قطاع الدواجن في السودان واقع يتطور ورؤية خضراء نحو المستقبل
Admin 5 أبريل، 2025 103

إعداد: معتصم تاج السر
عضو مؤسس لحركة السودان الأخضر
• في هذا العدد من «همس الحقول» نسلط الضوء على واقع تربية الدواجن في السودان وأهم الأنواع المناسبة لبيئته والتحديات التي تواجه هذا القطاع، بالإضافة إلى التجارب الدولية الناجحة التي يمكن الاستفادة منها.
كما نستعرض رؤية حركة السودان الأخضر التي تسعى إلى إحداث تغيير إيجابي مستدام من خلال دعم الإنتاج المنزلي والتعاوني، وتطوير القرى النموذجية، واستيعاب المسرحين من العسكريين في مشاريع إنتاجية تعزز الاستقرار الاجتماعي.
إن الاستثمار في الدواجن ليس مجرد مشروع اقتصادي بل هو خطوة نحو تحقيق الاستقلال الغذائي، وتقليل الفقر، وتحسين حياة الملايين من السودانيين. فكيف يمكن تحويل هذا القطاع إلى قصة نجاح وطنية..؟
وما هي السياسات والمبادرات التي يمكن أن تضع السودان على خارطة الدول الرائدة في صناعة الدواجن؟
هذا ما سنناقشه في هذا العدد.

واقع القطاع
يشهد قطاع الدواجن في السودان نمواً تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير تقارير وزارة الثروة الحيوانية إلى أن الإنتاج المحلي يغطي جزءاً كبيراً من احتياجات السوق، خاصة في المدن الكبرى.
وينقسم النشاط إلى تربية دواجن تجارية في المزارع النظامية، وتربية تقليدية في المنازل والقرى.
أنواع الدواجن المناسبة للبيئة السودانية
نظراً لتنوع المناخ والظروف البيئية في السودان، فإن اختيار سلالات الدواجن المناسبة يمثل عاملاً حاسماً في نجاح مشاريع التربية. وتشمل الأنواع الأكثر ملاءمة:
الدجاج البلدي السوداني:
يتميز بقدرته العالية على التحمل في الظروف القاسية ومقاومته للأمراض، كما أن لحمه وبيضه يحظيان بقبول واسع في الأسواق المحلية.
الدجاج البياض (الهجين الأبيض والبني):
يُستخدم في المزارع التجارية لإنتاج البيض بكميات كبيرة، ويتطلب ظروفاً بيئية ورعاية صحية أفضل من الدجاج البلدي.
دجاج التسمين (البرويلر):
سريع النمو ويُنتج لحماً بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة، وهو شائع في المزارع التجارية، لكنه يحتاج إلى إدارة دقيقة وتغذية عالية الجودة.
الديوك الرومية والبط:
بدأت بعض المشاريع الريفية في إدخالها بنجاح كتنويع للإنتاج، وهي مناسبة في بعض المناطق ذات وفرة المياه والمراعي.

الصناعات المصاحبة لقطاع الدواجن
يعتبر قطاع الدواجن من القطاعات التي تحفز العديد من الصناعات المصاحبة، والتي تلعب دوراً محورياً في تعزيز القيمة المضافة وزيادة فرص التوظيف.
ومن أبرز هذه الصناعات:
صناعة الأعلاف:
تشكل الأعلاف حوالي 60-70% من تكلفة إنتاج الدواجن، لذا فإن تطوير مصانع محلية لإنتاج الأعلاف من مصادر زراعية متاحة مثل الذرة والسرغوم (الذرة الرفيعة) يمكن أن يقلل التكلفة ويضمن استدامة الإنتاج.
مصانع فقاسات البيض:
إنشاء مصانع محلية لإنتاج الفقاسات بأنواعها المختلفة يمكن أن يسهم في دعم مشاريع التفريخ وتوسيع الإنتاج.
المسالخ الحديثة:
وجود مسالخ متطورة يضمن جودة المنتج النهائي، ويفتح الباب أمام التصدير وفق المعايير الدولية.
تصنيع منتجات الدواجن:
مثل اللحوم المجمدة، والنقانق، والبرجر، والبيض المجفف، مما يزيد من القيمة المضافة.
إعادة تدوير المخلفات:
مثل استخدام الريش والعظام في صناعة الأسمدة العضوية والأعلاف الحيوانية.
صناعة الأدوية البيطرية واللقاحات:
دعم هذا المجال يقلل الاعتماد على الخارج ويحسن مناعة القطيع ضد الأمراض.

إنتاج الدواجن الأورجانيك وفق مبادرة «أورجانيك سودان»
ضمن رؤيتها نحو التحول الغذائي الآمن والمستدام، تتبنى حركة السودان الأخضر مبادرة «أورجانيك سودان»، التي تهدف إلى تشجيع إنتاج الأغذية العضوية بما في ذلك قطاع الدواجن.
وتعمل المبادرة على دعم تربية الدواجن بنهج خالٍ من المواد الكيميائية والمضادات الحيوية الصناعية، وتغذيتها بأعلاف طبيعية خالية من الإضافات الاصطناعية، مع توفير بيئة معيشية صحية وطبيعية للقطيع.
تسعى هذه المبادرة إلى خلق سوق سودانية متخصصة في الأغذية العضوية، تلبّي الطلب المتزايد محلياً وعالمياً، وتفتح أبواباً للتصدير نحو الأسواق التي تفضل المنتجات العضوية، ما يمكن أن يُحدث تحولاً نوعياً في الاقتصاد الزراعي السوداني.
تجارب دولية ناجحة في قطاع الدواجن
البرازيل:
من أكبر مصدري الدواجن في العالم، بفضل التركيز على الجودة واستخدام التكنولوجيا الحديثة.
الهند:
دعمت صغار المزارعين ببرامج حكومية وتمويلية، ما أدى إلى انتعاش الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي.
مصر:
أنشأت صناعة متكاملة للدواجن تشمل الأعلاف، والمسالخ، والتوزيع، مما جعلها دولة رائدة عربياً.
هولندا وتركيا:
اعتمدتا تقنيات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة لخفض التكلفة وتحقيق الاستدامة.

أهمية التدريب للمربين والمنتجين
التدريب ركيزة أساسية لنجاح قطاع الدواجن، فهو يمنح المربين المعرفة بكيفية التعامل مع الدواجن ورعايتها الصحية والتغذوية، ويزودهم بالمهارات اللازمة لإدارة المشاريع الصغيرة والكبيرة بكفاءة.
تشمل برامج التدريب جوانب مثل:
الوقاية من الأمراض واللقاحات المناسبة.
استخدام الأعلاف الطبيعية والمحلية بذكاء.
إدارة الفقاسات والتهوية والتدفئة.
التسويق والتعبئة والتغليف.
الإلمام بمعايير الجودة وسلامة الغذاء.

رؤية حركة السودان الأخضر: من المنزل إلى السوق
تسعى حركة السودان الأخضر إلى إحداث تحول مجتمعي شامل عبر تطوير قطاع الدواجن عبر ثلاث مبادرات رئيسية:
1. قفص دواجن في كل بيت سوداني: لنشر ثقافة الإنتاج المنزلي الغذائي.
2. مزرعة دواجن تعاونية في كل قرية نموذجية: تعزز روح الجماعة والاقتصاد المحلي.
3. فقاسة مركزية بكل قرية: تُجمع فيها البيوض المنزلية وتُفقس بطرق علمية لزيادة الإنتاج.
كما تسعى الحركة إلى إنشاء بورصة دواجن سودانية لتنظيم السوق، وتحقيق الشفافية والعدالة في الأسعار.
تطوير قطاع الدواجن بعد الحرب
بعد الدمار الذي خلفته الحرب، يُعد قطاع الدواجن من القطاعات الأسرع نهوضاً إذا ما توفرت الإرادة السياسية والدعم المجتمعي. وهو قطاع يمكن أن يشكل حجر الزاوية في إعادة بناء الاقتصاد الريفي وإعادة تأهيل الأسر المنتجة المتضررة.

رؤية حركة السودان الأخضر للتغيير الإيجابي بعد الحرب
تتبنى حركة السودان الأخضر رؤيتها للتغيير الإيجابي الإنسيابي الإبداعي الأخضر في تغيير المفاهيم وخلق واقع جديد بعد الحرب، وذلك من خلال تشجيع ودعم الإنتاج المنزلي والتعاوني وفق رؤيتها في إنشاء القرى النموذجية، والتي تعتمد على التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي مما يحقق السيادة الغذائية.
كما تطرح الحركة مبادرة استيعاب الجيش الأخضر، والتي تهدف إلى دمج المسرّحين من العسكريين من الحركات والمليشيات بعد إعادة الدمج والتسريح في مشاريع زراعية وإنتاجية، ومنها قطاع الدواجن، لضمان إعادة تأهيلهم مهنياً واقتصادياً، وتحقيق استقرار اجتماعي طويل الأمد.
الوعد والمنى
الوعد هو أن يصبح السودان دولة رائدة في إنتاج الأغذية الآمنة، عبر دواجن عضوية، إنتاج محلي كثيف، وأسواق عادلة.
والمنى أن يتحول الريف السوداني إلى بؤر إنتاج حقيقية، وأن يكون كل بيت مصدر خير، وكل قرية نموذجاً، وكل شاب مساهماً في بناء وطن معافى وغذاء أورجانيك صحي يليق بأهل السودان…
نحو سودان أخضر، مكتفٍ، ومصدر للعافية.
شارك الموضوع