

عامر محمد أحمد حسين
عتبة نص..
• يقول الروائي في مفتتح روايته « هذه الرواية من نسج خيال الكاتب وتأليفه « اختلاف نسج الخيال عن تابعه «التاليف « ويضيف الروائي الخير حامد « لاتوجد اية علاقة بينها والواقع المعاش واي تشابه بين احداثها او اشخاصها وو…» سادت هذه المقولة في اوساط كاتبة واوساط فنية ، استخدمت هذه المقولات لأسباب منها ان اغلب الكتاب يخافون السلطان والرقابة ،واستهلكت ومحتهامن المحو وتحولت إلى تاريخ قديم في رؤاه ومداراة السلطان ومالايمكننا سبرغوره والإحاطة به يظل» مجهولاً» واين المجهول من سردية واقعية تلامس تاريخ بداية الكتابة في القرن التاسع عشر وما اسماه الفيلسوف هيجل « عصر النثر «
مفتتح ..
« ضميره يؤنبه بشدة لأنه قام بفعلته الاخيرة ضد والدها وهي تعلم بما حدث .بريئة ولاتستحق ان تعامل بهذه الطريقة القاسية ، لكنه قدرها الذي لم تختره ولم يكن لها يد فيه ، والدها وزمرته هم من تسببوا في كل ماحدث الرواية ص 1»
وفي كتابه «الرواية مدخل إلى مناهج التحليل الادبي وتقنياته يقول برنار فاليت ، وتحت عنوان المحاكاة والقصة « يمكننا وبعد جمهورية إفلاطون التمييز بين السرد الصافي والمحاكاة « imitation «او المحاكاة «simulation « والتمثيل « representation» .توصل جيرار جينيت الى الحديث عن الفرق الألفي بين القصة والمحاكاة على الصعيد النظري .إن هذا التقسيم الثنائي مثير للاهتمام : فهو يسمح بالمطابقة بين السرد والمعلومات الوحيدة الوظيفية المفيدة وبالتخلي عن الإشارات التصويرية والظرفية وآثار الواقع وتفاصيل اخرى ممكنة ظاهرياً للوهم المرجعي من جهة تكثيف السرد وزمن جهة اخرى ، تكاثر العناصر الوظيفية ، ويضيفىفليت « يعتقد جينيت ، انه باستطاعته ان يضع في آن واحد فوق هذا للمحور الذاهب من القصص الى المحاكاتية درجات مختلفة من حضور الراوي : بفرضية السرد كلياً بينما سيكون الخيال الانجح ذلك الذي يوصل إلى اعلى حد من الشفافية بينما يتم صرف المحاكاة بتقديم اكبر عدد من المعلومات وادنى عدد ممكن من المبلغين ، اما في القصة بالعلاقة العكسية .ويضيف فليت « اخيراً : يبدو انه لصعب الاحتفاظ بتمييز جذري بين القصة « سرد احداث صاف كتاب الرواية برنار فاليت « والمحاكاة بمعنى « سرد كلام « او وصف .فإذا انطبقت المحاكاة وانتفت القصة تحول السرد الى « وصف وكلام « وبالتالي سؤال السرد القصصي يحتاج اجابة عن هل ماكتب رواية « قصة سرد احداث صاف ام محاكاة وصف وكلام..في مفتتح رواية دائرة الابالسة ، تبحث عن مغامرة وتقرا استعداد السارد تقديم رواية بكل تفاصيل الرواية « سرد احداث» وخطاب تتقاطع لديه اللغة الساردة والرسالة المسرودة والمرسل اليه بلغة الخطاب العادية وكل ذلك يتقاطع مع النص المتجاوز للعادية الذاهب الى رحاب الاذهان المنشغلة بالكتابة وكيفية تطورها وعن متعة السرد والخيال إلا ان السارد انشغل في الحكاية بتقديم اكبر عدد من المعلومات عن شخصيات خيالية او واقعية وفي القصة» ادنى عدد ممكن «لكي لايخرج القاريء من النص الى متاهة ولايستطيع النص كسر الحاجز بين السارد والمتلقي وتتحول العلاقة بالترهل وحشد الاسماءوصفاتها وتقديم وصف إبليسي لها لكي تكتمل الدائرة المتبألسة وإذ السارد يقول : هذا بالضبط ما اريده ان اكفيك مؤونة تتبع الدائرة / الدوائر الإبليسية / خط بداية ونهاية النص.
«ضميره يؤنبه : قام بفعلته الأخيرة
والدها : القيام بفعلة ضده
الحبيب : تأنيب الضمير
الحبيبة : لاتعلم بما حدث
الحبيبة: لاتستحق ان تعامل بهذه الطريقة القاسية
الحبيبة : المعاملة القاسية لكنه قدرها الذي لم تختره.
القدر : لم يكن له يد فيه « الإشارة للحبيب»
قدرها : والدها وزمرته هم من تسبب في كل ماحدث تكتمل فرضية الابلسة دائرة واحده هي الأب وزمرته « اكتمال كشف فساد وتبشير بخلاص ومتنبأ بثورة تكتمل فصول فسادها بسقوط رأس النظام والاحتفاظ به في مكان آمن ..بيان اول سردي زمرة الاب السبب في كل ماحدث « في الرواية / الخيال البعيدة عن الواقع وتفاصيل اخرى حسب وصف الروائي لاحداثها
..تلبيس السرد
« كالعادة ومثلما يفعل حسام الشيخ يومياً عند كل صباح ، ومع هدوء المكتب ، جلس خلف شاشة حاسوبه المنصوب امامه ، ممسكاً بكوب قهوته المعتاد، يعالج تقريراً دورياً حول مبيعات المؤسسة كان مديره المباشر قد طلبه منه لمناقشته بالاجتماع الشهري الذي يجمعه بمديري ومسئولي المؤسسة بالفروع الاخرى والولايات دائرة الابالسة ص ٣٤»
يشفع للسارد وصفه النص بالدائرة ،وهي شفاعة تلحقها دوائر في» الذاكرة الجمعية» للابالسة ،جمع ابليس واحفاده، بمعنى ان «الإبليسية « تكتمل دوائرها الخلقية ،والاخلاقية في النص، والمعيار باعتبار السارد / الواعظ..
« بعد تخطيه لعتبتها الرئيسية مباشرة ودخوله المنتظر ، اوصدت ابواب قاعة الاجتماعات الكبرى وخطا المدير مسرعاً نحو مكان جلوسه المعد مسبقاً بترتيب منقطع النظير سكت الجميع وماتت الهمهمات بالقلوب الواجفة .وكعادته دائماً تفرس في العيون التي تطرق بعيداً او إلى الارض ، حدق في الملامح التي مازال بعضها يبحلق في اللاشيءهروباً من الواقع دائرة الابالسة ص ٣٧ « انتشرت لغة في الكتابات السردية بينها والسرد فراسخ ومساحات شاسعة وتغلغلت في الكتابة واصبحت كأنها تمثل السرد والقصة ،والحكايات والنماذج المذكورة من هذه الرواية تخنق روح الخيال ،والخلق والسرد، وتصل بنا الى تقريرية الأخبار، والأحداث، في القنوات الفضائية وهناك من كتاب التقارير ،من يجعلك تطرب وتحرك «الارجل: من فخامة التقرير، وجزالة اللغة ،وقوة الحجة، والمنطق ..
« عند.نجاحها السابق في المرحلتين الثانوية والجامعية ، احتفلت مع زميلاتها في افخم في الفنادق ، وقدم لها والدها بعد تفوقها هدايا لم تكن تتوقعها حتى ان زميلاتها اصابتهن حمى الغيرة الانثوية واشعرنها بحظهن العاثر دائرة الابالسة ص ٤٥»..نجاح سابق في الثانوي والجامعي..وهدايا الاب لم تتوقعها وسؤال ماهو تعربف حمى «الغيرة الانثوية» ومقابلها شعورها بان زميلاتها يندبن حظهن العاثر..هكذا.. ويتواصل ماهو مقلوب» لغة وسردية « كان معترفاً بالخوف منها ، لكنه قادر على كفاية نفسه شرها على الاقل فهو قد نجح في إبعاد المشاكل عنه هذا اليوم ..دائرة الابالسة .ص ٤٩» هذه النماذج مع اختلاف الصفحات تحكي عن ديكتاتورية» الراوي العليم :، ثم تصل إلى تخليط بين اللغة الصحاب في المقاهي، والونسة تتملص بها من ثقافة المكان، وثقافة الشخوص ، وتبدلها بمتابعة الكاتب يغشى المكاتب ويكتب لنا بالنيابة عن هؤلاء التعساء ، يحركهم و»يخجهم ويمجهم « ثم نخطو خطوة عسى ولعل ان نسمع همهمات الصاحبات، وغيرتهن الانثوية فإذا بنا نصل الى باب لامفتاح سرد له، من خلاله تنظر الى المجتمع الكبير سردياً في فساده ونزقه وحسده وغيرته « كما هي عادتها التي لن تتخلى عنها ابداً ، بعد إكمالها للمكالمة الهاتفية وفراغها من الحديث مع الطرف الآخر تضع وداد سماعة الهاتف على المكتب ثم تتكئ على الكرسى الوثير بمكتب السكرتارية دائرة الابالسة ص ٦٠»
ازمة وازمة….
وعلى كل حال فإن الكتابة السطحية تعطي مؤشراً سالباً عن تطور الكتابة السردية في العالم العربي ، وتتسبب في فجوة كبيرة بين الكتاب وقيمته بين الكتب والقاريء المحتمل ، وهي قضية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسرد والخطاب في ابعاده الاجتماعية باعتباره إبداعاً، وتاريخاً لمجتمع.، واكتشاف .ومما يجعل التشخيص صعباً ، ويصبح السؤال عن ازمة كتابة، ام ازمة كاتب ، ومع زيادة النشر وسوق الكتاب ،فإن سؤال سيطرة السرد والقصة على الساحة الثقافية والابداعية لامعنى له ، وتتزايد الازمة ويلفها الغموض ،ويبتعد النقد عن القراءة وتسيطر علينا روح الازمة وتساهم في تكبيل النقد وضياع صوته، وسط « الباعة الجائلة» وعرض البضاعة بين الناس،والكل ينادي على كتابه ؟، ويتحول سؤال ازمة النقد الى تغبيش للسؤال والاجابة عن ازمة الكتابة السردية، وهكذا ندور في حلقة مفرغة مثل دوران « دائرة الابالسة « حول نفسها سردياً ،حتى تكاد تخنق القراء بحبل المتابعة لأحداث متكررة ومعادة في متاهة سردية..» لايخرج «حسن فكة» كثيراً اثناء فترات الدوام بسبب اشتراطات الإدارة العليا ولوائح المؤسسة وتضييق الموظفين على حركته ، يظل طوال اليوم في حركة دؤوبة متنقلاً بين المكاتب والمطاعم والمكتبات دائرة الابالسة ص ٨١»
دائرة ..
تكاد رواية» دائرة الأبالسة» للاستاذ» محمد الخير حامد» ان تقسم دوائر السرد داخل النص الى دورة تداخل النص بين الراوي العليم واستبداده سردياً ومتاهة لغة القصة القصيرة وتحويلها الى» نقاط متقاطعة» وتتشابك فقط بين ما يمليه السارد: الراوي العليم لشخصوصه ،وتعليماته الصارمة ،وشتائمه لكل من يرى فيه «الابلسة «كان حسن فكة شخصية مختلفة طويل القامة ، غريب الشكل والوجه ، كبير الفم وعريضه ، صغير العيون والاذنين ، يحمل وجهاً اشبه بالمثلث متساوي الساقين ذي القاعدة الكبيرة وتبدو يده اليسرى معقوفه إلى الخارج جراء حادث قديم ص ٥١» « في الحقيقة فإن صادق كان حملاً وديعاً وإنساناً بسيطاً ، لايفهم في الدنيا سوى القليل تستطيع إمراة بسيطة ان تغير مسار يومه بهزة ردف او بنفحة عطر رخيص علق بثوبها اثناء مرورها بل وتنجح في تطويعه بأشارة من يدها إذا ارادت ص ٣٣/٣٤» وجملة في الحقيقة : تنفي السرد وتعيده الى المقال والسرد خيال وضد الحقيقة باعتباره خيال وخلق حقيقة قوامها التخييل ولعل مقولة الروائي اللبناني رشيد الضعيف « الواقع بحر من الرمال المتحركة « تنفي الحقيقة مجردة اياها من الصدق والكذب ، بل ان السراد المهرة لايسمون عوالم سردهم بلغة الإدانة « الابالسة/ دائرة/ دوائر / الابالسة « ولاشيء من كل هذا القول يحيل في المجتمع الكبير إلى الهبوط إلى نقطة إظهار عوالم السرد والقصص الخيال إلى مخيال يقتصر الأمر إلى رسم بياني للواقع بستار يحجب المكان.بكل ابعاده الثقافية والاجتماعية في قوالب مجانية مع مقدرة كبيرة على فقدان التمييز بين ماهو فن وخلق وعالم موازي وعوالم متوهمة واحلام يقظة بخلق فسطاطين تحت دائرة نظر السرد المصحوب بتخطيط ورغبة اكيدة في تسور الحائط نحو المبنى المغيب والمعنى الغائب في مدينة صالحة واخرى طالحة يرسم طريق الخروج منها سارد لم يستطع الخروج طوال الوقت من دائرة الابالسة وحكاويهم وهو يتعوذ من الشيطان الرجيم. .
« كان حملاً وديعاً وإنساناً بسيطاً لايفهم من الدنيا سوى القليل تستطيع إمراة بسيطة التفكير ان تغير مسار يومه» وإذا كانت المراة غير بسيطة التفكير فإن عطرها لن يكون رخيصاً يتسبب في إرباك حياته بهزة ردف او نفحة عطر باريسي معلقاً بثوبها كما علق ببسيطة التفكير امراة رخيصة بسيطة التفكير..ماعلاقة بساطة التفكير وعلو كعب المرأة بالعطر الرخيص او الثمين..ا؟
إن السارد وبقليل من العناء اطلع على وجوه فساد في مؤسسات ثم حزم وعزم وكتب مايراه رواية ولاغبار عليه ولاتثريب او تسريب.
شارك القراءة