محمد المهدي

محمد المهدي

مستشار التحرير وكاتب صحفي

الشباب هم عماد المستقبل، وركيزة النهوض للأمم، وما من أمّة تقدمت إلا بسواعد أبنائها، الذين يقدمون الغالي والنفيس، فالشباب هم من يبتكرون، وهم من يبذلون الجهد، وخصوصاً إذا تسلحوا بالعلم.

والملاحظ أن معظم من تعدُّوا هذه المرحلة من الآباء وكبار السن يحنّون دائماً إلى ماضيهم، ويتحسّرون على شباب اليوم، وينظرون إليهم نظرة شكٍّ وريبة، ويصفونهم بأنهم (جيل ضايع، متمرد، فاشل)، وما ذلك إلا أنهم اختلفوا عنهم، ولم يكونوا نسخة مطابقة لهم. 

لكن إذا حكّمنا عقولنا، وأنصفنا هؤلاء الشباب، لوجدنا غير ذلك، فهذا الجيل يعيش حياته وفق معطيات عصره كما عاش من سبقوهم، فلكل زمان ملامحه وأدواته، فإذا لم يعجبك لبس هؤلاء الشباب، أو تربية شعرهم، والقصّات الغريبة، فكيف كانت أيام شباب هؤلاء الناقمين؟

ألم تكن لهم موضتهم في الأزياء؟ فقد لبسوا البنطلون المعروف باسم (الشارلستون)، وقد  أطلق عليه وزير الإعلام في ذلك العهد الأديب الراحل عمر الحاج موسى – رحمه الله- اسم (منصور خالد)، باعتبار أن وزير الخارجية في ذاك الزمان الدكتور منصور خالد أول من ارتداه، وهو ذو رجلين واسعتين، تتجاوز الواحدة منهما الثلاثين سنتمتراً، وكان جيل ذاك العصر لا يرى فيها غرابة ولا شذوذاً. كما كانت موضة (الخنفس)، فترى كثيراً من الشباب كأنّه يحمل (بقجة) فوق رأسه، وكان الشعر الكثيف لا يمكن تسريحه بالمشط العادي، فظهرت موضة (الخلال) المشهور في شرق السودان لدى الهدندوة، فراجت تجارته في جميع أنحاء البلاد. ولو رأى أحدهم الآن صورة له في أيام شبابه لما صدّق أنه هو.

شبابنا مثل غيرهم من السابقين، يعيشون حياتهم بروح عصرهم، غير أنَّ التقنيات الحديثة ووسائل التواصل زادت من التأثير والتأثر بالآخرين، فهناك فضاء مفتوح، فالعالم أصبح قرية صغيرة لا يسعنا إلا الولوج إليها والتعامل معها شئنا أم أبينا.

وشبابنا موجود في هذا الفضاء المليء بالغث والسمين، ومتأثر به، ولا نستطيع منعهم، لكن علينا أن نحصّنهم بقوة العقيدة، والتفقه في الدين، ومعرفة الحلال والحرام، للوقوف عند حدود الشريعة. ولا يصير ذلك إلا بأن يكون الآباء قدوة للأبناء، تطابق أقوالهم أفعالهم.

وعلى الدولة الالتفات إلى الشباب، والنظر إلى احتياجاتهم من تعليم، وفرص عمل، ورعاية الموهوبين في جميع المجالات، وإيجاد البيئة الصحية لهم، حتى تتوجّه طاقاتهم لما يفيدهم ويعود بالخير عليهم وعلى البلاد.

هؤلاء الشباب لديهم الرغبة في تطوير أنفسهم، والقيام بأعمال نافعة لهم وللبلاد. هم في حاجة إلى الثقة بهم، والاقتناع بعطائهم، والوقوف إلى جانبهم لتقويمهم إذا جانبوا الصواب، وشكرهم إذا أحسنوا وكثيراً ما يفعلون، فإذا تجردنا من الأحكام التي لا تستند إلى منطق ولا دليل، لرأينا هؤلاء الشباب يتدفقون عطاء، ومن نماذج ذلك:

* مشاركة الشباب في الخطوط الأمامية والقتال إلى جانب القوات المسلحة، وكثيرون منهم نالوا الشهادة مقبلين غير مدبرين.

* تبرعهم بالدم مراراً في ظل الحرب الدائرة الآن.

* تطوعهم في غرف الطوارئ بالمستشفيات، وعملهم في توفير الدواء للمحتاجين، وتوصيل الكوادر الطبية، ونقل المصابين، ودفن الموتى.

* سهرهم في التكايا لإعداد الوجبات، والإشراف على توزيعها.

* القيام بدوريات ليلية في الأحياء لحمايتها من اللصوص.

* حفر القبور، وتوفير الأكفان، وإعداد الطوب الأسمنتي، ونقله إلى المقابر. 

إضافة إلى ما سبق، هؤلاء الشباب يرتادون المساجد، يؤدون الصلوات، ويجلسون في حلقات الفقه والتجويد، ويتعاهدون بيوت الله بالنظافة. 

ورسالتي إلى من يرون غير ذلك، إنَّ أبناءنا هم ثمرة تربيتنا، فإن أحسنوا فقد نجحنا في أداء الرسالة، وإن كانوا غير ذلك فلا نلومنَّ إلا أنفسنا، فقد فشلنا في المهمة، ولكني أرى شبابنا بخير، فهم أولى بثقتنا، وأحوج إلى دعواتنا لهم بظهر الغيب،، اللهم احفظ شبابنا ووفقهم، واجعل مستقبلهم خيراً وبركة.

 

شارك المقال

1 thought on “شبابنا بخير 

  1. نشكرك على منحنا هذه الثقه وفعلا يحتاج الشباب لمن يؤمن بهم ونتمنى ان يعود الامن والامان لبلادنا لكي يتسطيع الشباب اعمارها من جديد❤️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *