في واقعة تثير الكثير من التساؤلات والجدل، اختفى الصحفي عطاف عبدالوهاب فجأة من مدينة بورتسودان، قبل أن تعلن مصادر إعلامية متفرقة، أنه تم اختطافه من قبل مجموعة تنتمي لاستخبارات حركة العدل والمساواة. الخبر الذي بدا مقلقاً تحوّل إلى لغز أكبر عندما ظهر عطاف فجأة في فيديو مصوَّر وهو يؤدي القسم ويعلن انضمامه الرسمي للحركة، في مشهد يطرح عشرات الأسئلة حول ما حدث حقاً خلف الكواليس. بين الاختطاف والانضمام الطوعي.. أين الحقيقة؟ الرواية الأولى التي أثارها الناشطون والصحفيون كانت صادمة: (اختطاف). فكيف يتحول صحفي معروف إلى مختف قسرياً ثم يظهر فجأة وهو يُعلن ولاءه لحركة؟ الفيديو الذي نشر على منصات التواصل الاجتماعي يظهر عطاف عبدالوهاب واضحاً في كلماته، لكن هل كانت هذه الكلمات حقاً نابعة من إرادته الحرة؟ أم أن هناك ضغوطاً لا نعرفها؟ التساؤلات تكثر، خاصة أن مثل هذه الحوادث ليست الأولى في السودان، حيث تكررت سيناريوهات مشابهة لصحفيين وناشطين اختفوا ثم عادوا بمواقف (مختلفة) تماماً.
توقيت الفيديو.. لماذا الآن؟ اللافت في القضية هو التوقيت الذي ظهر فيه الفيديو، حيث تأتي هذه الواقعة في خضم أجواء سياسية متوترة في السودان، ما يدفع البعض إلى الاعتقاد بأنها قد تكون جزءاً من حرب نفسية أو سياسية تهدف إلى إيصال رسالة معينة. هل الفيديو حقيقي أم مُعد مسبقاً؟ هل كان عطاف تحت التهديد أو الضغط النفسي عند تسجيله؟ أسئلة تنتظر إجابات، خاصة أن حركة العدل والمساواة نفسها لم تقدم أي توضيح رسمي حول الظروف التي أدت إلى ظهور هذا الفيديو. ردود الأفعال.. بين الغضب والتشكيك لم تمر الحادثة مرور الكرام، حيث أثارت عاصفة من الغضب بين زملاء عطاف في الوسط الصحفي، الذين طالبوا بالتحقيق في ملابسات اختفائه وظهوره المفاجئ. البعض يشكك في رواية الانضمام الطوعي، مستندين إلى تاريخ عطاف المهني الذي لم يظهر أي ميل سابق لهذه الحركة. في المقابل، هناك من يعتبر أن الفيديو دليل كاف على تغيير موقفه، لكن يبقى السؤال: هل يمكن أن يغير إنسان قناعاته بهذه السرعة؟ أم أن هناك عوامل أخرى لعبت دوراً في هذا التحول المفاجئ؟ هل نصدق الفيديو أم ننتظر المزيد من الأدلة؟ القضية تضع الجمهور أمام معضلة حقيقية: إما تصديق الفيديو والتعامل معه كدليل نهائي، أو التشكيك في كل شيء وانتظار المزيد من المعلومات. التاريخ يعلمنا أن مثل هذه الحالات غالباً ما تكون أكثر تعقيداً مما تبدو عليه، وأن الحقائق الكاملة قد تظهر لاحقاً، أو قد تظل مدفونة إلى الأبد. في النهاية، تبقى قصة عطاف عبدالوهاب واحدة من تلك الحوادث التي تفتح الباب أمام الكثير من النظريات والاحتمالات. السؤال الأكبر الذي يلوح في الأفق هو: هل ما حدث له هو حالة فردية، أم أنها مجرد حلقة في سلسلة طويلة من الأحداث المشابهة التي قد نسمع عنها قريباً؟ الوقت كفيل بالإجابة، لكن الأكيد هو أن القضية لن تنتهي هنا، وسيكون لها ما بعدها.