لقاء عاشقين للشاعر حسن طلب

521
حسن طلب
Picture of عامر محمد أحمد حسين

عامر محمد أحمد حسين

مفتتح : 

• مدرسة الشاعر والفيلسوف المصري الدكتور حسن طلب ، هي مدرسة جمالية تم تشييدها بعناية ومحبة وكان قدرها التصدي لجحافل متشاعرة إدعت ان العصر ضد موسيقا الشعر  وان عصر السرعة تعيقه الرؤى وتضيعه في متاهة الدخول عميقاً ونبش الواقع وتعريته .وان القصائد مرآة لواقع مرير يشده زمنه البائس اليائس إلى الحضيض .ولتغيير الحظ يجب تكسير الشعر وتشليع بيوته، وقطع خيوطه كل خيط يذهب معه شرطاً من شروط الشعر ارقى مراقي الفكر  . مدرسة الدكتور حسن طلب هي مدرسة الجزالة والفهم الجزيل لموقع الشعر وصوته الخاص ، إذ لايكفي ان يغيب النموذج فنصطلي بلا شعر يفرض فرضاً علينا ، ونحسبه من الشعر بفعل التكرار وكذلك  وينقل «السراد: الواقع نقل المسطرة بمعنى نقل معلومة أو نص حرفيًا دون تغيير أو إضافة.  و مع ذلك نكتبهم في صحيفة الرواية من السراد.متعة( حسن طلب( لاتتمثل في المفردة وإنما في تجذير روح الشعر في الشعر الحديث الذي يراد له تحت مصطلح مابعد الحداثة تغييبه ، وعدم الالتفات لكل مايدور في الساحة إذ يكتب الشعر كما جاء في ديوان العرب ، يكتب مابعيد  التوازن والتفاعل والفاعلية للقصيدة ، يعطيها من روحه الثبات ومن علمه الرسوخ ، لايقف بعيداً.. وينتظر من ياتي بالسؤال عن الغياب والحضور للشعر ، بل يفرض على المتلقي اعادة النظر في قراءة الشعر ، في رؤية الشعراء ورؤيا عاشق للجمال تستشرف من الغياب اسئلة الوجود والوجدان

قصيدتي…

 يقول حسن طلب «

قصيدتي أغنية معلَّقة

في حبل مشنقة

و ريشتي: سفينة في الوحل غارقة

لن أكتب الأشعارَ

فالألفاظ في مدينتي

ملفَّقة

الناس في مدينتي

تنام واقفة

تموتُ أو تعيشُ في جحورها

صحيحةً…سقيمةً

واجمةً كالليل في مدينتي

مخيفةً…و خائفة «  ينظر الشاعر حسن طلب  بواقعية إلى مدينته ، النظر الى بيت الشعر وتساؤلاته عن موقعه داخل منظومة الكلام- السلطة : تحرس البيت والشعر من السؤال كشرط للقبول فإذا بالشاعر  يؤكد على  «قصيدتي أغنية معلَّقة في حبل مشنقة 

و ريشتي: سفينة في الوحل غارقة «  القصيدة معلقة في حبل طويل، فإذا كان السؤال عن الغياب ، فالاجابة : حبل مشنقة ، وماذا عن الرسم لتشكيل الواقع، وهندسته الاجابة : و ريشتي: سفينة في الوحل غارقة .الوَحْلُ : الطِّينُ الرَّقيقُ ترتطم فيه الناسُ والدوابُّ

الوحل…

غرِق في الوَحْل/ غرِق في هذا الوحل بسبب الطين ، فارتطام القصيدة بالطين والوحل جزء من واقع مازوم ، وطين يعيق السير ويشنق الشعر  على حبل حتى إذا احكم الواقع حبله عليه هتف مستغيثاً  «   لن أكتب الأشعارَ

فالألفاظ في مدينتي

ملفَّقة «    

 الامتناع عن الشعر  هو العنوان لما تعيشه المدينة فالالفاظ : لَفَظَ كَلِمَةً : نَطَقَ، تَكَلَّمَ بِهَا.، صوت حزين يحتدم داخله الجدل – هل تستمر القصيدة بمعنى الجدوى ، كيف تستمد الاحساس من ذات حزينة ؟. ويمضي الشاعر في تساؤلاته وهو يسدد بصره إلى فراغ يراه ويقول هل تعلمون مااعنيه واعانيه لذلك: «

فالأخبار في مدينتي

صحيحةٌ…و زائفة

الصمتُ كان فوق رأسي مطرقة

و الحزنُ كان شرنقة

تفجَّرتْ: نهرَ دموعٍ و دمٍ

من مقلتي المؤرَّقة

و الموتُ كان وجهتي

عانقَني

عانقتُهُ

و الحزنُ كان شرنقة

تفجَّرتْ: نهرَ دموعٍ و دمٍ

من مقلتي المؤرَّقة

و الموتُ كان وجهتي

عانقَني

عانقتُهُ « 

.يرفض الشاعر  كتابة الشعر ، وطريقه فكراً   وذوقاً مرتبط.بالشعر .. هو عنوان مدرسته جمالياً ، وإنسانياً وهناك  متسع للحياة كي تجادلها وتحاورها،  كن صوفياً تستلهم من فيضه وترسل إشارات المدد ، وانت (شاعراً مفعماً بالامل والثقة) لن يطرق الياس بابك وانت القائل : «لن اكتب الاشعار  : « فالاخبار في مدينتي صحيحة وزائفة «  و المدينة واحة ظليلة تمثل   بانشطتها : «المكان الذي يتوفر فيه العدل» مدينة تثير في نفسه صوراً لاتحكي عن جغرافيتها الحزينة وتسعى وتفشل وتسعى لتفشل في تحقيق العدل « الصمت كان فوق راسي مطرقة _ والصمت احياناً كما يقال اكثر تعبيراً ، تثير المدينة انطباعاً حزينا وجنونياً ، يقف الصمت في الحد الفاصل بين الحزن والأسى، تتشكل كل حلقات فلسفة الحياة في تعميق حالة  الصمت في النفس وهي حكمة ، وتامل وبصيرة ، والحكمة :»القدرة على تطبيق المعرفة والخبرة لاتخاذ قرارات سليمة في الحياة، وهي تشمل الفهم العميق للأمور « وفي لحظة تجل وانتظار ينظر  الشاعر ببصيرة الى الصمت في ظل اشتعال القصيدة «و الحزنُ كان شرنقة

تفجَّرتْ: نهرَ دموعٍ و دمٍ

من مقلتي المؤرَّقة

و الموتُ كان وجهتي

عانقَني

عانقتُهُ

كعاشق ..وعاشقة «

الصمت..

استودع الشاعر الدكتور «حسن طلب» في هذه القصيدة من قاهرته  قمرا.ً مثل ابن زريق البغدادي ولكنها هي تابى الوداع ، وهي الانثى القصيدة ، يفاعة الحرف وجماله ، رموزه على حبل الواقع تتدلى ، وتشير الى مرحلة إنحنى الشعر لها ولكن الرياح العاتية اطفات قدوره واضاعت قدرته على مصارعة محكوم عليها بالخسارة..شرنقة الشعر تابى ان تفك خيط حرير الاصالة ، ترفض غياب الشعر في ظل المعركة الطويلة ضد القبح والقيح والموت المجاني .يستشرف حسن طلب عودة الشعر وفك الصمت وحبل التقييد ،  وينظر بعيدا إلى  الفكرة كما يراها ولانراها كعاشق ينتظر حبيبته القصيدة تعانقه فيعانق  الوجود والحياة  تفرهد الذات حزينة كي لايضيع عشم الشاعر في الغد وترحل الحروف إلى شجرة الشعر اليانعة وترسم الهوية  عنواناً  كامل الوضوح في رحلة المبدع حسن طلب  وفلسفته…من منا.لم يعش قصائده ؟.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *