في ذكرى رحيل شاعر قصيدة عابرة للأجيال 

42
الشاعر
Picture of الطيب فراج الطيب

الطيب فراج الطيب

• افاض الله من عفوه و رضاه على الشاعر الدكتور عبد الواحد عبد الله و قد عبرت ذكرى غيابه المحزن عن ساحة الادب الوطني الرصين خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر  . 

* ففي الخامس من مايو 2023 رحل الشاعر الذي خلد أثره و اسمه في ديوان الشعر السوداني عندما لازمه بذكرى رفع علم الإستقلال بقصيدة كتب لها ان تبقى تُسقى بحب السودانيين و وفائهم مع توالي الايام لتظل خضراء يانعة مزهرة يتجدد صباها مطلع كل عام جديد .. 

* و شاءت اقدار الله ان يكون رحيله في صمت لا يوازي حضوره في وجدان الشعب عقب شبوب نار الحرب الغادرة التي استباحت دماء و حرمات كل اهل السودان ، و لعل المفارقة المؤسفة ان تكون من بين لافتاتها الضالة آلمرفوعة بايدي مجموعات تدعي الإنتماء لهذا البلد ، لافتة تنادي بواد دولة 56 و دفنهاحية و هو تاريخ اعلان استقلالها و رمز ميلادها الجديد بعد حقب من الكفاح المر في سبيل الحرية و الكرامة الوطنية .

* خلد شاعرنا الراحل اثره في وجدان شعبه بقصيدة ضد النسيان و ضد غزاة الماضي و الحاضر و من تحدثه نفسه بإعادة المغامرة في المستقبل .

* هي قصيدة حق لها ان تسكت كل صوت قادم من خارج وقائع التاريخ ، لم يعرف كيف تشكل السودان و انتظم في عقد واحد على تعدد مكوناته و كيف تاسس على التراضي الواعي لتحقيق هدف مشترك ذلك لانه لم يولد في ترابه و لم يسهم في انماء شجرة تمازجه حتى استوت أصلها ثابت و فرعها في السماء .

* د. عبد الواحد عبد الله احد ابناء هذ البلد الطيب الكرام الموهوبين الذين بذروا نواة حبه في كل نفس ابية ، و اعلوا قيم الإحتفاء به و بتاريخه النضالي من أجل العزة و الكرامة و التحرر من قيد المحتل ، و ستبقى قصيدته الخالدة (اليوم نرفع راية استقلالنا) التي موسقها بابداع و انشدها بحب محمد وردي تنبض مع نبض قلوب السودانيين حيث كانوا يورثها جيل لجيل .

* إنها القصيدة التي ترسم لوحة تاريخية للسودان المتحد المتعاضد في مواجهة الدخيل ، و قد جمع شاعرها بين معركة كرري الشهيرة التي خاضتها جيوش المهدية (كرري تحدث عن رجال كالاسود الضارية) ، و بين نضال جمعية اللواء الابيض التي كان يقودها علي عبد اللطيف و زمرة من صحبه الوطنيين (و ليذكر التاريخ ابطالا لنا عبد اللطيف و صحبه) ، في نغم موزون عميق الدلالة و هو ينصف اولئك الرجال جميعا و يؤكد انهم من (غرسوا النواة الطاهرة .. و نفوسهم فاضت حماسا كالبحار الزاخرة ) في سبيل التحرر من قبضة المحتل . و هو الغرس الذي نشهد ثماره اليوم في هبة كل السودانيين الشرفاء شيبا و شبابا لمواجهة العدوان الغاشم القديم و قد تزيا بلباس غير الذي اعتاده ، و لكننا نعرفه من لحن القول و إن إدعى الصلاح و السعي للإصلاح . 

* و لعل غياب د. عبد الواحد لعقود خارج البلاد قد حد من حضوره في المشهد الاعلامي و المنتديات و المنابر الشعرية و الأدبية الراتبة و جعل المتاح من سيرته عند المهتمين لا يتناسب مع اثره الوجداني العميق في نفوس اهل السودان و الذي سيستمر و يزداد توهجا بإذن الله طالما ظلت ذكرى الاستقلال تستعاد و تتجدد بذكريات نضالها و مضامينها .

*  و سيظل نشيد الاستقلال بمطلعه الآسر المفعم بالشجن و الوفاء  (اليوم نرفع راية استقلالنا) يتردد صداه عابرا الحقب بإذن الله منبها من تاخذهم سنة من الغفله ان حريتهم ليست عطاء من أحد بل منتزعة انتزاعا قدم الاسلاف في سبيلها دماء غالية و نفوسا عزيزة بذلوها في سبيل هذا السودان و رفعة اهله الذين يخاطبهم الشاعر مذكرا و هم يحتفلون بذكرى الإستقلال:(من أجلنا ارتادوا المنون و لمثل هذا اليوم كانوا يعملون) . 

* رحم الله الشاعر عبد الواحد عبد الله و اثابه خيرا و بارك في اهله . آمين .

** تقول السيرة الذاتية للشاعر الراحل: 

* عبد الواحد عبد الله يوسف من مواليد مدينة القضارف في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن المنصرم .

* تخرج في جامعة الخرطوم 1964 مختصا في مجال التربية .

* عمل في مجال التعليم .

* حصل على الدكتوراة في إنجلترا .

* عمل استاذا في جامعة الخرطوم و جامعات اخرى أفريقية و عربية .

* استعانت به مملكة البحرين مستشارا في مجال التربية و التعليم .

* التحق باليونسكو و كان أحد خبرائها.

* له ديوان شعر مطبوع اسماه : قصائد في حب الناس و الوطن .

* هو أحد الاعضاء البارزين في جماعة اخوان الصفا الأدبية الفنية التي ضمت رموزا من اهل الشعر والفن منهم الحسين الحسن و صديق مدثر و عبد المجيد حاج الأمين و كمال عمر الامين و الفريق شرطة ابراهيم احمد عبد الكريم و عبد الكريم الكابلي و آخرين . رحمهم الله جميعا و احسن اليهم .

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *