مصر: مفوضية اللاجئين توقف مقابلات تقييم الوضع الاقتصادي بسبب نقص التمويل!
Admin 15 مايو، 2025 46
متابعات – «فويس»
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين توقف مقابلات تقييم الوضع الاقتصادي للأفراد في مصر، على خلفية النقص الحاد في التمويل الذي تواجهه في الوقت الراهن.
وكانت المفوضية اضطرت في شهر مارس/ آذار الماضي إلى تعليق جميع أشكال العلاج الطبي للاجئين في مصر، باستثناء التدخلات الطارئة المنقذة للحياة، ما أثر على حوالي 20 ألف مريض، بمن في ذلك من يحتاجون إلى جراحات السرطان والعلاج الكيميائي وجراحات القلب والأدوية لعلاج الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
وتهدد الأزمة المالية الدعم المالي الذي كان اللاجئون يحصلون عليه من المفوضية عبر البريد المصري، والذي يتراوح بين 1100 إلى 1200 جنيه شهريا للفرد الواحد، لا تكفي سداد بند واحد من بنود مصروفات الأسرة، حسب مكتب المفوضية الإعلامي.
ويعد اللاجئون السودانيون في مصر الأكثر تضررا من نقص التمويل، باعتبارهم أصحاب العدد الأكبر المسجل في المفوضية في مصر.
وكشف تقرير صادر عن المفوضية، السبت الماضي، عن أن الجنسية السودانية تمثل النصيب الأكبر في أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، حيث وصلت أعداد السودانيين المسجلين في المفوضية في مصر إلى 691090 سودانيا لاجئا وطالب لجوء، بينما وصلت أعداد السوريين المسجلين إلى 136442 لاجئا وطالب لجوء، ووصلت أعداد باقي الجنسيات إلى 130647 لاجئا وطالب لجوء.
وكشفت المفوضية في تقريرها عن أن أعداد طالبي اللجوء الذين سجلوا في مكتب مفوضية الأمم المتحدة في مصر خلال الربع الأول من عام 2025 وصل إلى 107.419 طالب لجوء.
وبين التقرير أن العدد الأكبر من المسجلين من السيدات والأطفال بنسبة 73 في المئة، ووصلت نسبة المسجلين من ذوي الإعاقة إلى 19 في المئة.
ويعاني اللاجئون السودانيون منذ أشهر بسبب ضعف إنفاق المفوضية على ملف الصحة، في وقت لا يمكن لمعظمهم تحمل تكاليف العلاج، في ظل الأزمات المادية التي تواجههم بسبب ارتفاع ايجارات السكن وتكلفة الطعام المرتفعة.
وتقول براء الطيب لـ«القدس العربي»، إن أحد أبنائها يحتاج لإجراء عملية تغيير شريان في القلب في وقت لا تمتلك تكلفتها التي تتخطى الـ200 ألف جنيه ( 4 آلاف دولار).
وصلت براء إلى مصر قبل عامين بصحبتها والدتها وأطفالها الأربعة، بعد أن اضطرت إلى النزوح من الخرطوم تحت وطأة الحرب الأهلية.
وتضيف براء التي استقرت في منطقة اللبيني في محافظة الجيزة: «كنت أعمل مدرسة في السودان، ومنذ وصولي إلى مصر فشلت في الحصول على عمل، وسجلت في المفوضية التي تمنحني 1200 جنيه شهريا، في وقت تبلغ قيمة إيجار السكن 4500 جنيه».
وتؤكد أنها تعتمد على شقيقها الذي يعمل في إحدى الدول الأوروبية ويبعث لها بأموال شهرية، لكنها مع ارتفاع تكاليف المعيشة لا تكفي أسرتها وعلاج والدتها وابنها الشهري.
وتعود وتؤكد أنها يمكنها أن تتحمل أزمة النفقات المعيشية، لكنها تقف عاجزة أمام مرض ابنها، وعدم قدرتها على إجراء العملية الجراحية له، خاصة بعدما أبلغتها مفوضية اللاجئين الشهر الماضي، بتوقف الإنفاق على العلاج بسبب نقص التمويل.
وحسب منصة اللاجئين في مصر، وصل نحو 1.5 مليون سوداني إلى مصر منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان، حيث تعد مصر المستقبِل الأكبر للاجئين السودانيين، تليها تشاد.
وكانت منصة اللاجئين رصدت في تقرير حديث أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها السودانيون.
وحسب التقرير، تقوم السلطات المصرية بعمليات ترحيل جماعي للاجئين السودانيين الفارين من منطقة حرب وإحدى أسوأ حالات الطوارئ الإنسانية في العالم، ومن بين المرحلين أطفال ومسنون ولاجئون تعرضوا لإصابات خطيرة خلال رحلاتهم إلى مصر.
ونقلت المنصة عن بعض اللاجئين قولهم إنهم تعرضوا لإطلاق النار عليهم من قبل حرس الحدود المصريين، وإن مهربيهم تعرضوا للتعذيب.
وزادت: يجري ترحيل اللاجئين المحتجزين في المناطق التي يسيطر عليها الجيش بسرعة من قبل قوات حرس الحدود دون أي إجراءات قانونية، ويتم اعتقال لاجئين آخرين واتهامهم بجرائم زائفة، بما في ذلك التهريب، ويجري احتجاز اللاجئين في شبكة من القواعد العسكرية السرية التي قال محامون إنها لا تملك أي صلاحية قانونية لاحتجاز الأشخاص.
بعد شهرين من تعليق جميع أشكال العلاج الطبي… والسودانيون أكثر المتضررين
ونقلت المنصة عن لاجئين قولهم، إنهم يواجهون ظروفا إنسانية قاسية داخل القواعد العسكرية، ولا يستطيعون الوصول إلى محامين أو عاملين في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتابعت: لا يزال السودانيون يتعرضون إلى انتهاكات في مصر، وحملات كراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات توقيف واعتقال ممنهجة بحق اللاجئين من الجنسيات الأفريقية على مستوى الجمهورية وإعادتهم قسرًا إلى مناطق النزاعات ومناطق يُخشى عليهم فيها من التعرض لخطر يهدد حياتهم/هن، وأن الغالبية العظمى من الحالات التي تم توثيقها كانت لحملة الجنسية السودانية.
وواصلت: شكل الموقوفون من حملة الجنسية السودانية النسبة الأكبر من بين الموقوفين في محافظة أسوان الحدودية، ومحافظات الصعيد الواقعة على طريق أسوان إلى القاهرة، معظم التوقيفات تمت في محطات القطارات والأتوبيسات ومن خلال أكمنة على الطريق إلى القاهرة، وكان أغلب الموقوفين في طريقهم لحضور مقابلة التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد حاولت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر فتح مكتب حدودي لها في أسوان بعد أشهر قليلة من نشوب الحرب في السودان، وذلك لاستقبال طلبات اللجوء وعمل المقابلات ولكن رفضت السلطات المصرية ذلك، كما كان من بين الموقوفين أفراد يحملون بطاقات التسجيل لدى مفوضية اللاجئين كلاجئين أو ملتمسي لجوء، وتعرض بعضهم للترحيل لاحقًا.
وتابعت المنصة في تقريرها: في القاهرة الكبرى وثقنا عمليات توقيف ممنهجة في أحياء مختلفة، من بينها فيصل والهرم وأرض اللواء وإمبابة والدقي ووسط البلد، ويتم إجبار حملة الجنسية السوداني على التوقيع على أوراق تتضمن إفادات بقبولهم العودة الطوعية، بينما يطلب من عائلاتهم حجز تذاكر طيران لهم إلى بورتسودان، أو إعادتهم عبر معبر أرقين البري إلى السودان.
ووثقت «منصة اللاجئين في مصر» ترحيل آلاف الحالات عام 2024، شملت أشخاصا مسجلين في مفوضية اللاجئين، كما وثقت المنصة تزايدًا كبيرا في أعداد المرحلين في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بعام 2024، ما يدحض الادعاءات الحكومية بأن عودة السودانيين إلى وطنهم عودة طوعية.
ولفتت المنصة إلى حملات الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي بحق اللاجئين، وتحميلهم سبب تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر، إضافة إلى استمرار التضييق الاجتماعي على مجتمعات اللجوء، بإغلاق المدارس المجتمعية، التي تعد أحد أوجه الحلول الفردية من أزمة الحرب والنزوح والواقع المعيشي المتردي للاجئين، ومع استمرار إهدار سنوات التحصيل العلمي تتعمق الأزمة، سواء في الداخل أو في دول النزوح.
وطالبت بالتوقف الفوري عن الاحتجاز التعسفي أو السري أو غير القانوني للَّاجئين وملتمسي اللجوء، والوقف الفوري لكل عمليات الترحيل القسري للاجئين وملتمسي وطالبي اللجوء.
في السياق ذاته، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في فبراير/شباط الماضي بتعرض سودانيين رُحّلوا من مصر للتعذيب والاحتجاز لفترات طويلة ومصادرة وثائق الهوية والهواتف.
وقالت إن بعض السودانيين الذين رُحّلوا من مصر أفادوا بأنهم واجهوا انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان”.
ولفتت إلى أن الانتهاكات شملت مصادرة وثائق الهوية والهواتف، وفرض الغرامات، والإيذاء البدني، والاحتجاز لفترات طويلة دون أي مراجعة لقضاياهم في مصر.
وتأتي هذه الأوضاع في ظل إصدار مصر لقانون لجوء الأجانب رقم 164 لسنة 2024، وهو القانون الذي قدمت «منصة اللجوء في مصر، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية» دراسة تحليلية معمقة حول جوانب القصور فيه، كما حذَّر سبعة من مقرري حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من خطورة قانون لجوء الأجانب الجديد وطالبوا الحكومة المصرية بتعديله.
ونتيجة التطورات الميدانية في السودان، بدأ مئات السودانيين في العودة إلى البلاد من مصر، في أعقاب العملية العسكرية التي بدأ الجيش تنفيذها اعتبارًا من 26 سبتمبر/أيلول 2024، واستعاد خلالها مواقع عديدة في أم درمان والخرطوم وولاية سنار بما في ذلك عاصمتها سنجة والدندر.
وكانت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أفادت في 7 إبريل/نيسان الماضي، بأن الفرق الميدانية في السودان رصدت زيادة كبيرة في التحركات عبر الحدود من مصر إلى السودان خلال الربع الأول من عام 2025.
فقد عاد في الفترة بين 1 يناير/كانون الثاني وحتى 31 مارس/آذار 2025، ما يقدر بنحو 72,039 شخصا من مصر، مقارنة بـ42,418 خلال عام 2024. وبمقارنة متوسط عدد حركات العودة شهريًّا في عام 2025 فهو يعد أعلى بنحو 7 مرات مما كان عليه شهريًّا في عام 2024، وضعف العدد الإجمالي المسجل طوال عام 2024 بأكمله. وعاد 87٪ من خلال معبر أشكيت الحدودي، و13 ٪ من معبر أرقين.
ويعود السودانيون من مصر إلى بلدهم رغم أن الوضع في السودان لا يزال غير آمن، بسبب مجموعة من العوامل الرئيسية التي تجعل البقاء في مصر أكثر صعوبة وخطورة لهم، ومنها، تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مصر، إذ يعاني اللاجئون السودانيون في مصر من ارتفاع كبير في تكاليف المعيشة، مثل إيجارات السكن وأسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى ندرة فرص العمل والأجور المنخفضة التي لا تغطي احتياجاتهم، ما يجعل الاستمرار في مصر غير مستدام اقتصاديًّا.
المصدر – «القدس العربي»
شارك التقرير