في حضرة الأستاذ عبدالعزيز.. زيارة وفاء ومحبة

129
محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• ما أجمل أن نذكر إخوة لنا جمعتنا بهم الأيام ونحن طلاب في مقاعد الدراسة، أو الزمالة في مجال العمل، ومن المعلوم أن المدرسين أكثر الناس ارتباطاً وتواصلاً مع مجتمعاتهم، ومن باب أولى مع بعضهم بعضاً.

يوم الجمعة قبل الماضي كان يوماً بطعم الوفاء لقامة سامقة وهرم من إهرامات التربية والتعليم في بلادي، حيث يسّر الله لنا زيارة الأستاذ عبد العزيز عبد الخير، المعلم الذي حظيتُ بالعمل معه سنوات في مدرسة الثورة الحارة 19.

الأستاذ عبد العزيز بين المعلمين مثله مثل خليل إسماعيل بين أهل الفن، فمثلما يطلق على خليل (فنان الفنانين)، فكذلك عبد العزيز عبد الخير وسط المعلمين، فهو بحق (أستاذ الأساتيذ). لقد كان عبد العزيز مدرساً لطلابه، وقائداً ومعلماً لزملائه، بل كان موجهاً ومدرباً يأخذ بيد كل معلم مرشداً وممكناً لهم، ينزع من دواخلهم الرهبة ويزرع فيهم الثقة وحب المهنة، والتطلع للابتكار والنجاح. 

إن الأستاذ عبد العزيز كنزٌ من كنوز التعليم وعلم من أعلامه، لكن لم تكن هناك العين الفاحصة التي تلتقط الدرر، وتعرف كيف تفيد من تلك الخبرات المتراكمة، فقد كان هذا الرجل يعادل معهداً من معاهد إعداد المعلمين. 

فهو خير من يجيد تأسيس طلاب الحلقة الأولى، وهو صاحب طريقة مبتكرة تجمع بين الطريقة الجزئية التي كانت سائدة والطريقة الكلية المعمول بها حالياً، وقد حققت طريقته نجاحاً منقطع النظير، بل إن كثيراً من المعلمين قد أخذوها عنه وعملوا بها فهو شيخ هذه الطريقة، التي جنبت التلاميذ مصاعب ومعوقات كثيرة، وجعلت تلقيهم سهلاً، ويكفيه فخراً أن المتفوقين ممن  

درسوا على يده بالآلاف، ولا يخلو مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة من إذاعة أسماء تلاميذه المتفوقين على مستوى مرحلة الأساس،  ومن طلابه من حقق المركز الأول في امتحانات الشهادة السودانية. 

حدثنا البروف يوسف بن سليمان ونحن طلاب في السنة النهائية بكلية التربية أن المعلم (مادة + طريقة، فإذا كان المعلم متمكناً من مادته لكنه لا يجيد طريقة التدريس، فهو واعظ. وإذا كان يجيد الطريقة لكنه غير متمكن من المادة فهو ممثل).

وقد كان عبد العزيز خير من مارس التدريس متمكناً من مادته، منوعاً في طرقه، محبباً طلابه في العلم.

وبعد أن تقاعد الأستاذ عبد العزيز، ليته يعكف على توثيق تجربته كتابة، وليت وسائل الإعلام من صحف وإذاعات وفضائيات تستضيفه من باب الوفاء لمن قدّم لهذه البلاد عطاءً لا حدود له، كما أنه لديه ما يقوله مما يفيد المعلمين والطلاب وأسرهم.

دمتَ بخير يا صاحب الأيادي البيضاء والسيرة الناصعة والابتسامة الدائمة. 

نسأل الله أن يلبسك ثوب الصحة والعافية، وأن يجزيك أجر الصابرين وأنت تتقبل ما أصابك من مرض بكامل الرضا والتسليم. ضارباً المثل في قوة الإيمان والاحتساب.

 ورغم أن هذه الخطوة تأخرت كثيراً لكنها تمت بحمد الله.. فالتحية لمن صحبنا في هذه الزيارة المباركة الأساتذة أمين أحمد وعلي كوكو وبدوي جمعة، والابن محمد تاج السر. والشكر للأستاذ عبد العزيز وأسرته على الحفاوة التي وجدناها. ووعدنا ألا تنقطع الزيارات.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *