سلحفائية تهدر وقت الإنسان وكرامته

18
محمد المهدي

محمد المهدي

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• المُشاهد على مستوى العالم التطوُّر والتقدم المتسارع، الذي ينعكس إيجاباً على حياة الناس والخدمات التي تُقدم لهم. ومن أكثر المجالات تطوراً في عصرنا الحاضر مجال التقنية، فالإنترنت، وأجهزة الاتصال الحديثة، وتعدد وسائل التواصل وقنواته، سهلت كثيراً على الناس، واختصرت لهم الوقت والجهد. فمعظم الدول طبّقت أنظمة إلكترونية يستفاد منها في حجز المواعيد، وسداد الفواتير والرسوم، والاستعلام عن أي خدمة لدى الجهة المعنية دون تكبّد المشاق. 

لكن في بلدنا هذا  ما زال المواطن  يعاني الأمرّين، ويكابد المشاق، ويهدر الوقت من أجل خدمة لا تستغرق سوى دقائق معدودات، وقد رأينا المعاناة تتكرر مع كلّ جائحة أو أمر طارئ يتطلب إجراءات استثنائية، فقد حدث ذلك قبل فترة في فحص «الكورونا» للمسافرين، كما حدث عند اندلاع الحرب، واتجاه أعداد كبيرة لاستخراج الجوازات، كما شاهدنا ذلك وما زلنا نشاهده في إجراءات البنوك من فتح الحسابات أو تفعيلها، وتحديث المعلومات، وهي الموضوع الذي يتناوله هذا المقال.

إنَّه لمن المؤسف أن يعاني الإنسان ما يعانيه، بسبب عدم إحساس الجهات مقدمة الخدمة بتلك المعاناة، أو بسبب عدم اهتمامها وتجاهلها لما يحدث  للمتقدمين إلى الخدمة من رهقٍ وعنتٍ ومشقةٍ. 

هل يعقل أن يحضر طالب الخدمة إلى البنك بعد الفجر، لتسجيل اسمه، وينتظر حتى يبدأ الدوام، وبعدها ربما يكون موفقاً ويتمكن من إكمال موضوعه، وقد يبقى ساعات، أحياناً بحجة الشبكة (طاشة)، وأحياناً أخرى لا تكون الأولوية لمن يقفون خارج المبنى في صورة غير لائقة  بكرامة الإنسان، وتوحي بعدم اهتمام تلك الجهة بعملائها.

إننا نشاهد يومياً هذا الواقع، ولولا المبنى الفخم واللافتة الجميلة، وسيارة الشرطة التي تحرس الموقع، وتحفظ النظام، لظننا أنها إحدى التكايا، أو مكان توزيع إغاثة تجمّع فيه من ضاقت عليهم سبل العيش، وتقطعت بهم الأسباب، فهم في سبيل الحصول على وجبة لصغارهم يتحملون كل قبيح من قول وفعل، وكذلك صار طالبو الخدمة، يغضّون الطرف ويحتملون ما لا يحتمل من أجل إنجاز معاملاتهم.

إنّ القضاء على هذه الظاهرة يسير جداً وفي غاية السهولة، إذا خلصت النية، وتوفرت الإرادة، وذلك بالآتي:

* أن يرى المسؤولون في تلك الجهات ما يحدث لعملائهم، يرونه بإحساس الإنسان البسيط طالب الخدمة، ويفتحوا مكاتبهم، أو يخرجوا منها ليستمعوا إلى أهل الوجعة بعقول وقلوب مفتوحة.

* تغيير النظرة إلى العميل وإنزاله المنزلة التي يستحقها، والتعامل معه باحترام وتقدير. 

* الإلمام بالدور الوطني الكبير الملقى على عاتق المصارف، المتمثل في امتصاص الكتلة النقدية الكبيرة، وإدخالها في النظام المصرفي، خصوصاً في ظل الظرف الراهن، وما ينتظر المصارف من دور رائد في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإعادة الحياة للقطاع الاقتصادي بأنشطته المختلفة، حتى تتعافى البلاد. 

* الاستعانة بالشباب ذوي الخبرة والدراية في مجال التقنية والإدارة، فهم الأقدر على  الاستفادة من التقنية، وابتكار الحلول التي توفر الوقت والجهد، وقبل ذلك تصون كرامة الإنسان، فهلا فعلنا؟ نرجو ذلك.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *