• تتابع أنظار مستخدمي الخط الثالث لمترو الانفاق بالقاهرة ما يعرض على شاشات العرض داخل العربات تحت عنوان (محفوظ في القلب) ضمن مشروع وزارة الثقافة المصرية لتعزيز الهوية و تكريم بعض الأسماء التي أثرت على وعي و تكوين الشعب المصري الثقافي و الإجتماعي، هذا وقد سبق تكريم النوبلي نجيب محفوظ الاحتفاء بالشاعر صلاح جاهين. و الحق يقال إنّ نجيب محفوظ شكل بكتاباته المقروءة و المشاهدة عبر السينما المصرية وجدان أجيال و أجيال في الوطن العربي، كما استطاع بمقدرته العالية في السرد والوصف أن يوثق للشخصية المصرية زمانا ومكاناً. هذا الاحتفاء الذي رأيت أخذني إلى تداع لا يخلو من حزن و غبطة قارنت فيه ما بين احتفائهم برموزهم و تجاهلنا لرموزنا. نحن لا نجيد الاحتفاء ببعضنا هكذا قلتها ذات حوار جمعني بقامات ثقافية لها أثر عميق في صناعة الثقافة والفن والأدب السوداني، أذكر منهم على سبيل المثال المخرج المعروف أ. معتصم الجعيلي والدكتور الموسيقي أنس العاقب والنجم الدرامي علي مهدي، فيما أرى نحن حقاً لا نحتفي برموزنا، بل قد نسعى أحيانا للتقليل من شأنها. عندما كنت دارساً بجامعة القاضي عياض مراكش المغربية، دهشت جداً حين وجدت أدب الطيب صالح يدرس بكلية الآداب بذات الجامعة وقد كان حينها تداول روايات الطيب صالح ممنوعاً ويعاقب عليه القانون بحجة الاريتوكية أو ورود بعض الألفاظ والمعاني الجنسية في الرواية و يا عجبي. قلت لأصدقائي ونحن جلوس نتحاور في هذه اللامبالاة السودانية: (أعتقد أن الطيب صالح ما كان ليعرفه أحد لولا أنه نشر أدبه من بريطانيا و ليس من بلاده). كثير من جيل الشباب الحالي لا يعرف عثمان حسين ولا حسن عطية، كما لا يعلم شيئاً عن الفيتوري أو محمد المكي إبراهيم. كما لم يسمعوا بأبو صلاح ولا العبادي، و هذه لعمري طامة كبرى و طمس لهويتنا الثقافية وإهدار لآثارنا الثقافية. داخل الإطار: نحلم حلماً مشروعاً بسودان جديد تتغير فيه المفاهيم و يرتقي فيه السلوك بعد خروجنا من مأزق هذه الحرب منتصرين بإذن الله تعالى، لذا علينا أن نعد العدة منذ الآن لذلك التغيير الذي به نحلم.