رهيد النوبة… إعلان الدخول في مرحلة الحسم

16
لؤي إسماعيل مجذوب 2

لؤي إسماعيل مجذوب

ضابط سابق - باحث في شؤون الأمن الوطني والحرب النفسية

• رهيد النوبة لم تكن محطة بروتوكولية في جولة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، كانت بداية اشتعال أسبوع كامل من المعارك التي قلبت الموازين في كردفان، وأطلقت مرحلة جديدة من الحسم.

من الرمز إلى الفعل

زيارة القائد العام كانت في ظاهرها تفقداً، لكنها في حقيقتها رسالة عملية: القيادة لا تكتفي بالتوجيه من المكاتب، بل تقاتل من قلب الميدان، وهذا وحده كفيل بتحطيم أسطورة «الخطوط الخلفية الآمنة» التي بنت عليها المليشيا أوهامها.

وفي الأيام التالية، تحولت الرمزية إلى وقائع دامغة: معارك أب قعود – أم صميمة أنهت وجود مجموعات بكاملهاك (50، 54، 22، وبقايا 19)، ودمّرت عشرات العربات، وأفقدت المليشيا قادتها، بينما ولّى فلولها الأدبار في حالة من الانهيار.

معركة أب قعود… الدرس القاطع

في أب قعود حاولت المليشيا أن تستعيد زمام المبادرة بالهجوم المباغت. لكن قواتنا تعاملت بخطة التفاف محكمة، حوّلت هجومها إلى هزيمة قاسية. عشرات القتلى والجرحى، معدات وقعت غنيمة في يد الجيش، واسترداد عربة الشهيد مهند إبراهيم فضل، في انتصار معنوي يوازي المكسب العسكري.

أمام هذا المشهد، تبيّن أن المليشيا لم تعد تقاتل «كرّاً وفرّاً»، بل تدخل طور الانهيار الممنهج، حيث كل مواجهة تتحول إلى مسح لمجموعة بكاملها من الوجود.

البعد النفسي… سقوط الأسطورة

الصدمة الكبرى للمليشيا أن وحداتها التي رُوّج لها بأنها «قوات صاعقة» تذوب في أسبوع واحد. القادة الميدانيون مفقودون، والمجموعات (10، 13، 30، 50) تلاشت بلا أثر. هذه الحقيقة أخطر من أي خسائر مادية، لأنها تقنع المقاتل أن مشروعه خاسر، وأنه يقاتل بلا أفق ولا مستقبل.

وفي الحرب النفسية، لا شيء يفتك بالخصم أكثر من اقتناعه بأنه يقف في صفٍّ مهزوم سلفاً.

الرسائل الاستراتيجية

لقواتنا: القيادة معكم في الميدان، ترى وتخاطر وتقاتل.

للشعب: حيث ينهزم الجنجويد، يعود الأمان وتُستعاد الحياة.

للعدو: أب قعود وأم صميمة ليست نهاية، بل بداية مسار الانهيار الكامل.

للمترددين: الرهان على المليشيا انتهى، فهي لا تصمد أمام الحقيقة ولا أمام الصدمة.

رهيد النوبة… بداية الانكسار

الحرب ليست رصاصاً فقط، بل إدارة إرادات. وقواتنا اليوم تدير معركتين متوازيتين:

معركة النار التي تفتك بالمليشيا.

ومعركة الوعي التي تفتك بأسطورتها.

رهيد النوبة لم تكن زيارة، بل إشارة بدء لانكسار مشروع بأكمله.

النصر لم يعد احتمالاً يُرجى، بل حقيقة تترسخ مع كل مجموعة تفنى، وكل منطقة تتحرر، وكل مقاتل يتيقن أن الجيش هو الوطن، والمليشيا زبد سيذهب جفاءً.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *