ناجي الجندي

د. ناجي الجندي

كاتب صحفي

• خَمسُ إمبِراطورياتٍ إسلاميةٍ واسعةٍ كانت هي حَضارتَنا وثَقَافتَنا وإرثَنا، قبل أن يكون هناك أمريكا وإسرائيل وألمانيا وإنجلترا والغرب ككل، فحين انتصرَ الغربُ على القذافي وتم قتله في 2011 لم يكن انتصار مجموعة دول ضد رجل، بل كان انتصار كيان ضد كيان، الكيان الغربي المتمثل في (جزرتهم) إسرائيل ضد الكيان الإسلامي والعربي الذي كان يقول (لا).

الغرب بقيادة إلههم أمريكا لا يريدون أن يسمعوا كلمة (لا)، وقد قالها صدام حسين من قبل، وفي العام 2003 تم غزو العراق، وفي 2006 قُتِلَ صدام حسين. رغم إن الغرب كله يقول (نعم) لأمريكا كل الغرب.

السكوت عن قتل الفلسطينيين لم يكن عبطاً أو لسبب علة في لسان متشدقي الديمقراطية، ديمقراطية المصالح، بل كان لسبب أن ربهم الأعلى أغمض عينيه، فعليهم أن يعموا لا أن يغمضوا وكفى، ولم يكتفِ التطبيل ههنا بل قالوا مجتمعين (لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها).

بادرت إسرائيل بضرب إيران، وقطع طريق مفاوضات كان قد تبقى لنهايتها يومان، في شكل واضح من أشكال الغدر، ورفع صوت دبلوماسية الحرب على دبلوماسية السياسة، كرسالة أكدها الله في كتابه حين قال: (أوكلما عاهدوا عهدًا نبذه فريقٌ منهم …) ورغماً عن ذلك نفخ الغرب أوداجه وقال: (لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها).

كان الأجدر للغرب أن يقول: (للغرب حق العيش على أكتاف أمة الإسلام)، الديمقراطية الوحيدة التي يمكن أن يقبلها العقل الناضج.

على الأمة الاستيقاظ من نومها، فمن خفت رجله قرب بيتك سيفكر أن يدخلها، فالشواهد غير مبشرة، الغرب غَيَّرَ سياسة الاستعمار التي كان يعيش عليها، وبعد صحوة الشعوب وكنس الاستعمار تغيّر شكله في هذه التحالفات، فإن رضيت ركبوا على ظهرك، واستباحوا خيراتك،وأنت راضٍ تدفع الإتاوات مع الضحك والتصوير، وإن رفضت تموت في صحراء ليبيا، أو في «معسكر العدالة»، في منطقة الكاظمية، أو تُشَن عليك حرب لا نعرف شكل نهايتها، ويعلقون عليها (لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها).

ونحن في بلدنا المتهالك، لسنا في معزلٍ عن العالم وما يدور فيه، ولذلك كان الصمت من العالم عما تقوم به المليشيا من تعدٍّ وتطاول واختراق للقوانين الدولية، لأن سيدهم يريد ذلك، فكان نتاج ما يحبه السلطان أن أدانوا الجيش السوداني، وحرروا الوثائق التي تصنف السودان دولة إرهابية، وبعض العقوبات على مسؤولين في الجيش السوداني، الذي يدافع عن بلده ضد متمردين، بل والأبعد من ذلك اتهموا الجيش باستخدام الأسلحة الكيماوية، في مهزلة ومَضحكة سياسية لم تتعد أن المخاطبين لهم قرون.

ما يحدث ما هو إلا ضعف وارتهان لمستقبل الأجيال أن يكونوا عبيد طاعة لا أسياد رأي. ولأنه من الصعب أن تصبح سيد رأيك، فيحتاج العالم هذا إلى (رجة) رجة قوية تعيد ميزانه الذي اختل فأصبح الصحيح خطأ والخطأ صحيحاً، انتهى عهد المواقف والنبل والشجاعة والكرم والتضحيات، اندثرت هذه القيم وتبدلت لقيمة واحدة عليا هي (قيمة المصالح)، ومع قيمة المصالح تُباح المحظورات، وتُقيَّدُ الحقوقُ وتُعكَسُ وجهاتُ النظرِ الصحيحةِ.

نحن بحاجة إلى البحث عن مخرج، نحن كعالم ثالث وكعالم إسلامي وكعالم عربي، هذا ليس وضعنا، فبعد أن كنا قدوات للعالم وملوكاً له وحكاماً عليه تضحك علينا أممٌ وُلدَت بالأمس وتسلب حقنا، كل حقنا، حتى مجرد أن نبقى على وجه الأرض.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *