عمك تنقو: أسطورة الطفولة السودانية التي سرقت قلوب الملايين

بقلم : زين العابدين الحجّاز

• في العام 1946م صدر أول عدد من مجلة الصبيان عن طريق مكتب النشر في معهد التربية بخت الرضا بولاية النيل الأبيض والذي كان يتبع لوزارة المعارف (التربية والتعليم لاحقا) وبصدورها في تلك الفترة عقب الحرب العالمية الثانية تعتبر رائدة مجلات الأطفال التربوية في العالم العربي والعالم الإفريقي . فكرة إصدار المجلة تعود للأستاذ عوض ساتي الذي تخرّج في كلية غردون عام 1922 ثمّ أرسل إلى الجامعة الأمريكية في بيروت ونال هناك درجة البكالوريوس في العلوم وعاد أستاذاً للعلوم الرياضية بالكلية وظل يعمل بها حتى عام 1946 حيث أختير نائباً لرئيس تحرير مكتب النشر الذي افتتحته وزارة المعارف في ذلك الوقت ثم نقل من هناك ليكون ناظراً لمدرسة وادي سيدنا الثانوية وظلّ بها حتى ترقّى إلى وظيفة المدير المساعد لوزارة المعارف . لاحقا تمّ تعيينه كأول سفير للسودان في بريطانيا بعد الإستقلال .بعد التقاعد التحق معلما بمدارس الأحفاد للبنين عام 1960 . باب (عمك تنقو) كان من أشهر أبواب مجلة الصبيان الى جانب (فاطمة السمحة) و الفارس (ود النمير). كان الباب عبارة عن قصة مرحة وهادفة تدور حول شخصية (تنقو) وهي شخصية كرتونية تربوية. مخترع شخصية (عمك تنقو) وكاتبها الأول هو الأستاذ بابكر عبدالرحمن بابكر مختار الفادني من أبناء مدينة أبوحمد وقد كان من الرعيل الأول للمعلمين في معهد بخت الرضا من زملاءه البروفسير عبدالله الطيب والاستاذ المرحوم حسن نجيلة. وهو كاتب له العديد من المؤلفات والمشاركات في مناهج دار النشر التربوي وكتب للأطفال قصص مثل (الكلب جرقاس) و القصة المشهورة (أحلام زلوط) وعند انشاء مجلة الصبيان أشار الى ضرورة وجود شخصية فكاهية من ضمن أبواب المجلة . إسم تنقو يعود للطالبعثمان محمد أحمد تنقو الذى التحق طالبا بمعهد بخت الرضاعام 1945 م ومن أبناء دفعته الفكي عبد الرحمن وحاج الشيخ علي ورّاق. في احدى المرات بينما كان الأستاذ عوض ساتي يتجوّل عند ميدان كرة القدم التابع للمعهد سمع التلاميذ يصيحون (ألعب يا تنقو… شوت ياتنقو) فعجبه الاسم واختاره لهذه الشخصية الفكاهية . تخرّج عثمان محمد أحمد تنقو أستاذا في بخت الرضا ثم عمل في مجال التعليم وتدرّج الى أن وصل درجة الموجّه. أنتدب معلما في دولة اليمن فى الثمانينيات وبعد المعاش عمل بالمشاهرة مستشارا للتعليم في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور . أغلب أهل السودان يعرفون (عمك تنقو) ولا يعرفون صاحب الإسم مربّي الأجيال الأستاذ عثمان محمد أحمد تنقو الذي توفى رحمه الله بمدينة الجنينة عام 2013 .

توالت بعد ذلك قوائم كتّاب النصوص الشعرية لقصة (عمك تنقو) نذكر منهم الأستاذ سر الختم عبد الكريم و الاستاذ محمد احمد عبد الرحمن من سكان حي العرب الأم درماني . شخصية (العازة) التي ارتبطت في القصة كزوجة للعم (تنقو) فإن اسمها مأخوذ من اسم (حاجة العازة) التي كانت تعمل طباخة في المنزل الشمالي ببخت الرضا .أول من رسم شخصية (عمك تنقو) هو إسماعيل ود الشيخ ولكنأشهر من رسمها هو الفنان شرحبيل أحمد الذى تخرّج في كلية الفنون الجميلة بالخرطوم واحترف الرسم إلى جانب الغناء والعزف على الآلات الموسيقية. وقد ساهم في توظيف مهاراته الفنية في العملية التعليمية والتربوية من خلال رسوماته في الكتب والمجلات التي تستهدف الأطفال وتلاميذ المراحل التعليمية الإبتدائية ومنتسبي فصول محو الأمية. من أبرز أعماله في الرسوم التعليمية هو تطوير شخصية (عمك تنقو) وهو الذي غير شكل العم تنقو ليصبح شكل وجهه أقرب لشكل (قرد الطلح) حتى يصبح جاذباً للأطفال مثيراً للضحك وذلك على غرارشخصيات مجلات الأطفال العالمية التي تستخدم أشكال الحيوانات مثل شخصية ميكي ماوس في أعمال والت ديزني وبدأ يرسم فيها بصورته الحالية منذ العام 1960م وكان ينشر في باب (عمك تنقو) كقارئ لمجلة الصبيان وهو طالب بالمرحلة الثانوية وتعلق بحب تلك الشخصية منذ ان كان في الثانية عشر من عمره . ظلّ شرحبيل يعمل في رسومات مجلات الأطفال منذ ذلك الحين حتى تقاعد عن العمل بوزارة التربية والتعليم في عام 1995م .أيضا من الذين رسموا شخصية (عمك تنقو) هم سر الختم عبد الكريم و إسماعيل محمد الأمين وموسى عبد الغفار وعمر راسخ و آدم عيسى وإبراهيم الصلحي وأحمد العربي و إبراهيم الدسوقي وعمر عبد الرازق .

المربى عوض ساتي درّسني فى مدرسة الأحفاد الوسطى عام 60 ولكن للاسف كانت حصة إنجليزى واحدة فقط . زاملني فى نفس الفصل ابنه عبد المجيد . كذلك فى نفس السنة دخل علينا أستاذ الفنون سيد أحمد غاندي – من أهالي توتي – يصحبه شاب مرتديا ملابس الرياضة البدنية و قدّمه لنا بأنة مدرب الرياضة البدنية و المطرب و الرسام بجريدة الصبيان شرحبيل أحمد وكانت تلك أول مرة أشاهد الفنان شرحبيل و كنا قبلها نستمع الى أغانيه من خلال الاذاعة فقط و أذكر منها أغنية ( مناي أشوفك تاني) وغيرها . زرت الفنان شرحبيل قبل سنوات قليلة فى منزله بالرياض بصحبة الأصدقاء معاوية التيجاني و علي كشّه ومطرب الجاز صلاح براون مواسين له بعد العملية الجراحية التى اجريت له مؤخرا وذكرته بذلك اللقاء في الأحفاد عام 60. أشاد بعلاقته مع الأستاذ سيد أحمدغاندي وتحدّث الينا قليلا عن شخصية (عمك تنقو) وأضاف أن في ذلك العام لم تظهر فرقة جاز شرحبيل الى الوجود بل كانت مجرد فكرة فى خاطره . أمدّ الله فى عمره .

عمك تنقو بقى صرماطي

جاهو الحاج ود عبد العاطي

عمي الحاج قال لى تنقو

عايز جزمة ماركة زنقو

طبعا تنقو العم ملهوف

عملّو الجزمة بالمخلوف

ود عبد العاطي بي دلدومو

لطلشلك تنقو سوّد يومو

ﻋﻤﻚ ﺗﻨﻘﻮ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻔﻴﺲ

ﻭختى ﺻﻮﺭﺗﻮ ﺻﻮﺭﺓ ﺗﻴﺲ

ﻛﺘﺐ ﻛﻮﻣﻨﺖ ﻭﻋﻤﻞ ﺍﻟﺸﻴﺮ

ﺟﻮﻫﻮ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﻛﺘﺎﺭ ﺑﺎﻟﺤﻴﻞ