فرحة عيد ليلة من بهجةٍ وبهاءٍ نظمها النادي الاجتماعي السوداني – العين

217
2
Picture of هيثم محمداني - العين

هيثم محمداني - العين

حين يُعانق الفرح أضواء المساء، وتتمازج ألوان التراث مع أنغام الروح، يكون العيد في حضرة الوطن، ولو على أرضٍ بعيدة.
وهكذا كانت ليلة “فرحة عيد”، التي نظمها النادي الاجتماعي السوداني بمدينة العين، مساء السبت 7 يونيو 2025، الموافق ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، لوحةً من الفرح الخالص، وأغنيةً للوطن تُغنّى على لحن المحبة،
وقد احتضنت صالة النادي هذه الليلة الفريدة، فتحولت إلى مسرح نابض بالحياة والحنين.

السماء كانت أقرب، والمشاعر أدفأ، والقلوب أكثر التصاقًا ببعضها.

حضور يحاكي الولاء… والإدارة في قلب المشهد

حضر الفعالية عدد من أعضاء مجلس إدارة النادي، فكان حضورهم شهادة عيان على حبٍّ لا يبرد، ودعمٍ لا يغيب.
جاؤوا لا كضيوف، بل كأهل بيتٍ يشرفون على عرسٍ بهيج، فكانوا الظلّ الذي يحتضن الفكرة حتى تثمر، والماء الذي يروي جذور العمل حتى يُزهر.

مشاهد من التراث… وحكايات الطرب والروح

انطلقت الليلة من صالة النادي برقصاتٍ تراثية تمايلت معها الأرواح قبل الأجساد، في مشهدٍ تشبيهًا له: كأن الفلكلور يرقص في ثوب العيد، ويروي قصص الجدات على أنغام الحداثة.
كل رقصة كانت بيتًا من الشعر، وكل إيقاعٍ كان نبضًا من نبض السودان.

ثم خيّم الصمت احترامًا، وعلت همسات الأرواح خشوعًا، حين اعتلى المنصة الأستاذ نصر الدين طالب ليقدّم مديحًا نبويًا شجيًا، في لحظةٍ أشرقت فيها الأنوار الباطنة، وغابت الدنيا إلا عن الحب في حضرة خير البرية.
كان صوته سُحبًا من نور تهمي على قلوب الحاضرين، فتغسلها طمأنينةً وسكينة.

الشعر… حين يعبّر الحرف عن نبض العيد

ومن نبض القصيدة، أطلت الشاعرة أبرار على الحضور، لتقدّم نصًا شعريًا نابضًا بالعذوبة والانتماء،
تغنّت فيه بالعيد، والجالية، وحنين السودان، بلغةٍ نسجت فيها من الصور أساور، ومن المعاني أجنحة.

كلماتها لامست القلوب كندى الصباح، وكان شعرها كأنما كتبته الدروب السودانية على صفحات الغيم.
كانت فقرتها جسرًا بين الوطن والمهجر، بين الذاكرة والحلم، بين النغم والحرف.

الأطفال… بلابل البهجة ومفاتيح الغد

في ركن المرسم الحرّ بصالة النادي، كان الأطفال يرسمون العيد لا بالأقلام، بل بقلوبهم الصغيرة وأحلامهم الكبيرة.
أشرف على هذا الركن الأستاذ علي سليم (بابا علي)، وقد كان كشجرة ظلٍّ وارفة تمنح الأمان والحب لأطفالها،
وشاركته في المسرح الأستاذة وجدان الأمين، التي كانت نسمة تربوية ناعمة تهدهد الأرواح الصغيرة وتزرع البسمة.

لا جوائز… لكن الوجوه كانت توزّع الفرح مجانًا، وتكتب في الهواء عناوين المستقبل المشرق.

براعة في التقديم… وانسجام خلف الستار

أما من تولّى زمام التقديم، فقد كان الأستاذ مصعب محمود، الذي قَصّ شريط الفقرات بلغة الإعلام وسحر الحضور،
يُشبهه البعض بـ”قائد أوركسترا”، يُحرّك المسرح بسلاسة، ويربط بين فقرة وأخرى بخيطٍ من حرير البلاغة واللباقة.

وخلف الستار، عملت ثلاثيّات التفاني:

وفاء الأمين

رانيا بابكر

خديجة مصطفي

وقد كنّ كالنحل في خلية، لا يُرَين، لكن أثرهن في كل زاوية.
بإيجاز: “ما أبدعن إلا لأنهن أحببن ما يصنعن”، وبإطنابٍ مستحق: كل نجاحٍ على الخشبة، وُلد من رحم تعبهن في الكواليس.

سحر الطرب… حتى منتصف الليل

أما الختام، فكان شدوًا سودانيًا صرفًا، قدّمه الفنانون:

صلاح دهبي

الدكتور الفنان محمد الحافظ

الأستاذ عبود زيدان

رافقهم في الأوركسترا:

الأستاذ رأفت

الأستاذ هشام

أنشدوا ما تُحب القلوب أن تسمع، من أغنيات وطنية وطربية وتراثية.
كل لحنٍ كان قصيدة حبٍ في ثوب لحن، وكل صوتٍ كان قمرًا يضيء فضاء النادي.

كما رافق الفنانين في الإخراج الصوتي والإيقاعي الأستاذ شمس الدين ، الذي أدار الساوند بمهنية عالية، زاد بها الألحان صفاءً، ووهب الأصوات بُعدًا أعمق.
وكانت عدسة التوثيق الإعلامي في يد الأستاذ محمد عبد الرحمن، الذي التقط بعدسته لحظات الفرح، وجمّد بها الزمن في صورٍ تروي الحكاية لمن لم يحضرها.

قصرٌ في التعبير، وفصلٌ في الطرب، ومساواةٌ في الجمال… حفلةٌ لم تشهدها العين، بل شعرت بها القلوب قبل العيون.

النادي… حيث يسكن السودان في المهجر

ما حدث في “فرحة عيد”، لم يكن فعاليةً وحسب، بل رسالة هوية، ومرآة انتماء، وصورة سودانٍ يعيش في المهجر ولا يفارقه أهله.

النادي الاجتماعي السوداني بالعين لا يبني فعاليات، بل يبني ذاكرة جماعية، ويمدّ جسورًا من محبة بين الأجيال.

في الغربةِ ضوءُ الوطنِ ما خَفَتا
والناسُ إن ضمَّهم فَرَحٌ، فهم أُسَرُ
في العينِ نادٍ لو نطقت جدرانُه

قالت: هُنا السودانُ، والعيدُ، والبشرُ

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *