فرانس 24 : قنابل أوروبية في السودان .. عقد إماراتي بخمسين مليون يورو (2/5)

91
فرانس ٢٤ : ١

متابعات – «فويس»

في الجزء الثاني من هذا التحقيق حول وجود قذائف هاون ذات منشأ أوروبي في السودان، نغوص في خفايا العقد الذي أوصل أسلحة صنعت في بلغاريا إلى ساحات القتال في السودان، وذلك على الرغم من حظر تصدير الأسلحة الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على هذا البلد. وبفضل وثائق حصرية، تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من التعرف على الشركة التي أشرفت على هذا العقد: ويتعلق الأمر بشركة إنترناشونال غولدن غروب، وهي شركة إماراتية معروفة بتطورها في عدة ملفات في نقل أسلحة إلى مناطق تخضع لحظر تصدير أسلحة.

في الجزء الأول من سلسلة المقالات: في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، قام مقاتلون سودانيون بتصوير غنيمتهم: ويتعلق الأمر بقذائف هاون هاون وفق تأكيدهم إلى قوات الدعم السريع، المليشيا شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني في حرب أهلية مستمرة منذ نيسان/أبريل 2023. وتم نقل هذا الأسلحة، التي صنعت في بلغاريا إلى السودان على الرغم من حظر تصدير الأسلحة المفروض من الاتحاد الأوروبي على هذا البلد الذي تمزقه الحرب. 

إقرأ أيضاً قنابل أوروبية في السودان: قذائف بلغارية في قلب الصحراء (1/5)

للوهلة الأولى، لم ترغب اللجنة الوزارية لمراقبة التصدير، والهيئة البلغارية المكلفة بمنح تراخيص تصدير الأسلحة في مدنا بمزيد من المعلومات حول البلد المصدر الأول لقذائف الهاون من تصنيع شركة دوناريت Dunarit، والتي ظهرت في مقاطع فيديو التقطت في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في السودان. وأضافت هذه اللجنة: “التصدير تم منحه إلى حكومة بلد لا يخضع لعقوبات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتم إعلام الهيئة البلغارية المختصة بنقل هذه المنتجات وحصلت على شهادة التوصيل من قبل المستخدم النهائي لها”. 

إلا أن مصدرا فضل عدم ذكر هويته، مد فريق تحرير مراقبون بنسخة من شهادة التوصيل المذكورة آنفا. وتم إصدار هذه الوثيقة في يوم 16 آب/أغسطس 2020 من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة والتي كانت مليئة بالمعلومات القيمة حول عملية التسليم. ونعلم من خلال هذه الوثيقة أن الطرف الأخير المستلم لقنابل الهاون بلغارية الصنع هو جيش الإمارات العربية المتحدة نفسه. 

تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية شراء قذائف هاون من صنع بلغاريا التي عثر عليها في السودان. وتؤكد هذه الوثيقة الصادرة من الإمارات العربية المتحدة (المؤطر الأول) بأن هذا البلد الخليجي تلقى نفس هذا النوع من قذائف الهاون التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان، ويتعلق الأمر بـ"قنابل هاون من عيار 81 مم شديدة الانفجار" (المؤطر الأخير)، إضافة إلى أنواع أخرى من القذائف. ويقول الجيش الإماراتي إنه المستخدم النهائي لهذا القذائف ويشير إلى شركتين متداخلتين في عملية التسليم شركة إماراتية، هي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي  “International Golden Group PJSC” (المؤطر الثاني)  وأخرى بلغارية هي "آرم ـ بي جي ليميتد"  “ARM-BG LTD” (المؤطر الثالث).
تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية شراء قذائف هاون من صنع بلغاريا التي عثر عليها في السودان. وتؤكد هذه الوثيقة الصادرة من الإمارات العربية المتحدة (المؤطر الأول) بأن هذا البلد الخليجي تلقى نفس هذا النوع من قذائف الهاون التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان، ويتعلق الأمر بـ”قنابل هاون من عيار 81 مم شديدة الانفجار” (المؤطر الأخير)، إضافة إلى أنواع أخرى من القذائف. ويقول الجيش الإماراتي إنه المستخدم النهائي لهذا القذائف ويشير إلى شركتين متداخلتين في عملية التسليم شركة إماراتية، هي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي “International Golden Group PJSC” (المؤطر الثاني) وأخرى بلغارية هي “آرم ـ بي جي ليميتد” “ARM-BG LTD” (المؤطر الثالث). © فرانس 24 – مراقبون

تسمح لنا هذه الوثائق بمعرفة أن كمية قذائف الهاون التي تم تسليمها كبيرة جدا. ويصل عددها إلى 15 ألف قذيفة من عيار 81 مليمتر (مثل تلك التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024) وشملت علمية التسليم أيضا 2780 قذيفة من عيار 60 مم و30 ألف قذيفة من عيار 82 مم و11464 قذيفة من عيار 120 مم، وهو عيار شديد القوة. وتم تسليم هذه الأسلحة على دفعتين: الأولى في شهر كانون الثاني/يناير والثانية في شهر شباط/فبراير 2020. وفي المحصلة، تم ذكر هاتين الشركتين إضافة إلى القيادة العامة للجيش الإماراتي، ويتعلق الأمر بشركة تزويد وهي  “آرم ـ بي جي ليميتد”  “ARM-BG LTD”  وشركة توريد وهي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي  “International Golden Group PJSC”. أما شركة دوناريت المصنعة لهذه الأسلحة فلم تتم الإشارة إليها. 

وتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من إجراء إعادة مطابقة لهذه المعلومات من خلال الاستعانة بوثيقة أخرى صادرة من مصدر ثان قادر على الاطلاع على المعلومات الصادرة من الجيش الإماراتي في إطار عملية بيع الأسلحة. وتتمثل هذه الوثيقة في المستخدم النهائي لها التي من المفترض أنها تضمن لمصنع الأسلحة وهيئة الرقابة في البلد المنشأ بأن المستخدم النهائي للأسلحة معروف بشكل واضح. كما أن هذا الأخير يقدم في معظم الحالات بدوره مجموعة من الالتزامات تشمل بالخصوص عملية إعادة تصدير الأسلحة. 

وتحتوي هذه الوثيقة الصادرة أيضا عن الجيش الإماراتي الذي يعرف نفسه بأنه المستخدم النهائي، على نفس رقم العقد الموجود في الوثيقة الأولى ويشير إلى نفس شركتي التزويد والتوريد. بفضل هذه المعطيات، “من الممكن التصديق بأن هاتين الوثيقتين تتعلقان بنفس عملية التسليم” وفق تقدير نيكولاس مارش الباحث المتخصص في تصدير الأسلحة بمعهد البحوث حول السلام ومقره أوسلو في النرويج. 

“المستخدم النهائي لم يعلمنا بأية عملية تصدير إضافية، لا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك” 

إلا أن هذه الوثيقة التي صدرت في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، تؤكد أن الجيش الإماراتي يلتزم “باستخدام الأسلحة للاحتياجات الخاصة بالقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة” و”عدم نقلها أو إعادة تصديرها أو إعارتها أو تأجيرها إلى طرف ثالث أو إلى أي بلد دون موافقة السلطات المختصة في بلغاريا”. 

وفي اتصال لفريق تحرير مراقبون فرانس24 بها لمعرفة ما إذا كانت قد منحت موافقتها هذه الأسلحة إلى السودان أو إلى جهة أخرى، أصرت اللجنة الوزارية البلغارية على أنها: “لم تقدم أي ترخيص لتصدير الأسلحة إلى دولة السودان”. من جهته، مدنا الرئيس المدير العام لشركة دوناريت البلغارية بيتار بيتروف بتفاصيل أوفى ويوضح قائلا: 

“على الوثائق، نرى بلد وجهة هذه الأسلحة، ولكن أيضا الشركة [فريق التحرير: إنترناشونال غولدن غروب] إنها شركة عامة. ولم نتلق أوامر بوجود قيود على عمليات التصدير إلى الإمارات العربية المتحدة. وهذا ما قامت لجنتنا بتفحصه. ووفق القواعد المحددة، عندما يقرر المستخدم النهائي إعادة تصديرها، يجب عليها أن يعلم مسبقا كل الأطراف المتداخلة في عملية التسليم أي المصنع واللجان المختصة، كل الأطراف. في هذه الحالة، لم يقوموا بذلك، لا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك”. 

زد على ذلك أن الوثيقة الثانية تشير إلى كمية أكبر بكثير من القنابل، ويصل عددها إلى 105 آلاف قنبلة، في حين أن المعلومات المذكورة في الوثيقة الأولى تشير إلى كمية تصل إلى 60 ألف قنبلة. ولا يتعلق الأمر بشيء مثير للريبة وفق تقدير نيوكولاس مارش الذي يضيف: “من الممكن أن يتم السماح بإجراء عمليات تسليم أخرى بدون ضرورة الحصول على ترخيص جديد. من الصعب معرفة إذا ما تم تسليم الكمية التي تمثل الفارق بين ما تم ذكره في وثيقة المستخدم النهائي ووثيقة عملية التسليم [فريق التحرير: هنا، يتعلق الأمر بفارق في الكمية يصل إلى 45 ألف قذيفة هاون]”. 

عقد تقدر قيمته بنحو 50 مليون يورو 

هنا، يشير نيكولاس مارش إلى أن الثمن الإجمالي لـنحو 105 آلاف قذيفة هاون التي ذكرت في وثيقة المستخدم قد تصل إلى 50 مليون يورو، ويردف قائلا: 

“هذا النوع مع عمليات التسليم يتطابق مع ما يتطلبه عمل مجموعة مسلحة كبيرة غير حكومية، ويمكن القول بصراحة أنها كمية ضخمة على مجموعة من هذا النوع. في المقابل، في حال تعلق الأمر بدولة تعيش نزاعا مفتوحا، فإنها كمية محدودة نسبيا.” 

تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من مطابقة تقديرات الخبير نيكولاس مارش لقيمة هذه الصفقة مع تقديرات مؤسسة أوميغا ريسرش فاونديشن  Omega Research Foundation وهي شبكة من باحثين متخصصين في انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام عتاد دفاعي أو أمني. 

هذا المبلغ التقديري البالغ نحو 50 مليون يورو لعملية تصدير هذه الأسلحة ليس أبدا بالرقم الهين لدولة مثل بلغاريا، ووفق المعلومات التي جمعها المركز الأوروبي المناهض لتجارة الأسلحة، فإن قيمة الصادرات البلغارية إلى الإمارات العربية المتحدة بين عامي 2015 و2020 [فريق التحرير: التقديرات الأخيرة تبدو ضئيلة جدا]، تتراوح ما بين 10 إلى 30 مليون يورو في العام. 

أما في سنة 2019، العام الذي ذكر أنه عام تسليم هذه الصفقة في الوثيقتين اللتين اطلع عليهما فريق تحرير مراقبون فرانس24، فقد ارتفعت قيمة صادرات بلغاريا إلى الإمارات إلى نحو 83 مليون يورو بشكل مفاجئ. وبالتالي من المرجح بأن اقتناء 105 آلاف قذيفة هاون بلغارية إلى الإمارات يمثل أكثر من نصف قيمة مجمل الصادرات إلى هذه البلد الخليجي في هذا العام الخارق للعادة. 

آرم ـ بي جي الوسيط البلغاري 

وفي تصريحاتها لفريق تحرير مراقبون فرانس24، تصر اللجنة الوزارية لمراقبة التصدير في بلغاريا في عدة مناسبات بأن البلد “يحترم بشكل صارم كل الالتزامات في مجال مراقبة عمليات التصدير، ويتبع سياسة وطنية مسؤولة”. 

على الرغم من ذلك، تثير طبيعة الوسطاء الضالعين في هذه الصفقة الريبة. إذ لم يتوفر سوى نزر قليل من المعلومات حول شركة آرم ـ بي جي ARM-BG، إلا أن هذه الشركة تملك في المقابل رخصة رسمية لتصدير وتوريد الأسلحة. ووفق المعلومات المتوفرة في موقع أوربيس Orpis المتخصص في هذا النوع من الملفات، فإن هذه الشركة لا تشغل سوى أربعة موظفين، ويبدو أنها حققت أكبر قدر من الأرباح في السنتين اللتين تمت فيهما صفقة بيع أسلحة شركة دوناريت إلى الإمارات العربية المتحدة. ووصل رقم معاملاتها إلى أكثر من 78 مليون دولار في سنة 2019، وثم 106 ملايين دولار في عام 2020 قبل أن ينخفض هذا الرقم بشكل كبير إلى 6 ملايين يورو في سنة 2021، وهو العام الذي دخلت فيه شركة آرم ـ بي جي في عجز كبير. وتشير نتائج معاملاتها إلى أنها سجلت في هذا العام خسائر بما يقرب من 3 ملايين يورو. 

على هذا المخلص للنتائج الاقتصادية لشركة آرم ـ بي جي البلغارية ARM-BG التي نشرت في موقع أوربيس المتخصص، يمكن لنا أن نرى أن رقم معاملات هذه الشركة مر من نحو مليون يورو في سنة 2018 إلى أكثر من 78 مليون يورو في سنة 2019. ويتعلق الأمر بالعام الذي الذي أرسل فيه الجيش الإمارات وثائق للسلطات البلغارية لتمكينه من توريد قذائف من تصنيع شركة دوناريت. وواصل رقم معاملات شركة آرم ـ بي جي صعوده التاريخي في سنة 2020، وهو العام الذي عمليتي تسليم قذائف الهاون أكدتها وثائق اطلع عليها فريق تحرير مراقبون فرانس 24، وتجاوز عتبة 100 مليون يورو
على هذا المخلص للنتائج الاقتصادية لشركة آرم ـ بي جي البلغارية ARM-BG التي نشرت في موقع أوربيس المتخصص، يمكن لنا أن نرى أن رقم معاملات هذه الشركة مر من نحو مليون يورو في سنة 2018 إلى أكثر من 78 مليون يورو في سنة 2019. ويتعلق الأمر بالعام الذي الذي أرسل فيه الجيش الإمارات وثائق للسلطات البلغارية لتمكينه من توريد قذائف من تصنيع شركة دوناريت. وواصل رقم معاملات شركة آرم ـ بي جي صعوده التاريخي في سنة 2020، وهو العام الذي عمليتي تسليم قذائف الهاون أكدتها وثائق اطلع عليها فريق تحرير مراقبون فرانس 24، وتجاوز عتبة 100 مليون يورو © Orbis

أرسين نازاريان، أحد مديري شركة آرم ـ بي جي ، يصر من جهته على قانونية هذه الصفقة التي شاركت مؤسسته فيها، ويضيف قائلا: 

سلمت شركة آرم ـ بي جي طلبا إلى اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات للحصول على ترخيص تصدير إلى الإمارات العربية المتحدة كمستخدم نهائي، وهي تحتوي على كل المعطيات والوثائق المطلوبة وفق التشريعات البلغارية والأوروبية السارية، إضافة إلى القواعد المحددة من قبل الأمم المتحدة. 

وفي اتصال هاتفي مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، يضيف نفس الشخص: ” نحن شركة وسيطة، ولا نقوم بعمليات التصدير أو التوريد بأنفسنا، كما أننا لا نتكفل بنقل السلع”. على الرغم ذلك، تمت الإشارة في المقابل إلى أن شركة آرم ـ بي جي على أنها “المصدر أو المزود” في الوثائق الإماراتية التي تم تسليمها إلى السلطات البلغارية. 

وعند اتصال فريق تحرير مراقبون بها مرة ثانية، رفضت شركة آرم ـ بي جي تقديم المزيد من المعلومات. أما اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات فأكدت من جهتها بأنها “لا تملك أي دليل على تداخل شركة آرم ـ بي ليميتد Arm BG Ltd في عملية تسليم أسلحة إلى مستخدمين نهائيين غير قانونيين أو في عملية إعادة تصدير غير شرعية”.

إنترناشونال غولدن غروب، الشركة الإماراتية المشترية متورطة في عملية تحويل وجهة الأسلحة 

الشركة الأخرى التي تمت الإشارة إليها في الوثائق المتعلقة بصفقة بيع أسلحة من تصنيع شركة دوناريت البلغارية هي شركة إنترناشونال غولدن غروب (إي سي جي) International Golden Group (IGG). وتم الإشارة إلى هذه الشركة على أنها “الطرف المورد” للأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة. هيلين كلوزه، هي باحثة متخصصة في قطاع التسلح في مؤسسة أوميغا ريسرتش غروب، تمكنت من جمع معلومات حول هذه الشركة خلال نشاطها في سوق التسلح بالإمارات العربية المتحدة، توضح قائلة: 

تم تأسيس شركة إنترناشونال غولدن غروب في سنة 2002. ونعتقد بأن الشركة كانت في تلك الفترة خاصة أو شبه خاصة، إلا أنها كانت مرتبطة من دون شك بعلاقات مع الحكومة الإماراتية. وفي سنة 2017، قدمت هذه الشركة نفسها على أنها المزود الأول للقوات المسلحة ووزارة الداخلية الإماراتية. 

لا يخضع بيع الأسلحة الأوروبية إلى الإمارات العربية المتحدة لأية عقوبات أو حظر. إلا أن شركة إنترناشونال غولدن غروب ليست شركة غير معروفة في هذا البلد الخليجي: بالإضافة إلى تزويدها الجيش الإماراتي، تعرف هذه الشركة بممارساتها في تحويل وجهة الأسلحة إلى مناطق النزاع، وفق تأكيد عدد كبير من المتخصصين في الميدان لفريق تحرير مراقبون فرانس24. توني فورتن، المكلف بجمع المعلومات حول بيع الأسلحة والشركات المتخصصة في المجال، يعلق قائلا في هذا السياق: 

تملك شركة إنترناشونال غولدن غروب سمعة سيئة جدا، إنها معروفة وسط مصنعي الأسلحة. لدى هذه الشركة سمعة بأنها تعمل بما يشبه دولة داخل الدولة الإماراتية، من خلال السماح لها بالتصرف في تدفق الأسلحة بطريقة غامضة. 

ونجد أثرا لأنشطتها المزعزعة للاستقرار في تقارير مجمع الخبراء التابع للأمم المتحدة حول ليبيا، وهو البلد الذي يخضع لحظر شامل لتصدير الأسحلة من قبل مجلس الأمن التابع للمنظمة الأممية والذي تم إقراره في سنة 2011. 

في كل سنة، يسلم مجمع الخبراء المذكور تقريرا حول الوضع في ليبيا، يحاول من خلاله بالخصوص تحديد الدول والشركات والأشخاص المتورطين في انتهاك هذا الحظر. ومنذ عام ٢٠١٣، تم التأكد من أن هذه الشركة هي فاعل رئيس في نقل مئات الآلاف من الرصاصات ألبانية الصنع إلى بنغازي في شرق ليبيا. ويؤكد تقرير المجمع الأممي بأن “شركة إنترناشونال غولدن غروب كانت الطرف الممثل للقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة خلال المفاوضات”. 

ظهر اسم شركة إنترناشونال غولدن غروب في تقارير خبراء الأمم المتحدة حول ليبيا منذ عام 2023: ووفق تقرير هذه السنة، فإن الشركة (وقع تسطيرها باللون الأحمر من قبل فريق تحرير مراقبون فرانس 24) مثلت على الأرجح الجيش الإماراتي في صفقة شراء أسلحة ألبانية، تعلقت في الواقع بتصدير أسلحة إلى بنغازي في شرق ليبيا.
ظهر اسم شركة إنترناشونال غولدن غروب في تقارير خبراء الأمم المتحدة حول ليبيا منذ عام 2023: ووفق تقرير هذه السنة، فإن الشركة (وقع تسطيرها باللون الأحمر من قبل فريق تحرير مراقبون فرانس 24) مثلت على الأرجح الجيش الإماراتي في صفقة شراء أسلحة ألبانية، تعلقت في الواقع بتصدير أسلحة إلى بنغازي في شرق ليبيا. © تقارير خبراء الأمم المتحدة

في سنوات 2016، و2022 و2023، ارتبط اسم شركة إنترناشونال غولدن غروب بقرار حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا الصادر عن الأمم المتحدة. إذ يتحدث تقرير سنة 2022 عن نقل قنابل هاون من عيار 120 مم. وتم استخدام إحدى هذه القنابل داخل منزل مدني في العاصمة الليبية طرابلس خلال سنة 2020. خلال تلك الفترة، كانت منطقة طرابلس الخاضعة لسيطرة الحكومة الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة تعيش على وقع هجوم واسع النطاق من قبل قوات خليفة حفتر، القائد العسكري المهيمن على شرق ليبيا. وكان هذا الهجوم العسكري محل دعم من الإمارات العربية المتحدة، وشارك فيه بالخصوص مرتزقة من شركة فاغنر الروسية. 

تشير تقارير مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة في عدة مرات إلى اسم شركة "‘إنترناشونال غولدن غروب" بسبب ارتباطه بعمليات تصدير أسلحة غير شرعية إلى مناطق خاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر في ليبيا، وهو الحليف الوثيق للإمارات العربية المتحدة. كما أن تقرير نفس المجمع الأممي لسنة 2022 أشار أيضا إلى آثار قذيفة هاون عيار 120 مم لقصف منزل مدني في طرابلس، خضع لفترة ما إلى سيطرة قوات المشير خليفة حفتر، وتبين أن  قذيفة هاون هذه تم شراؤها من قبل شركة إنترناشونال غولدن غروب خلال سنة 2018، وفق ما أكدته وثائق تذكر بأن الإمارات العربية المتحدة هي المشتري النهائي لهذا النوع من الأسلحة.
تشير تقارير مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة في عدة مرات إلى اسم شركة “‘إنترناشونال غولدن غروب” بسبب ارتباطه بعمليات تصدير أسلحة غير شرعية إلى مناطق خاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر في ليبيا، وهو الحليف الوثيق للإمارات العربية المتحدة. كما أن تقرير نفس المجمع الأممي لسنة 2022 أشار أيضا إلى آثار قذيفة هاون عيار 120 مم لقصف منزل مدني في طرابلس، خضع لفترة ما إلى سيطرة قوات المشير خليفة حفتر، وتبين أن قذيفة هاون هذه تم شراؤها من قبل شركة إنترناشونال غولدن غروب خلال سنة 2018، وفق ما أكدته وثائق تذكر بأن الإمارات العربية المتحدة هي المشتري النهائي لهذا النوع من الأسلحة. © مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة

وفي نفس التقرير، يعود التقرير بتفاصيل أكثر عن حالات حدثت في سنة 2013 ويقول: في الوقت الذي تمت الإشارة فيها بشكل كاذب إلى المشتري النهائي لهذه الأسلحة هي الإمارات العربية المتحدة [فريق التحرير: على الوثائق المقدمة من قبل شركة إنترناشونال غولدن غروب]، فقد تم نقل هذه الذخائر عبر الطائرة مباشرة إلى بنغازي في ليبيا”. وتم الإشراف على الرحلة الجوية التي نقلت هذه الأسلحة من قبل وسيط متورط في هذه الصفقة. ففي الوقت الذي أشار فيه مسار الرحلة الأولي إلى أنها متوجهة إلى الإمارات العربية المتحدة، تم تغييره في آخر لحظة لتتجه الطائرة إلى ليبيا. 

أما تقرير نفس الخبراء لسنة 2016، الذي تحدث هذه المرة على حالات توريد صواريخ بلغارية إلى ليبيا، فيؤكد بأن الخبراء “طلبوا من بلغاريا تتبع وجهة (هذه الصواريخ)” و”أعلمت السلطات البلغارية مجمع الخبراء الأممي بأن شركة إنترناشونال غولدن غروب هي الشركة التي قامت بتوريد هذه الأسلحة وأكدت بأن المستخدم النهائي لها هي القوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة”. 

وهو ما يعني بأن السلطات البلغارية كانت على علم منذ سنة 2016 على الأقل، أي قبل ثلاث سنوات من إرسال الإمارات العربية المتحدة وثائق تطلب منها تمكينها من شراء قذائف هاون من شركة دوناريت، بأن الأسلحة التي يتم بيعها إلى شركة إنترناشونال غولدن غروب على أنها لصالح الجيش الإماراتي يمكن أن يتم تحويل وجهتها. 

هنا، يعود الخبير نيكولاس مارش ليعلق قائلا: “من المفترض أنه في مثل هذه الحالات، عندما تتلقى بلغاريا معلومات، يجب أن تقوم بمشاركتها مع باقي الحكومات الأوروبية” ويضيف قائلا: 

ابتداء من تلك اللحظة، يجب على السلطات البلغارية عدم تقديم تراخيص تصدير أسلحة جديدة لصالح شركة إنترناشونال غولدن غروب، كما يجب عليها أيضا بالخصوص أن تتوخى الحذر الشديد في كل ما يتعلق بعمليات تصدير إلى الإمارات العربية المتحدة بشكل عام. ولكن مع الأسف، لم تسر الأمور في الواقع بهذه الطريقة.

وفي سؤال عما إذا كانت تعلم في السابق بحالات كثيرة لتحويل وجهة أسلحة من قبل شركة إنترناشونال غروب والتي وثقها مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة، عند منحها ترخيص صفقة تصدير الأسلحة إلى الإمارات في سنة 2019، لم تجب اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات على طلب الاستفسارات من فريق تحرير مراقبون فرانس24. 

ولا يملك فريق تحرير مراقبون فرانس24 معطيات تسمح له بتقفي أثر الجزء الأخير من رحلة الذخائر بلغارية الصنع في اتجاه السودان، ومعرفة ما إذا كانت هذه الدفعة قد تم نقلها من قبل شركة إنترناشونال غولدن غروب في اتجاه منطقة شرق ليبيا الخاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر. وفي أسئلة بهذا الصدد، لم تجب اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات أو شركة إنترناشونال غولدن غروب على طلباتنا للتوضيح.

ولكن للحصول على مزيد من التفاصيل، لدينا طريقة أخرى تتمثل في تقفي أثر الرجال الذين رافقوا موكب الذخائر البلغارية إلى السودان، والذين ظهرت وثائق هوياتهم في مقاطع الفيديو التي التقطها مقاتلون سودانيون في يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.  

جوازا السفر الظاهران في مقاطع الفيديو التي التقطها مقاتلون سودانيون في يوم 21 تشرين الثاني نوفمبر 2024 تكشف عن أن الأمر يتعلق بمواطنَين من كولومبيا والذي يبدو أنهما كانا موجودين على الأرجح في موكب العربات الذي حمل الأسلحة: وهما كريستيان إل وميغال بي.
جوازا السفر الظاهران في مقاطع الفيديو التي التقطها مقاتلون سودانيون في يوم 21 تشرين الثاني نوفمبر 2024 تكشف عن أن الأمر يتعلق بمواطنَين من كولومبيا والذي يبدو أنهما كانا موجودين على الأرجح في موكب العربات الذي حمل الأسلحة: وهما كريستيان إل وميغال بي. © فرانس 24 – مراقبون

جوازا السفر الظاهران في مقاطع الفيديو التي التقطها مقاتلون سودانيون في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 تكشف عن هوية مواطنين كولومبيين يبدو أنهما كانا موجودين في موكب نقل الأسلحة: وهما كريستيان إل وميغال بي. 

بإمكانكم الاطلاع على باقي تفاصيل التحقيق في الجزء الثالث الذي سينشر غدا السبت بعنوان:

قنابل أوروبية في السودان: طريق المرتزقة من الإمارات إلى السودان (3/5)   

المصدر – «فرانس 24»

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *