
عثمان إبراهيم أبوهشام
كاتب صحفي
• صديق دكتور كان يعمل في واحدة من الجامعات السعودية، حينما دخل بيته بعد التحرير وكما هو حاصل في الكثير من البيوت، وجده مسروقاً ولم يتبق له أي شيء، وكان هذا جهد ثلاثين عاماً في الغربة.. وعلى الرغم من ذلك فإنني أفضل حالاً منه، فقد وجدتهم قد تركوا لنا في بيتنا المنهوب كتاباً بعنوان
(فقه المرأة المسلمة)، وهو يذكرني بأحد المديرين في العمل، والذي ساعدته في إكمال رسالة الدكتوراه وكانت في مجال الإدارة.
طلبت منه أن يزودني بمراجع في مجال الرسالة فلا أملك سوى ثلاثة كتب بمكتبتي المتواضعة في هذا المجال، منها اثنان للدكتور غازي القصيبي، والآخر للأمريكي ديل كارننجي.
أتاني في اليوم التالي وهو يحمل معه شنطة كبيرة تمشي على كفرات، كانت كلها مجلات وليست كتباً ومراجع.
المجلة تسمى (الحسبة)، وحينما تصفحت أحد أعدادها وجدتها كلها تتحدث عن المقابر وطريقة تكفيين الموتى!
تركت الشنطة بالسيارة ولم أنزلها بالبيت، وانتظرت حتى قابلته في اليوم التالي وسألته: أنت عاوز رسالة الدكتوراه في الإدارة وللا في المقابر؟
المهم صاحبنا الدكتور الجامعي وهو في خضم هذه الدهشة الحزينة، عثر على سبيكة ذهب عيار ٢٤ مدفونة بقرب جدار المنزل مباشرة.
قلت له ما يكون هذا كنز بتاع الجماعة أصحاب الجدار الذي كان يريد أن ينقض؟
وذلك على طريقة الحلفاوي الذي أبلغه الكيزان بأن ابنه قد استشهد، وأن ذلك سيشفع له ولسبعين من أهله.. وعندما ضمن الحلفاوي أنه سيدخل الجنة مع ٧٠ من أهله ترك الصلاة ورجع للشرااااب مرة أخرى.. لكن المفاجأة أن ابنه قد عااااد، فقال له لا حولااااااااا ما تكون أكلت من الشجرة البقولو في الجنة دا؟
قابلت الدكتور في المسجد، ووجدته هاشاً باشاً سعيداً، وحكى لي المشهد وأن الله عوضه خيراً مما سرق منه، وطلب أن أذهب معه مشواراً لمدني لبيع السبيكة.. لكن نصحته بأن يعرضها على أحد المختصين قبل الذهاب بها لمدني.
وفعلاً ذهبت معه لأحد الأقارب، والذي كان يعمل في هذا المجال، ولأول مرة أحضر هذه التجربة على الهواء.. حيث أتى ب(مبرد حديد)، وقام بأخذ عينة تحولت لبدرة ذهب، وهو اختبار تقليدي على ما يبدو، وقال له هذا ذهب خالص!
اقترحت عليه التأكد مرة أخرى من أحد المختصين في مدني، يكون متمرساً في الفحص المخبري.. واتصلنا على الأخ الزبير، والذي بدوره اتصل على شخص بارع في هذا المجال، وقال له إذا بها ختم مكتوب فيه ٩٩٩ فهذه سبيكة أصلية، وبالفعل وجدنا الرقم 999 يعني ما تعرف ذاتو دي سبيكة ذهبية وللا سيارة نجدة؟
اتفق معي مشوار بالقديم طبعاً ١٠٠ مليون.
وحلف حراااام بأن الفطور عليه.
٥٠٠ مليون حافز بالنسبة لي بعد انتهاء صفقة البيع.
٢٥٠ مليون للسمسار الزبير لأنه ساعدنا في الربط مع المختص.
وعد زوجته انه (يدق) ليها غوايش ب ٢٠ مليااااار.
معليش الوزن تقريباً كان ٢٠٠ جرام
٢٠٠ × ٢٥٠ = ٥٠ ملياااااار.
اتذكر أن أحد أعمامنا عليه الرحمة كان يبني في حيطة جالوص وانتهت مع الفطور، ونزلوا للفطور والشاي والقهوة.
وكالعادة لمن يكون معاااك عمال بناء لازم يقولوا ليك جيب زيادة ملااااااااح.
أرسلوا واحداً من العمال وقالوا ليه أمشي البيت جيب زيادة ملاااااح،
الزول مشى ولمن رجع ماشي على الديوان لقى الحيطة وقعت!
دخل عليهم ولم يكمل أكله وقال لعمنا إنه يريد اليومية بتاعته لأن والدته مريضة ولازم يمشي بها للمساعد الطبي.
قالوا له انتظر نكمل الفطور فرفض، وتم تسليمه الأجرة.
وبنفس هذا السيناريو طلبت من الدكتور أن يصب لي بنزين ب ٥٠ ويعطيني الباقي وقام ب اللازم.. وحينما وصلنا مدني قال لي اها نفطر الآاان أم بعد نبيع السبيكة فقلت له أحسن الآاااان.
يا جماعة أنا خايف الحيطة تقع، لهذا فضلت أن يكون كل شيء قبل البيع.
دخلنا مطعم اسمه كشكول، وطلب مائدة أشبه بتلك التي طلبها قوم عيسى من السماء.
لم يترك شيئاً حتى الباسطة والعصير وحاسب الكاشير وخرجنا ونحن متخمون.
جاء الزبون وسلم علينا بحرارة وعانق صاحب السبيكة ثم ذهبنا معه للفحص المعملي، وكانت النتيجة صاااادمة ملاريا وتايفويد وحبس بووووول ونقص في الصفائح الدموية.
السبيكة ٩٩٩ مجرد حديد مطلي بدهان ذهبي.
وبعد أن كنا نضحك دخلنا في مشهد هستيري تراجيدي حزين، وضاعت الآمال والأحلام والأمنيات كل شيء تبخر.
والواحد لو ما تملك أعصابه في تلك اللحظة لتحول بقدرة قادر وفي وسط السوق إلى حماااااااد عبدالله حماااااااد.
ولكن هذا كوووووم والجماعة العاوزين يدقوا ليهم الغوايش كوووم تااااني.
نسأل الله أن لا يدقوا صاحبنا الذي وعد بدق الغوايش.
شارك المقال