في يوم المعلم العالمي… نقف لك إجلالاً

308
P29_MISCS_041025

بقلم: حسن عبد الرضي

يوافق الخامس من أكتوبر من كل عام يوم المعلم العالمي، الذي أقرّته منظمة اليونسكو عام ١٩٩٤ تخليداً لذكرى توقيع “توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية” لعام ١٩٦٦ الخاصة بأوضاع المعلمين وحقوقهم وواجباتهم. إنه يوم للاحتفاء بدور المعلم في بناء العقول والمجتمعات، وللتذكير بضرورة احترام مهنته وتقدير تضحياته.

في هذا اليوم، يتوقف العالم لحظة تأمل وصمت أمام أعظم رسالة حملها بشر عبر العصور: رسالة التعليم. إنه يوم لا يكفيه الكلام، ولا يحيط به المداد؛ إذ كيف تختصر إنسانية المعلم، وصبره، وجهاده، في كلمات؟

المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة أو موظف يؤدي عملاً روتينياً في مدرسة، بل هو حارس الوعي، وباني اللبنات الأولى في جدار الحضارة. هو من يضيء عقول الأجيال بالعلم، ويزرع في القلوب الأمل، ويرسم ملامح المستقبل بجهد لا يعرف الكلل.

ورغم ذلك، كم عانى المعلم من ظلمٍ بيّن!
ظلم الرواتب الزهيدة التي لا تليق بمقامه، وظلم المجتمعات التي كثيراً ما نسيت فضله، وظلم الأنظمة التي همّشت رسالته العظمى، وكأن صناعة العقول ليست أساس كل نهضة. ومع هذا كله، ظل المعلم واقفاً شامخاً، يقاتل بالطبشورة والكتاب في وجه الجهل، كما يقاتل المحارب في ميدان المعركة.

اليوم، وفي هذه المناسبة الجليلة، لا نحتفل بالمعلم فقط، بل نبشّره بمكانه الطبيعي في مقدمة الصفوف. فالمعلم هو القائد الأول، وهو من يصنع القادة. هو من يخط على سبورة صغيرة ما سيكتب يوماً على صفحات التاريخ الكبرى.

أيها المعلم الجليل، قف مرفوع الرأس، فأنت صانع الحياة. قف واثقاً، فإنّ رسالتك باقية ما بقيت الإنسانية. قف عزيزاً، فإنّ الأمم العظيمة لا تنهض إلا على كتفيك.

وفي هذا اليوم العالمي، نجدد العهد بأن نرفع مكانة المعلم، وأن ندافع عن حقوقه، وأن نعيد له موقع الريادة؛ فهو الذي يستحق كل التكريم، وكل الإجلال، والانحناءة الصادقة أمام مقامه.

فلنقف جميعاً اليوم وقفة صادقة، نحيي بها من أنار لنا الدرب، ومن علّمنا كيف نكتب أسماءنا، وكيف نحلم، وكيف نصبح بشراً أرقى.

كل عام وأنت أيها المعلم، تاج الرأس، وسيّد الميدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *