محمد المهدي

محمد المهدي

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• من السلبيات المتعددة  المنتشرة في مجتمعاتنا، والتي يتعايش معها الناس، بعضهم بممارستها، وبعضهم بتقبلها، عدم احترام الخصوصيات، وإطلاع الآخرين عليها ونشرها من دون شعور بالإزعاج أو الإحراج. 

ويتمثل ذلك في صور متعددة، وفي أماكن مختلفة، أحياناً تجد أشخاصاً في مكان عام يتحدثون في مواضيع في غاية الأهمية، تخص أسرة أو شخصاً، فيُسمعون من حولهم بسبب ارتفاع الأصوات، وقد يكون ذلك في مناسبة زواج أو عزاء، بل قد تكون في المقابر، فتجد بعضهم منشغلين عن المشاركة في  دفن المتوفى، أو الدعاء له، أو التفكر في تلك الساعة التي يكون فيها هو المُسجى والمُشيَّع وليس المُشيِّع، وهل هو في تمام الاستعداد وماذا أعدّ لها، فكل نفس ذائقة الموت، وهو يأتي فجأة فكم من شخص سليم معافى دهمه الموت وهو في مكان عمله، أو بعد تناوله وجبة الفطور أو الغداء أو كوباً من الماء أو الشاي وبعضهم تقبض روحه وهو نائم، لكن هل ينتفع بالواعظ الصامت إلا من كان له قلب خاشع. 

في أماكن العمل تجد موظفاً يستقبل في مكتبه زائراً يتناول معه الإفطار ويجلس إلى جواره يتحادثان في مواضيع شخصية، خصماً على زمن العمل الذي ينال مقابله أجراً، وعلى حساب المراجعين الذين يضطرون إلى الانتظار ساعات لإنجاز أعمالهم.

وقد يكون هناك أمر يجب على المراجع أن يخبر الموظف به، وليس من حق أي شخص آخر الاطلاع على أسرار الناس، وربما يشعر صاحب الشأن بالحرج فلا يبوح بالمعلومات أمام الزائر غير المرغوب في وجوده خلال ساعات العمل، فتضيع حقوق بسبب ذاك السلوك السلبي.

ومن أعجب السلبيات، استخدام الهاتف في مكان عام أو في المواصلات بصوت مرتفع، ما يجعل جميع الموجودين يتابعون العرض على الهواء مباشرة، ويمكن أن يتدخل آخرون لإبداء آرائهم في الموضوع.

من الطرائف ما حكاه لنا أحد الزملاء، حيث كان أحد الموظفين في مؤسسة بالخرطوم يحدث أهله في إحدى المدن بصوت عالٍ حدّ الإزعاج، وكان مدير المؤسسة في اجتماع بمكتبه، ولكن من فرط ارتفاع الصوت ظنّ أن هناك مشكلة، فخرج مستفسراً عن الحاصل، فطمأنه السكرتير بأن الوضع طبيعي، لكن الموظف فلان يتكلم مع أهله في مدينتهم، وكان المدير صاحب طرفة فقال لسكرتيره (قول ليه يكلم أهله بالتلفون). وقد قرأت قبل فترة في الفيسبوك عدداً من المواضيع المشابهة.

فقد كتب أحدهم أنه بينما كان راكباً في حافلة مواصلات عامة، أخرجت امرأة هاتفها، وهي تصطحب معها طفليها، وأجرت اتصالاً، وكان واضحاً من خلاله أنها تتكلم مع زوجها، وأنها غير مرتاحة لحياتها معه، شاكية مما تعانيه، طالبة منه الطلاق لاستحالة استمرار حياتهما الزوجية، وقد ساد الصمت الحافلة، والركاب جميعهم يتابعون الحوار، وكانت الزوجة تردد (بس طلقني، أنا تاني ما بعيش معاك،  طلقني الآن). وبعد مدة من الزمن  انتبه أحد الركاب المتابعين للمكالمة إلى أنه تجاوز محطته، فصاح في السائق من دون أن يشعر وهو يريد إيقاف المركبة لينزل: (بالله طلقني هنا).

كتب أحد الشباب: (يا م. ن الساكنة في بحري، خلاف خطيبك مع أهلك انتهى، الموضوع ناقشه الركاب في الحافلة بعد كلام خطيبك مع أمه وأخواته، وتدخل جميع من في الحافلة، وأقنعوا خطيبك بأن أهله غلطانين، ويجب عليه أن يكمل زواجه ولا يتخلى عنك، وهو اقتنع وكلم أمه وأخواته بقراره النهائي، وهم رضخوا، ناس العريس بجوكم يوم الجمعة لتحديد موعد الزواج،، مبروك خليكم جاهزين).

ليتنا نسعى للتخلص من سلبياتنا، فنحن  شعب يتمتع بمكارم الأخلاق، إضافة إلى التكافل والتراحم، أما الأمانة والنزاهة فقد جعلت لنا مكانة لدى كثير من الشعوب، الذين  يتحدثون عن خصالنا الحميدة، فالواجب أن نتخلص من السلبيات وأن نضيف إلى إيجابياتنا ما يزيدنا بهاء وألقاً بين شعوب العالم.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *