محافظ مشروع الجزيرة  إبراهيم مصطفى في حوار الاعترافات:  الصلاحيات ليست بيدي

10
pic01

حوار : د. طارق عبدالله


• يعد مشروع الجزيرة من المشروعات الحيوية في البلاد، وله القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل أساسية لدى الشعب السوداني، كما أن المشروع في حالة تقهقر وليس في حالة تطوير. هناك العديد من المشكلات التي يعاني منها المشروع والمزارع الذي يشتكي دوماً من عدم توفير التقاوي بجانب الإشكاليات التي تعرض لها المزارع في تعامله مع البنوك عبر التمويل الزراعي، وزاد الأمر سوءا ًبعد دخول المليشيات المتمردة ولاية الجزيرة، وكان مشروع الجزيرة قبلتها، فقامت بنهب الآليات الموجودة، ودفن الترع لفتح طرق يدخلون بها إلى القرى.. مشروع الجزيرة قضية تثار دوماً أسبابها؟ وأهدافها؟وما المقصود منها؟ كلها أسئلة فرضت علينا الجلوس إلى محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى علي ليجيب عن التساؤلات، وفي مقدمتها ماذا يدور داخل مشروع الجزيرة؟ الرجل غني عن التعريف، يعمل بالمشروع منذ تخرجه في الجامعة، وتنقل في كل مكاتبه الإدارية والإشرافية، ويعرف كل صغيرة وكبيرة فيه، ويمتلك وسائل التطوير.  

• كيف ترون مشروع الجزيرة؟

– مشروع الجزيرة دولة لها قانون وشعب وأرض، فيه 135 ألف مزارع وفي مساحة مليونين ومائتي ألف فدان، مساحته تشكل 85% من مساحة ولاية الجزيرة وأكبر من هولندا، فيه الأنشطة الزراعية والحيوانية. وهو مجتمع يضم كل ألوان الطيف السوداني، وفيه انصهار كبير، بجانب أنه مشروع استثماري يفترض النهوض به. 

• لكن المشروع لم يحقق الأهداف المرجوة؟

– هناك مشكلات ومعوقات أقعدت مشروع الجزيرة، وهناك متاجرة سياسية باسم المشروع، وهذا الحديث قاله صراحة «رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك أن مشروع الجزيرة لا ينفصل من التسوية السياسية». هناك إشكاليات واضحة بعدم امتلاك إدارة مشروع الجزيرة وسائل الإنتاج، فمثلاً الري الزراعي مسئولية وزارة الري وليس إدارة المشروع، وتوفير الآليات مسئولية مجلس الوزراء، نحن دورنا في إدارة المشروع جوانب فنية وإرشاد زراعي. 

• لكن لماذا لم تسعوا لتغيير ذلك النظام؟

– نحن محكومون بقانون 2005م، لأنه قانون قام به أصحاب مصلحة، والقانون لا يسمح لي بإدارة الري، ولا يسمح لوزارة المالية بدعم المشروع، ولا يسمح للمزارع باللجوء لوزارة المالية. لذلك عارضناه كموظفين آنذاك، لأنه كان واضحاً أنه سيكون حجر عثرة أمام توفير احتياجات المزارعين، وكانت النتيجة إحالتي للتقاعد في 2009 اعتراضنا على القانون لأنه كان ضد نهضة المشروع، ولا يمكن أن يتصور الناس أن إدارة مشروع الجزيرة ليست من مسئولياتها الري، ولا استجلاب التقاوي، ولا الآليات، لذلك تتحمل إدارة المشروع إخفاقات المؤسسات الأخرى، وحتى تلك المؤسسات لا تتوفر لها الإمكانات لتقوم بدورها، لذلك فشلت الإدارات السابقة والحالية في تنفيذ خططها الزراعية، ومع تلك الإشكاليات جاءت المليشيا لـ(تزيد الطين بلة)، فنهبت كل شيء، وخربت حتى المكاتب والترع. 

• كم تبلغ قيمة الخسائر الناتجة عن دخول المليشيا للمشروع؟

– قبل دخول المليشيا لولاية الجزيرة كانت معداتنا وآلياتنا محصورة ومعروفة، ومدونة في سجلاتنا، ويبدو أن المليشيا كانت عينها على المشروع، ومنذ وصول طلائعها دخلت مشروع الجزيرة ونهبت الآليات والتركترات والعربات والأجهزة والأسمدة والتقاوي، ودمرت مكاتب الإدارة. مراجعتنا للخسائر التي سببتها لنا المليشيا قدرت  بـ(8) مليارات دولار، وهو رقم كبير يزيد يومياً بزيادة أسعاره، ذلك بجانب الضرر المعنوي للمزارعين وما تعرضوا له من انتهاكات على يد المليشيا، ونهب مدخراتهم و والتقاوي التي أعدوها وتلك لا تقدر بثمن. وبعد دخول القوات المسلحة والقوات المساندة لها مدينة ود مدني تناسى المزارعون تلك المآسي، وهي فرصة نشكر فيها القوات المسلحة وكل القوات المساندة لها بمختلف مسمياتهم على هذا الإنجاز. 

• هل كنتم تتوقعون العودة للمشروع بعد انتشار المليشيا؟

– رغم ثقتنا في القوات التي تقاتل، ولكن كانت عودة  مشروع الجزيرة لنا حلماً، وتحقق بالجهود التي بذلت، ومشاركة إنسان الجزيرة في المعارك من خلال المقاومة الشعبية، والتحية لمزارعي الجزيرة الذين اتجهوا للمناقل واستضافوا أسرهم، وزرعوا هناك ليلجموا الألسن بأن هناك مجاعة في السودان، وقد كنا نتابع الموسم الزراعي هناك وكان ناجحاً جداً. 

• هل طالت عمليات النهب الوثائق والمستندات؟

– الحمدلله إن المليشيا لم تنهب مستندات المزارعين وحيازات أراضيهم. ومستندات أصول المشروع كلها موجودة لم تضرر. 

• كيف استعداداتكم للموسم الزراعي؟

– لقد أعددنا العدة لزر اعة (200) ألف فدان من الفول، و(600) ألف فدان من الذرة، و(150) ألف فدان من الخضروات، و(100) ألف فدان من القطن. وكان المقترح زراعة أكثر من مليون فدان، ولكن اضطررنا لتقليص المساحة بسبب مشكلات الري، هناك اختناقات في المجر وفي الترع، وانخفاض في مناسيب النيل، والأضرار التي تعرض لها الري كبير جداً، ولا تتناسب الميزانيات الموجودة مع حجم الضرر. 

• ماذا فعلتم إزاء تلك المعوقات؟

– طبعاً لم أجلس ساكناً إزاء مسئوليتي والأمانة التي أتحملها، وأنا في مسعى دائم لحل المشكلات والمعوقات، وأشكر السيد رئيس مجلس السيادة على دعمه للموسم الزراعي، مما مكنا من توفير تقاوي للمزارعين، وشراء آليات تعويضاً عن الآليات التي نهبت، وهناك بعض المنظمات ساهمت في توفير التقاوي، والصندوق القطري ساهم معنا لزراعة (700) فدان بمنطقة الحوش، وهذا شكل لنا دعماً كبيراً، وهناك محادثات بيننا وبين شركة إرادة وبعض الشركات لتوفير سماد لزراعة الذرة، ونتوقع أن تكون هناك بشريات الأسبوع القادم. 

• هل ساهمت المساعدات في توفير احتياجاتكم؟

– بفضل المساعدات استطعنا توفير بعض الآليات، ونشرها في كل أنحاء المشروع، استعداداً للعروة الشتوية. 

• ما أكبر الإشكاليات التي عالجتموها؟

 – أكبر مشكلة نمضي في حلها هي إعادة صيانة القرابيل بمساعدة الحكومة، كانت لدينا (6) قرابيل تم إتلافها في الحرب، وقمنا بإصلاح اثنين منها لنقوم بتصنيع التقاوي، وقد بدأنا فعلاً في تصنيع تقاوي استعداداً للعروة الشتوية، وسوف نقوم بنظافة الترع والمجر، ولن نتركها لأي جهة، ونتوقع حتى أكتوبر نكون قد انتهينا من تصنيع التقاوي وحوجتنا ل(30) ألف طن من التقاوي، وحالياً تم تصنيع نحو (20) ألف طن. 

• يشتكي مزارعو أبوقوتة من عدم التجهيزات للزراعة؟

– لدينا مشكلة في مساحات لم يتم إصلاحها من الناحية الشمالية في أبوقوتة ووادي شعير، وفيها اختناقات في الري، وهي مساحات لم يتم استغلالها في العروة الصيفية، وسنعيد زراعتها في العروة الشتوية. 

• كم نسبة المساحة التي تم تجهيزها لزراعة الذرة؟

– الحمد لله جهزنا 60% من المساحة المطلوبة لزراعة الذرة، والدعم الذي وجدناه سيكون اللبنة الأولى لبداية العمل، وأقولها بكل صراحة، لقد وجدت تجاوباً من مجلس السيادة ومجلس الوزراء ووزارة المالية. ورئيس الوزراء سيزور المشروع ليوم كامل للوقوف على المعوقات، وأكد أنه سيهتم بالزراعة، وسيذلل معوقاتها. 

• هل هناك أي خطط للاستفادة من التقنيات الحديثة واستيعاب الشباب؟

– لدينا خطط جاهزة لتطوير مشروع الجزيرة، ونستخدم تقنيات حديثة  وحالياً نراقب الري عبر الأقمار الصناعية، ونعمل لاستيعاب الشباب في المشروع، نحتاج مابين 100 إلى 150 من الخريجين الشباب في مدخل الخدمة في التخصصات المطلوبة، حالياً لدينا 1530 عاملاً معظمهم كبار السن، وهناك عدد هائل من العمال ليس لديهم أداء، ولدينا مشروع الطاقة الشمسية ولا بدّ من المحافظة على أصول المشروع المهنية بصورة صحيحة. 

• هل هناك إشكاليات من المزارعين من ضمن المعوقات؟

– نعم هناك سلوكيات من المزارعين ضمن المعوقات، وهناك مشكلة اجتماعية قادمة ظللنا ننبه لها، وهي عمليات بيع الأراضي الزراعية، حيث أثر ذلك في الدورة الزراعية، فكثيراً ما نفاجأ أن المساحة المخصصة لزراعة ذرة باعها صاحبها لآخر وزرعها خضروات، هذه مشكلة، لأن البيع غير قانوني، وهناك العديد من القضايا أمام المحاكم في مثل هذه الأفعال، ويكون الحل بنزع الأرض وضياع أموال المشتري، وبعضهم يتوفى ليجد الورثة هذه المشكلة، وفي بعض المناطق يقوم المزارعون بتركيب مواسير وكثيراً ما تكون المياه في الخارج أكثر من التي تحتاجها الزراعة. 

• ما المطلوبات لنجاح مشروع الجزيرة؟

– مشروع الجزيرة ناجح إذا حلت إشكالياته، وإذا كانت كل الصلاحيات في يد محافظ المشروع، والطريقة السائدة معيقة، تمنع الاستثمار، ولا يعقل أن يتم إيجار أرض لمستثمر وأقول له الري ليس من اختصاصي، ولا يمكن أن تكون عربات التحصيل أكثر من عربات المشروع، نحن نشعر بأن هناك تفهماِ بمجلسي السيادة والوزراء لهذه الإشكاليات، ونتوقع حلولاً ترتقي بالأداء.

 

شارك الحوار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *