• مأساة التعليم المتمثلة في عزوف الطلاب عن التقديم، جزء من منهجية تدمير البنى التحتية، بل هي البنى الفوقية.
وإذا تدمرت البنى الفوقية لم يعد لمستقبل النماء وجود بل تراجع بسرعة مذهلة. وذاك العراق نموذج يستلهم؛ فقد قتلوا علماءه.
إذا كان رأس الرمح لا يخترق، فسقوطه حتمي عند بدء شروعه لإصابة الهدف.
يبدو أن إدارات بلادي تتغنى بالإبداع ولا تعرف أنه يحل المشكل، ويوجد قيمة مضافة، ويضع المؤسسة على خط الاستدامة sustainability.
والأعجب أنهم يحتفلون سنوياً به من بعد تحضير مضنٍ، ومتعهدون لمؤسساتهم بالربحية قصيرة المدى profitablity.
فقط لتحسين الصورة.
تحضرني طرفة معبرة سميتها (مصحف رمضان).
ذاك التاجر أحمد، أسلم رمضان وآخرون وأعطاهم مصاحف، يا ليت الأحمدين أسلموا الأكثرية لتؤكد وحدوية قرنق. وظل يلاحق رمضان ليصلي.
وفي يوم من الأيام امتعض رمضان وقال له (مصحف في بيت أنا مسلم كلاص)، يقصد خلاص يكفى أنا مسلم لا داعي للصلاة.
الاستراتيجية في السودان هي مصحف رمضان
الإبداع والابتكار، مصحف رمضان
والتعليم والصحة، مصحف سيدي رمضان.
ونسي هؤلاء المدراء أن التعليم هو الأساس للمعرفة البانية للإبداع.
وكلما كان عدد المتعلمين كبيراً، خرج منهم عارفون كثر. وتولد من هؤلاء قلة مبدعة تقود أكثرية تابعة، والتبعية شرط لاختراق المستقبل.
نموذجان أسوقهما هنا للقارئ لنصنف ذهنية الإدارة عندنا، التي لا تعي بعمق معنى المبدع، وكيفية إدارته كبقرة حلوب.
شفعت لمبدع ليبقى بالمؤسسة عند زعيمها، فقال لي (والله لو يبقى مقددة ما يشتغل معانا).
والآخر صدني بـ (المجرب ما بجربوه).
فأفتيته بأن الله قال جربوه وسقت له النص.
مؤسسات التعليم عليها أن تتجه لتأسيس حواضن مالية؛ لتخرج من جيوب مزقها دمار الحرب وآثارها، وينتظرها الكثير للبقاء على قيد الحياة.
أما طريقة الدولة في الذهاب إلى الضرائب والرسوم، فلقد أحرجها الله يوم أن جعل خشاش الأرض نفيساً يعوض. وهاهو الآن يسرق ويترك للمجرمين لينهبوه. ويبكي الإعلاميون بنحيب وليس هناك مجيب.
اجعلوا الجامعات تحتضن الزراعة والصناعة والتعدين والرعي والصحة والتعليم.
اجعلوا الطالب منتجاً يؤدي الخدمة الإلزامية أثناء الدرس، ويدفع رسومه من إنتاجه. ومن ثم ابنوه بخبرة وهو طالب. فستجني من ذلك بلادنا:
فعالية الطالب
وكفاءته
وتفاؤله
وطنية مؤسسة بالانتماء.
تبنوا مبادرات اقتصاديات المنازل، وليكن دور الجامعات موجهاً وفاعلاً فيها.
لنخرج بلادنا من نفق الظلام باستنارة إنسانه المتحسس للمشكل، ومتتبع لحلها بدون تراجع.
شارك المقال