رواية (سقوط النوار)

54
cover
Picture of قراءة: كمال باشري

قراءة: كمال باشري

• في عالمٍ يُقسم فيه الناس بين أصحاب العقول العلمية وأرباب الإحساس، يبرز الأطباء الادباء كجسرٍ بين هاتين الضفتين.دقة الطب و علومه وعمق الادب و أحاسيسه إنهم أولئك الذين لم يكتفوا بسماع أنين المرضى في غرف الفحص بل استمعوا إلى أنين الأرواح فسكبوه مشاعرا على الورق. يكتبون الوصفات بقلم الطبيب، لكنهم يداوون الأرواح  بالادب . في قلوبهم يتجاور المشرط والقلم ، وبين أيديهم يلتقي العلم بالإلهام. هؤلاء هم الأطباء الادباء : مزيج نادر من الحكمة والإحساس، ومن العقل والخيال.

الاخ الصديق د. محمد إبراهيم طه يجمع بين عوالم تتطلب قدرًا كبيرًا من الدقة والإنسانية: جراحة النساء والتوليد، حيث يتعامل مع أدق تفاصيل حياة المرأة وصحة الأم والجنين، وكتابة الرواية  فيبدع شخصيات وعوالم من وحي الخيال أو مستوحاة من الواقع.

إن تجاربه في غرف العمليات أو في متابعة حالات الحمل والولادة مما يثري كتاباته الروائية و تجد فيها قصصًا إنسانية مؤثرة، أو تفاصيل دقيقة عن المشاعر والأحاسيس في لحظات الفرح والقلق والأمل كما يقول و

من المؤكد أن هذا التنوع يمنحه منظورًا فريدًا للحياة وللإنسان، ويجعل رواياته  مثيرة للاهتمام. 

يتضح تأثير مهنة الكاتب كطبيب في عدة جوانب من رواية «سقوط النوار»:

  التصوير الدقيق للحالات المرضية: يظهر ذلك في وصف حالة مريم ومعاناتها من نزيف الأنف المتكرر، والإرهاق والشحوب، وهو ما يشير إلى معرفة طبية بأعراض معينة. كذلك، عندما استبعد يونس في البداية فكرة اللوكيميا، ثم عاد وتصفح كتاب الباطنة.

 استخدام مصطلحات مثل «اللوكيميا» و»كتاب الباطنة» يدل على الخلفية الطبية

 و وصف المستشفيات والأجواء الطبية  في وصف مستشفي الدمرداش، بما في ذلك التفاصيل الدقيقة مثل «التروليات» و»القساطر» و»أكياس البول» و»رائحة الأدوية»

 و فهم نفسية المريض التي تظهر في تعامل يونس مع مريم ومحاولته فهم رفضها للعلاج

بالرجوع الي الذاكرة فإن هناك الكثير من الاطباء الذين ولجوا عوالم الادب فأثروا أجناسه المختلفة روائيين و شعراء و تشكيليين و منهم من أخذته الفنون الي رحابها و لم يعودوا الي ممارسة الطب كمهنة و لكن صاحبنا د. محمد إبراهيم طه و كأنه يتمسك بتلابيب الطب حين يمزجه برواياته و لا يريد منه فكاكا..

 

شارك القراءة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *