محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

 • هو رجل من عامة الناس، ليس صاحب سلطة أو جاهٍ، جمعنا الجوار بالحارة ٢١منذ العام ١٩٨٠، وهو يافع مازال بمقاعد الدراسة، لكنّ والديه ربيا أبناءهما على التقوى، وغرسا فيهم مكارم الأخلاق، كان منزلهما قبلة لأسرتهم الكبيرة ومعارفهم، فقد تعرفنا على الكثير ممن سكنوا في هذا البيت سنين عدداً، وصرنا أسرة واحدة. 

قصي حماد نشأ ملتزماً، جاداً في الحياة، يسبق أبناء جيله في إنجاز أشيائه، فقد ولج سوق العمل، ثم سافر إلى ليبيا، وتزوج وأنجب وهو في ريعان شبابه، والآن أبناؤه من شباب الحي المعروفين بأدبهم وحسن تعاملهم، وطيب معشرهم. 

عندما توفي حماد صالح عام ٢.١٩، تصدى قصي للمهمة الشاقة، فأن تسد فراغ رجل أشبه بحاتم الطائي في جوده، وبالحكماء في رجاحة العقل وحسن التصرف، ووزن الأمور بميزان الحق والعدل. شمر قصي عن ساعده وقبل التحدي، متوكلاً على الله. 

ونحن الذين عايشنا والده وأعماله الجليلة ويده الممدودة بالخير للجميع، كنّا مشفقين على قصي من ثقل الحمل وصعوبة المهمة، لكنّ شيئاً في الدواخل يجعلنا مطمئنين، داعين الله أن يعينه على المسؤولية، ويوفقه في أدائها، كما كان يؤديها والده. وبحمد الله نجح قصي في تصدُّر المشهد، وما هي إلا أيام حتى بدت الصورة الزاهية المفرحة، فهذا الشبل من ذاك الأسد، وهاهو قصي في ثوب عميد الأسرة، المتشبّع بطبع والديه، فكان هو الربان الماهر، الذي يحسن قيادة السفينة ويجيد، بل أضاف إليها كيلاً مما اختصه الله به من خصال حميدة، فالبيت ظل مفتوحاً للضيوف، والعلاقات زادت متانة، وصارت سيرة قصي وإخوانه (أولاد حماد) على ألسنة الناس، يذكرونهم بالخير دائماً، ويضربون بهم المثل في الزمالة والصداقة والجوار الحسن. 

لكن سنة الحياة التي هي دار ممر وليست دار مقر، فالموت هو سبيل  الأولين والآخرين، والذي قضى به ربنا علينا، فقدنعى الناعي الفقيد قصي حماد في صبيحة يوم الأحد ٢٠٢٥/٦/٢٢ وهو في رحلة عمل بمدينة دنقلا، بعد أن أدى رسالته على أكمل وجهٍ. 

وسلّم الراية لمن هم أهلٌ لحملها.

إننا نعزي أنفسنا في فقدنا الجلل، ولكننا نثق بأنَّ إخوة الفقيد معتز وأحمد ومنتصر، وأبناءه أسامة وبكري وأواب ومحمد وحماد. وأخوات الفقيد وبناته، سيحملون الراية كما ينبغي، وسيواصلون المسيرة.. فكل واحد منهم جدير بوضع بصمته. اللهم تقبّل عبدك قصي حماد قبولاً حسناً، وبارك في عقبه، وألهم الجميع الصبر،، آمين

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *