طوفان كردفان… حين يذوق العدو طعم الأرض التي ادّعى أنه يملكها 

17
لؤي إسماعيل مجذوب 2

لؤي إسماعيل مجذوب

ضابط سابق - باحث في شؤون الأمن الوطني والحرب النفسية

• لا أحد يحتاج خريطة ليفهم ما يجري في كردفان.

الخريطة الحقيقية الآن هي أجساد المتمردين الملقاة على الطرق الترابية، والعربات المحترقة التي صارت علامات حدود جديدة، والمسارات التي كانت تعود منها عربات الدعم السريع ثم صارت اليوم طرقاً تُدفن فيها آخر أنفاسهم.

لم يعد السؤال: «أين يتقدم الجيش؟» 

السؤال الوحيد الآن هو: أي طريق ستختاره الميليشيا لتفني فيه ما تبقى من قوتها؟

الجيش لا يبحث عن معركة… الجيش يفرضها

في النمير، في أبو قعود، في الطينة بنوعيها، في خور أبو حراز… لم يذهب الجيش ليختبر الميدان.

ذهب ليُعرّي الميليشيا حتى من وهم الصمود.

والنتيجة كانت أوضح من أن تُكتب:

39 عربة تحترق في وقت واحد. 

160 أسيراً يُجرّدون التمرد من هيبته. 

80 مرتزقاً سقطوا بلا سؤال ولا قيمة. 

هذه ليست «عمليات»؛ هذا تجريد للميليشيا من جسدها.

ضربات الفاشر ونيالا… بداية نهاية مركز القيادة وليس المحيط

الضربات الجوية على الفاشر ونيالا لم تكن دعماً للمحاور.

كانت انتقالاً إلى المرحلة التي يخشاها كل تمرد:

مرحلة ضرب الرأس قبل الذيل.

الرسالة واضحة لدرجة الوقاحة:

«الأماكن التي كنتم تعتبرونها عميقة… أصبحت الآن مكشوفة مثل خيمة».

هنا يبدأ الانهيار الذي لا تستطيع البيانات السياسية إخفاءه.

الميليشيا لا تنهزم لأنها ضعيفة… تنهزم لأنها تُقاتل ضد الزمن. 

كل جيش في الدنيا يعرف أن هناك لحظة يُترك فيها العدو وحده…

ليس وحيداً في السلاح، بل وحيداً في المعنى.

وهذه اللحظة بدأت الآن تُرى بوضوح:

وحدات تهرب بلا اشتباك.

مرتزقة يرفضون التقدم.

قادة ميدانيون يختفون من أجهزة الاتصال.

أرتال تتفكك قبل أن تُهاجم.

المعركة لم تعد بين الجيش والدعم السريع.

المعركة الآن بين الميليشيا وظلّها…

وظلّها يركض أسرع منها.

كردفان… ليست جبهة؛ إنها المقصلة

من يتابع الميدان يدرك أن الجيش لا يحاول «تحسين» وضعه في كردفان.

الجيش يحاول إنهاء وجود.

يقطع الإمداد لا ليعطله يوماً أو يومين، بل ليمنع الميليشيا من التفكير في العودة.

يضرب الأرتال لا لوقف هجوم… بل لوقف حلم.

يقصف الفاشر ونيالا لا لتعديل ميزان القوة… بل لفسخ روح التمرد من جذورها.

هذه ليست أيام انتصارات… هذه أيام انقراض

المعركة الآن لا تبحث عن «نهاية سعيدة» تُكتب في بيان رسمي.

المعركة تبحث عن لحظة انهيار كاملة، اللحظة التي يتوقف فيها العدو عن رؤية نفسه قوةً قابلة للعودة.

لذلك لن أقول:

«النصر قريب».

ولن أقول:

«البشريات في الطريق».

سأقول الحقيقة كما هي:

ما يجري في كردفان اليوم ليس تقرباً للنصر…

ما يجري هو ابتعاد العدو عن الحياة العسكرية نفسها.

هذه ليست حرب تحرير مواقع…

هذه مراسم دفن مشروع.

والطوفان الذي بدأ…

لم يعد يسأل أحداً إلى أين يتجه.

إنه ببساطة يجرف كل شيء يقف أمامه.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *