• قبل ما يقارب القرن، وفي عام 1934م، بزغ فجر أحد أعرق أندية السودان تحت مسمّى «نادي الطلبة».
وكانت التسمية مستوحاة من طلبة كلية غردون التذكارية التي أصبحت فيما بعد جامعة الخرطوم حيث شكّل هؤلاء الشباب الطليعيون النواة الأولى للنادي.
في حوش العمدة كرم الله بشارع البطل علي عبد اللطيف (بجوار موقع برج سوداتيل الحالي، ورئاسة شرطة المرور، وجامعة النيلين) انطلقت الشرارة الأولى لتجمع شبابي رياضي حمل معه الحلم والروح الوطنية.
المؤسسون الأوائل: رجال صنعوا المجد
لم يكن التأسيس وليد الصدفة، بل ثمرة عزيمة نخبة من أبناء الخرطوم:
المهندس عبد العزيز محمد صادق – وكيل وزارة الأشغال لاحقًا وسكرتير النادي ثم سكرتير اتحاد الخرطوم لكرة القدم.
الفنان حسن سليمان الهاوي – الذي جمع بين الفن والإدارة.
كرم الله العمدة و عثمان أحمد يس (شيخ الجزارين) – حيث تولى الأخير رئاسة النادي في الستينات.
أحمد عبد المجيد أبو ضيف، حسن ود البيه، حسين طاهر… وغيرهم من أبناء المدينة المخلصين.
من «نادي الطلبة» إلى «نادي النيل»
عام 1943م، تغيّر الاسم إلى «نادي النيل»، رمزًا وطنيًا خالدًا.. ومنذ ذلك الحين، انتقل المقر بين عدة مواقع، منها حارة عباس بك البغدادي (موقع فندق التاكا الحالي).
وفي الخمسينات، فتح جمال توفيق بدوي بيته للاعبين وأعضاء النادي، بل ورهن منزله عندما مرّ النادي بأزمة مالية… ليصبح أحد أوفى رجال النيل وأعمدته الراسخة.
محطات التوسع والتحولات
استقر النادي لاحقًا في شارع السيد عبد الرحمن، بجوار نادي العمال والأهلي الخرطوم وكان جزء من مقره مؤجرًا كعيادة للطبيب المعروف د. عبد القادر مشعال، ليجمع النادي بين الرياضة وخدمة المجتمع.
زمن البطولات والمجد
لم يكن النادي مجرد مقر، بل مصنع أبطال
في موسم 1963/1964م توّج فريق كرة القدم ببطولة دوري الدرجة الأولى وامتد إشعاعه لمناشط شملت: الملاكمة، المصارعة الرومانية، رفع الأثقال، كمال الأجسام، الجمباز، كرة السلة، الطائرة، السباحة، تنس الطاولة، والكاراتيه.
ولتمويل هذه الأنشطة، فُرض اشتراك شهري رمزي (25 قرشًا) على اللاعبين، مما أكسبه لقب «النادي الشامل».
هوية راسخة وإرث خالد
امتلك نادي النيل حلبة متكاملة للملاكمة والمصارعة، ومعدات حديثة للياقة وبناء الأجسام، فكان مدرسة رياضية صنعت أجيالًا من الأبطال.
لم يكن مجرد نادٍ رياضي، بل أيقونة اجتماعية ووطنية أسهمت في تشكيل هوية الرياضة السودانية.
إنها ليست مجرد قصة عن انتقالات أو أسماء، بل ملحمة وفاء وعطاء بدأت منذ 1934م من قلب طلاب كلية غردون… وما زالت صفحاتها تُكتب حتى اليوم بفخر.
شارك المقال