ملكة الفاضل

ملكة الفاضل

كاتبة وروائية

• عندما انطلقت الألوان الصاخبة والأضواء الملونة والألعاب النارية بكل فنونها وجنونها سرت في الأنفس المتعبة في كل ارجاء العالم وتلك المتسمرة امام شاشات التلفاز  روح الحماس و حلقت باجنحة التفاؤل، فالعالم اجمع يحتفل بحلول الألفية الثالثة.  وتوارت الأرقام  ١٩٠٠ بكل حمولتها من أحزان وأوجاع ومظالم وآلام وذكريات أمال تحققت واخرى لم تتحقق توارت كلها مع انتهاء قرن لتفسح المجال أمام الأرقام  ٢٠٠٠ وقرن جديد والألفية الثالثة. 

كان الاحتفاء بالألفية  الثالثة من أجمل ما شاهدنا على شاشات التلفاز حتى حلق بنا الخيال وظننا بأن العالم اجمع على موعد مع ازمنة حافلة بكل جميل وخالية من قبح اصطلت به  وما خلفه من آلام وأحزان العديد من الشعوب. كان كل شيء يدعو للتفاؤل والعالم يمضي  بخطىحثيثة في دروب  العلم والتكنولوجيا  ومكافحة الجهل والمرض وتوطيد أسس العدالة وحقوق الإنسان عن طريق النظم السياسية والقانونية ووالمنظمات الاممية والدولية  والاجسام  السياسية  وكلها  ما وجدت الا لجعل كل ذلك ممكنا. نعلم انها مسيرة طويلة تواصلت عبر القرون حتى وصلت لنهاية القرن العشرين ومالم يكتمل تحقيقه جعل الانظار تتجه بكل تفاؤل نحو منصات الاحتفالات الطروبة لتتوسم في اضوائها باذخة الثراء وأجوائها القشيبة ما يحمله القرن الجديد من بشا رات وبشائر بغد أفضل.

وها هو العام ٢٠٢٥ يكمل ربع قرن من الألفية الثالثة والآمال المجهضة تبدو ماثلة للعيان والحروب التي كانت في الماضي بين الجيوش او بين قوى لا ينقص اي منها  السلاح او العتاد  صار ت تفتقد معايير التكافؤ والندية تحت انظار  العالم اجمع. ولأن الحروب والصراعات تدور غالبا حول حق مستلب  لم تتوقف المعارك ولا الصراع  وخسائر البشرية .   

فقط تغيرت أشكال العداء والاستهداف لتنزل لنا شاشات التلفاز كيف تستهدف   الأمهات والأطفال او ما تنقله نشرات الاخبار من غزة. هذا حصاد الربع قرن الاول من الألفية الثالثة .. اطفال من كافة الأعمار: أيام وشهور وسنوات .. اطفال أخوة واخوات كما حدث لأسرة الطبيبة الفلسطينية التي عادت من مكان عملها لتجد كل اطفالها ثم الاب  اغتالتهم غارات العدو.. إبادة لأسرة تجاوز عدد افرادها العشرة  لم يتبق سوى صبي  حملته طائرة مع أمه للعلاج في إيطاليا.  وهكذا اسر بكاملها تجتث  في حرب الابادة .  وفتى يطلب مساعدة المنظمة الانسانية كما تقول اللافتة تزهق روحه مع اخيه. ولعلعة الرصاص وهدير الطائرات وبوم بوم القاذفات ، وكل ذلك الهدير الآثم يقابله صمت أثيم .

ما  بال الدول كبيرها وصغيرها لا تقدم على فعل يوقف كل ذلك التقتيل او بعضا منه؟  كل ما يدعو لليأس يحدث الآن في غزة والصمت يهدر الا من تصريحات خجولة من رئيس او زعيم في هذا العالم المحتشد بالزعماء والقادة والرؤساء .. أين ذهبوا؟ 

كثيرا ما فكرت في أن مظالم العالم المتراكمة  هنا وهناك ستتصدى لها الشعوب.   مواطنة عادية مثل صاحبة المطعم في إليونان  ومغني مثل بوب فيلان البريطاني الذي أعلن عن دعمه لفلسطين  وناشطة  مجموعة  كود بينك الامريكية وناشطة  امريكية  سالت سؤالا مهما « متى يحق للفلسطينيين الدفاع عن انفسهم ؟ «م وآخرين مثل الناشطين من جنسيات مختلفة  على القا رب مادلين والقارب حنظلة الذين / اللائي يتاهبون الآن للتوجه الى غزة ودكتور في حقوق الانسان يتخلى عن وظيفته  مثل واولئك الأطباء من الدول العربية والإسلامية والغربية الذين جازفوا ووصلوا لغزة ليشاركوا في العمل بمستشفيات تحت القصف  وفي مهندسة امريكية من المغرب تعمل في ما يكروسوفت تضحي بوظيفتها وراتبها المغري لتعلن عن رفضها وانحيازها لأطفال غزة . وغيرهم كثر مثل الكهلين اللذين يعبرا عن استنكارهما لتجويع اهل غزة بالامتناع عن تناول وجبتهما. هؤلاء وامثلة أخرى كثيرة تشرق كل يوم في مكان ما في هذا العالم لتؤكد ان الشعوب هي التي تغرس التفاؤل في عصر الخذلان. وباقة ورد فواحة الشذى لفرانشيسكا باليتزي

«المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية «  التي أشرقت مواقفها وأضاءت ما يريد البعض ان يظل رهن التعتيم والاظلام،  فلم يمنعها التهديد ولا العقوبة من التمسك بموقفها وتصريحاتها وتسمية الأشياء بمسميائها لذا   

«استُهدفت فرانشيسكا ألبانيتزي لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال تقارير صريحة اتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ودعت إلى محاسبة قادتها أمام المحكمة الجنائية». منقول.

ربع قرن ينقضي والعالم يشهد فصلا آخر من الحرب المستمرة في فلسطين والحروب المتقطعة في الشرق الأوسط  وحربا أخرى في اوكرانيا وحرب الاثني عشر يوما في إيران  والحرب المنسية  في السودان أو الحرب غير المفهومة في بلدنا نحن ديل.. 

اللهم لطفك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *