هناك أسماء (خونة) في حياتنا لم يفهموا أن ثمن الخيانة يجب أن يكون غاليًا، لكنهم ولأن الشيء بالشيء يُذكرُ فهم و(الرخصة) صنوان، فباعوا ضمائرهم بثمن بخس. ماذا ستفعل يا عباس عندما تعود للوطن؟ من سيقابلك بالاحتضان ومن سيكرم وفادتك ويقول لك: عودًا حميدًا؟ تُرى هل ما زلت تفكر في أن الناس تنتظرك؟ هل تعلم أن الآلاف من الأشخاص ماتوا بسببك؟ هل نسيت أن هناك أطفال جاعوا بسببك؟ هل تذكرحين حدثتهم عن عنوان أحدهم كانت تلك طلقة أطلقتها على صدره وصدر جميع من بالبيت؟. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( (اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة).
الوطن الذي تقف فيه قوات تحمل في يمينها السلاح وفي شمالها رغيف خبز و(بصلة) لن يُهزم. يا عباس عد لرشدك واطلب منا الاستتابة لتعود إنسانًا نظيفًا من جديد. الأموال التي استلمتها ستنتهي ولا تهم نهايتها لكن الوطن لو انتهى فأين نذهب وبمن نلوذ؟. يا عباس عدد سكان قريتنا قبل الحرب كان 20 ألفًا واليوم صرنا 20 أتري لماذا؟ لأن من هم مثلك قرروا لنا هذه النهاية.
من باعَ نفسَه للكلابِ رخيصةً يأتيه ليلٌ مظلِمٌ وبه يُجَنْ
ننام في العراء أو تحت أسقف المدارس أو تحت سقف القبور، لأن من هم مثلك قرروا لنا هذا، وقرروا لنا تأريخًا جديدًا هو أن نكون أذلاء في بلاد الغربة التي لا نحفل فيها بلقمة عيش، لأن من هم أمثالك يريدون أن يجردوا الوطن من كرامته وعزه وشرفه فاختار الوطن الموت بالعزة عن الحياة بذلة واخترنا نحن ما اختاره الوطن، لذلك مات من القرية أكثرها وفقدناهم ولكنا نشعر بأنهم رجال أما أنت فقد عشت وخرجت من الديار وكلنا ثقة بأنك عبد المليارات، يا عباس اَعبد ملياراتك ولكن تذكر أننا ننتظرك لا لشيء فقط لنكسر أصنامك ونردد (لا إله إلا الله، أحدٌ أحد).
في التأريخ هناك لوحة الشرف أما أنت فسنهديك لوحة (عدم الشرف)، مثلك مثل الثعلب الذي قال للأسد (ثلثٌ لفطورك وثلثٌ لغدائك وثلثٌ لعشائك) ولأول مرة يكون الحمار أفضل من عباس وأشجع منه حيث قال (ثلثٌ لك وثلثٌ لي وثلثٌ للثعلب).
ومثلك يا عباس مثل من ينتظر يوم القيامة لأنه ما زال يبحث على نفق يتحدث منه البعاتي، ونسي أن من مات لا يعود إلا يوم القيامة حينها سيجد من يبحث عنه وربما يكلمه.
في حياتنا خلق الله بشرًا ليمتحنوننا وكذلك خلق الله لنا يدين لنقلب كفينا حيرةً وتعجبًا مما يفعل هؤلاء، مثل هؤلاء مير جعفر وهو أمير هندي والذي بفضل خيانته لوطنه وانحايزه لبريطانيا حكمت بريطانيا الهند 200 سنة، لذلك خيانة الأوطان تُسمى (الخيانة العظمى) ولا عذر ولا مبرر لها إلا لأن صاحبها حقير ووضيع ورخيص، لا ينقص عن بائعة الهوى إلا بنوع البضاعة، ولا أشك في أن بائعة الهوى أفضل من بائع وطنه، لأن فيهن من رفضن بيع وطنهن وبقياس أن جريمتها لنفسها، أما خائن الوطن فجريمته في حق غيره وفي حق أبرياء وفي حق أجيال قادمة. ولا يدوم مع الغدر صحبة خليل.