقد استدرجت السفارة هذين الولدين، وكانا في سن صغيرة جدا، لأحد البيوت التابعة للأمن المصري، وخدرتهما وصورتهما في أوضاع مخلة ثم هددتهما بنشر الفيديو ما لم يتعاونا معها.

تحصيل سيل من المعلومات

وعن طريق هذين الولدين، تعرفت السفارة على مقر قيادة جماعة الجهاد في الخرطوم والتي كانت تحت قيادة الدكتور أيمن الظواهري في ذلك الوقت، فاستأجرت السفارة البيت المقابل للمقر ونصبت كاميرا لتصوير كل من يدخل أو يخرج من وإلى هذا المقر، كما يقول ولد الوالد.

ومن خلال هذه الصور، كانت تتعرف من الولدين على هؤية الشخصيات التي تتردد على المقر، وكل ما أمكن من تفاصيل عنهم خصوصا وأن والد أحدهما كان مسؤول الوثائق في الجماعة، ومن ثم فقد كان عنده الكثير من المعلومات الشخصية للمجاهدين.

ووصل الأمر إلى قيام هذين الولدين بسرقة بعض الوثائق وصور الجوازات المزورة للمجاهدين، كما تمكنت السفارة من التواصل مع مصور الجماعة وحصلت منه على الكثير من الصور التي تعرفت منها على شخصيات أصحابها.

وبناء على هذا الأمر، حصلت السفارة على كم كبير من المعلومات الخاصة بالمجاهدين وأولادهم ونسائهم، واعتقلت بعضهم، ووصل الأمر إلى تكليف أحد الولدين بوضع حقيبة مفخخة في مقر الجماعة.

كشف الشابين وإعدامهما

وفي هذه الفترة، كان الأمن السوداني يتابع حركة الدبلوماسيين المصريين بسبب الخلاف بين نظامي البلدين في ذلك الوقت، حتى تم رصد ابن المسؤول الشرعي بجماعة الجهاد أكثر من مرة وهو يركب أحد سيارات السفارة المصرية.

وسارع الأمن السوداني لإبلاغ الجماعة بهذا الأمر، فسارعت الأخيرة بالتحقيق مع الولدَين بسرعة واستخدمت ضدهما كل الوسائل الممكنة لمعرفة ما حدث بالضبط، وقد صدمت بحجم المعلومات التي قاما بتوصيلها للمصريين.

كما صُعقت الجماعة عندما عرفت أنهما على بعد خطوة واحدة من عملية تفجير مقر الجماعة لاغتيال قادة التنظيم كلهم في ضربة واحدة، مما دفعها لمحاكمة الولديْن، وصدر بحقهما حكم بالإعلام نفذته بشكل فوري.

وقال الوالد إن ذوي هذين الولدين والمسؤولين في تنظيم القاعدة صعقوا بمسألة إصدار الحكم وتنفيذه بهذه السرعة لدرجة أن أحد الولدين لم يكن يعرف بالأمر إلا عندما أبلغه والد الآخر بما جرى في حضور ولد الوالد.

سخط كبير

وأثارت هذه الخطوة سخطا كبيرا لدى عائلتي الولدين اللتين ذهبتا إلى أسامة بن لادن وأخبروه بقتل ولديْهما، فكلف ولد الوالد بمقابلة أيمن الظواهري وتحري حقيقة ما جرى منه.

وعندما ذهب ولد الوالد للظواهري، كان رد الأخير أن الولديْن ليسا أطفالا وإنما شباب، وقد مارسا اللواط وتعاملا مع الأمن المصري وكانا على وشك إلحاق ضرر كبير بالتنظيم من خلال تفجير مقر قيادته، وأكد أنهما حوكما محاكمة عادلة.

لكن ابن لادن لم يقتنع بهذا الأمر، وأكد ضرورة ترضية ذوي الولدين حتى لا يحدث صدام مع الحكومة السودانية التي قامت جماعة الجهاد بعملها دون عملها، وقد كانت هذه الواقعة -وفق ولد الوالد- أحد أهم أسباب خروج الجماعات الجهادية من السودان.

والتقى والد أحد الولدين فكان رده أنه كان سيرضى بحكم الشرع لو أن ابنه حوكم محاكمة شرعية عادلة، مؤكدا أن ما جرى هو أنه سلم ابنه لمجموعة من القتلة نفدت فيه حكما غير عادل.

وبالفعل، كلَّف ابن لادن ولد الوالد بحل هذا الخلاف بطريقة شرعية، لكنه رفض وقرر الاستعانة بأحد قضاة السودان الشرعيين المشهود لهم بالعدل، غير أن جماعة الجهاد رفضت المثول أمام الرجل، وهرّبوا الرجل الذي أصدر حكم الإعدام على الولدين إلى الخارج.

وانتقد ولد الوالد هذه العملية، قائلا إن جماعة الجهاد كانت هي الخصم والحكم في هذه القضية وكلفت شخصا لا يملك القدر الكافي من العلم بالحكم في القضية وتجاهلت أنه نفسه كان من بين المستهدفين بالقتل بما يعني أنه طرف أصيل في المشكل.

ورغم تملص الجهاد من تسوية هذا الخلاف، فإن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد خصوصا وأن الأمن السوداني هو من أبلغ الجماعة بأمر هذين الولدين، ولم يكن يتصور إقدام مجموعة من المطاردين بإعدام الناس نيابة عن الدولة.

وفي الحلقات السابقة تحدث مفتي تنظيم القاعدة السابق محفوظ ولد الوالد عن الحصار الذي تعرض له السودان مطلع تسعينيات القرن الماضي والذي كان بسبب توجهه الإسلامي بحسب اعتقاد، ويرى أن تخلي الخرطوم عن أسامة بن لادن كان أملا في رفع هذا الحصار.

وفي الحلقة السابعة من برنامج “مع تيسير”، قال ولد الوالد إن مؤسس القاعدة ضخ كثيرا من الاستثمارات في السودان لمساعدته على تخطي تداعيات الحصار، وإنه قدم له كثيرا من القروض والأسلحة.

وعن انتقاله من موريتانيا إلى السودان، قال ولد الوالد إنه كان يأخذ على جماعة الإخوان المسلمين -التي كان عضوا بها- تحولها إلى جماعة سياسية أكثر من كونها جماعة دينية، وقد أيده في ذلك كثيرون، كما يقول.

كما أخذ على الجماعة أنها “جماعة نخبوية لا تضم كل أطياف الناس، فضلا عن جنوحها إلى العلمانية الإسلامية”، حسب وصفه.

وبسبب هذه المآخذ، انتقد الرجل تنظيم الإخوان وذلك في بحثه عن “الصحوة الإسلامية في موريتانيا”، وهو نقد يقول إنه رآه واجبا عليه من باب النصح، وإن لامه عليها كثيرون من أعضاء الإخوان.

بعد ذلك، سافر ولد الوالد إلى السودان الذي “كان يفتح أبوابه مطلع تسعينيات القرن الماضي أمام كل من هو إسلامي وعربي بعد الانقلاب الذي قاده مجموعة من الضباط الإسلاميين بالتعاون مع الدكتور حسن الترابي”.

وفي تلك الفترة، كان كثيرون من مجاهدي أفغانستان ينتقلون للسودان بعدما سقط الحكم الشيوعي في أبريل/نيسان 1992، واندلع الاقتتال الداخلي بين الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمت يار والجبهة الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني، لأن “الأفغان العرب” اعتبروا هذا القتال فتنة ونأوا بأنفسهم عنه.

أثر الحصار على السودان

وتزامن هذا الانتقال مع الغزو العراقي للكويت وما ترتب عليه من خلاف بين السودان والسعودية بسبب الموقف من الإتيان بالقوى الغربية لإخراج قوات صدام حسين من الكويت، حسب ولد الوالد.

وقبل هذه الفترة، كان مؤسس القاعدة أسامة بن لادن قد انتقل من باكستان إلى السودان بعد معلومات بأنه مستهدف من جانب أجهزة استخبارات غربية، وقد ضخ كثيرا من الاستثمارات في الخرطوم التي كانت محاصرة من غالبية الدول آنذاك.

ومع الاختناق الاقتصادي الذي عاشه السودان في تلك الفترة، بدأت حكومته استقبال عدد من المجاهدين والإسلاميين، وهو ما دفع ولد الوالد للسفر إلى هناك لمواصلة دراسته العليا والتعرف على التجربة السودانية الجديدة عن قرب، وكان ذلك نهاية 1992.

وعندما وصل ولد الوالد إلى السودان، كانت الحرب على “الأفغان العرب” قد بدأت، وهو ما دفعه لاستبدال جواز سفره الذي كان يحمل أختام الدخول من باكستان والخروج منها، تجنبا للمشاكل.

وكان ولد الوالد يعتقد أنه ذاهب إلى بلد زراعي غني بالخضرة والمزارع بالنظر إلى ما كان يسمعه من حكايات عن هذا البلد وما يمتلكه من ثروات، لكنه يقول إنه اصطدم بالواقع المغاير لهذه الصورة منذ اقتربت طائرته من الهبوط.

ومن بين المفارقات التي لمسها فور وصوله للسودان أن الناس كانوا يبحثون عن السكر ويشترونه بالعملة الصعبة بينما هو يمتلك 7 مصانع سكر محلية، وهو يقول إن أهل البلد أخبروه بأن الحصار الاقتصادي هو المتسبب في هذا الأمر لأنه يستنزف العملة الصعبة وهذا يدفع الحكومة لتصدير السكر بالعملة الصعبة.

وإلى جانب ذلك، شاهد ولد الوالد طوابير السيارات أمام محطات الوقود وأمام أفران الخبز، فضلا عن اعتماد سكان الأحياء الراقية في الخرطوم على الخشب لطهي طعامهم.

علاقة بن لادن بالسودان

ويؤكد ولد الوالد أن مبالغات كبيرة طالت استثمارات بن لادن في السودان والتي قال إنها كانت بعشرات الملايين وليست بمئات الملايين كما أشيع.

وبعد وصوله للخرطوم، التقى ولد الوالد أسامة بن لادن الذي كان قد استأجر عدة بيوت له وللمقربين منه في حي الرياض بالخرطوم، ومضافة للقادمين من أفغانستان.

ولما علم بن لادن بوصول ولد الوالد للمضافة بالخرطوم، زاره وتحدث إليه في لقاء يقول مفتي القاعدة السابق إنه يعتبره أول لقاء جدي بينهما، وقد تحدثا خلاله عن الأوضاع وعن بعض المشاريع في السودان.

ولم يكن المجاهدون العرب الذين وصلوا إلى السودان قد حددوا وجهتهم بعد، رغم أن حرب الصرب على المسلمين في البوسنة قد بدأت، كما يقول ولد الوالد.

وكان السودان قد منح بن لادن مساحات شاسعة من الأرض للاستثمار فيها، وقد أقام مطارا خاصا به في إحداها، وقد عزم على تحقيق طفرة زراعية وبنيوية في السودان لمواجهة الحصار بما في ذلك مشروع “طريق التحدي” الممتد من الخرطوم إلى عطبرة.

ووفقا لولد الوالد، فقد عرض تنظيم القاعدة المشاركة في حرب جنوب السودان، وهو ما رفضته حكومة الخرطوم حتى لا يتهموا بالاستعانة بمسلمي العالم على مسيحيي السودان.

لكن التنظيم كان يقدم النصح ويمول العديد من صفقات الأسلحة التي أبرمت مع الصين باسم بن لادن ووصلت للحكومة السودانية، فضلا عن هبات وقروض غير مستردة قدمها للدولة التي طالبته بمغادرتها بعد ذلك.

ويعتقد ولد الوالد أن السبب الرئيس لحصار السودان في تلك الفترة من الغرب وبعض العرب كان إعلانه توجهه إلى الحكم الإسلامي، بدليل أنه لم يدعم احتلال الكويت، وإنما عارض التدخل الأجنبي.

وتحت وطأة هذا الحصار، ومع ما يصفه ولد الوالد بقلة الخبرة، قدَّم السودان بعض التنازلات حتى يحصل على اعتراف الأسرة الدولية ومن ذلك تضييقه على الإسلاميين ثم إبلاغهم عدم الترحيب بهم على أرضه.

ويرى ولد الوالد أن من فقدوا أرواحهم دفاعا عن وحدة السودان وإسلاميته لو عادوا اليوم وشاهدوا من حدث من تفريط في وحدة البلاد وما آلت إليه أمورها لفكروا كثيرا قبل التضحية بأنفسهم.

كيف كانت علاقة بن لادن بالجماعات الجهادية خلال تواجده في السودان؟

شهدت فترة تواجد مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في السودان تحولا كبيرا في أفكاره حيث تحول عن مواجهة الحكومات، ورفض دعم الجماعات التي تمسكت بهذا النهج، كما يقول المفتي السابق للتنظيم محفوظ ولد الوالد.

ووفقا لما قاله ولد الوالد خلال حلقة 2025/5/10 من برنامج “مع تيسير”، فقد كان تنظيم “القاعدة” عندما انتقل من أفغانستان إلى السودان، يعاني تفاوتا في وجهات النظر بشأن كثير من القضايا، واختلافا في النظرة حتى لحكومة الخرطوم الإسلامية آنذاك.

وكان السبب الرئيسي في هذه الخلافات -حسب المتحدث- أن غالبية أعضاء التنظيم لم يكونوا يمتلكون العلم الشرعي الكافي، وكانوا يسارعون للتكفير رغم قلة علمهم.

ومن أبرز الخلافات التي تحدث عنها ولد الوالد، كان الموقف من حكومة الخرطوم الإسلامية آنذاك، ومدى التزامها بالمشروع الإسلامي، الذي لم يكن يطبق عمليا.

لكن المفتي السابق للقاعدة، يقول إن بن لادن كان يرى أن السودان هو القارب الوحيد الذي يقل كافة المجاهدين، وأن عليهم التعامل بواقعية لإنقاذ هذا القارب الذي أغرقته حكومة الخرطوم لاحقا، كما يقول ولد الوالد.

ولمعالجة هذا الأمر، قرر بن لادن وضع منهج جديد للتنظيم، وكلَّف ولد الوالد بهذه المهمة التي حاول من خلالها وضع القواعد التي ستحكم علاقات القاعدة بالحكومات والجماعات الإسلامية الأخرى وما سيستجد من قضايا الأمة.

إعادة النظر في العلاقات

وخلال هذه المرحلة، بدأ بن لادن يعيد النظر في علاقاته مع الجماعات الجهادية الأخرى بناء على تصوراته الجديدة ورؤيته لما يجب أن يكون عليه تنظيم القاعدة، والقضايا التي يلزمه التدخل فيها والطريقة التي سيتدخل بها.

ومن هذا المنطلق، تراجع دعم بن لادن للجماعات الجهادية التي كانت تربطه بها علاقات وثيقة خلال فترة الجهاد الأفغاني، والتي وصلت إلى السودان لاحقا.

وكانت جماعة الجهاد في مقدمة الجماعات التي تراجع دعم بن لادن لها خلال تواجده في السودان، رغم العلاقة الوثيقة بين الجانبين حيث شارك بعض مؤسسي الجماعة في تأسيس القاعدة، وفق ولد الوالد.

تراجع عن مواجهة الحكومات

بل إن أبو عبيدة البنشيري كان هو المسؤول العسكري في الجهاد وفي القاعدة، كما كان المدربون العسكريون للقاعدة في أفغانستان كلهم من أعضاء جماعة الجهاد، حسب ولد الوالد، الذي قال إن بن لادن كان يقدم الجزء الأكبر من تمويل هذه الجماعة.

وأحدث هذا التراجع في الدعم نوعا من الجفاء بين بن لادن والجهاد التي كانت ترى أنها صاحبة فضل في تأسيس وتدريب القاعدة، حسب ولد الوالد.

وخلال هذه الفترة، شنت جماعة الجهاد هجمات ضد الحكومة المصرية وضربت سفارة القاهرة في إسلام آباد، لكن هذا كله لم يكن بعلم بن لادن، مما دفعه للابتعاد تماما عن هذه الجماعة والتوجه بشكل أكبر لدعم العمل السلمي المنضبط بدلا من مواجهة الحكومات.

ومع ذلك، فقد تعاون القاعدة مع جماعة الجهاد في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا سنة 1995، كما يقول ولد الوالد.

إلا أن المحاولة الفاشلة التي جرت بعد عامين لاغتيال مبارك كانت سببا في إخراج كافة الجماعات الجهادية من السودان. والسبب في ذلك، كما يقول ولد الوالد، أن محاولة اغتيال مبارك سنة 1995 جرت دون علم الحكومة السودانية التي كانت قد بدأت في تغيير مواقفها من الجماعات الجهادية.

نمط حياة بن لادن وإدارته للتنظيم

رغم إقامة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن العديد من الاستثمارات في السودان، فإن غالبية هذه المشروعات لم يكتب لها النجاح بسبب تمسكه برأيه وإلغاء كل من حوله، وفق المفتي السابق للتنظيم محفوظ ولد الوالد.

ورغم أنه حقق بعض النجاحات في مجال الزراعة مثلا حيث نجح في إنتاج أكبر حبة بطيخ في السودان، فإنه لم يكن يسمح لمساعديه بالعمل بحرية ولا إبداء رأيهم في شيء، والمفارقة هي أن مشاريعه التي حققت نجاحا كانت تلك التي لا تخضع لإدارته بشكل مباشر، وفق ولد الوالد.

وحاول ولد الوالد إجراء إصلاحات لكل هذه الأمور قال إنها لم تكن مرضية لكثيرين، فضلا عن عدم التزام بن لادن بالطريقة الاحترافية في أعمال الحسابات والإدارة مما أدى لخسارة كثير من مشاريعه في السودان.
كما لعبت البيروقراطية السودانية وعدم قيام الحكومة بسداد كثير من القروض والأموال التي حصلت عليها من بن لادن إلى خسارته ماليا خلال الفترة التي قضاها هناك، وفق ولد الوالد.

مفتي القاعدة السابق يشرح المنهج الفكري الذي وضعه للتنظيم

عندما قرر المفتي السابق للقاعدة محفوظ ولد الوالد الانتقال بعائلته إلى السودان، جعله زعيم التنظيم أسامة بن لادن قريبا منه، فمنحه بيتا ملاصقا لبيته، وطلب منه وضع منهج فكري جديد للتنظيم.

ووفقا لما قاله ولد الوالد في الحلقة الثامنة من برنامج “مع تيسير”، فقد كان هذا التجاور مزعجا له لأنه لم يكن قادرا على استقبال أي شخص في بيته لأسباب تتعلق بتأمين بن لادن وكبار رجاله.

ومن هذا المنطلق، كان بن لادن يعتقد بضرورة وضع برنامج فكري تربوي لإعادة إصلاح هذه الأفكار التي دفعت البعض لاعتبار زعيم التنظيم نفسه معتدلا أكثر من اللازم، وينتقدون تعاونه مع حكومة السودان وجماعات إسلامية أخرى.

معالجة الغلو

ولم يكن الأمر بعيدا عن القاعدة نفسها، لأن بعض هؤلاء كانوا يعتقدون أن “أهل الحق” هم من يحملون السلاح فقط دون غيرهم حتى لو كانوا من أعضاء التنظيم، وفق ولد الوالد، الذي تحدث عن “انتقاد البعض لعمل التنظيم في الزراعة مثلا بينما هم خرجوا من ديارهم طلبا للجهاد”.

لكن بن لادن كان يرد على هؤلاء بأن التنظيم وحكومة السودان في ذلك الوقت “في زورق مخروق وسط محيط هائج”، وطلب منهم تقديم بديل قابل للتنفيذ.

بحث تغيير الأنظمة

وكان التنظيم يدرس طرقا لتغيير أنظمة الحكم العربية ومنها الانقلابات العسكرية، التي قال ولد الوالد إنها ليست مضمونة النجاح وتتطلب نفوذا داخل أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، معتبرا نجاح تجربة السودان استثناءً.

 

المصدر : الجزيرة

شارك الحوار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *