حين تسبق الكلمة الرصاصة

48
د. حاتم محمود عبدالرازق

د. حاتم محمود عبدالرازق

لواء شرطة متقاعد - محام ومستشار قانوني

• لم تعد الكلمة اليوم مجرّد تعبير عابر، بل صارت سلاحاً قد يسبق الرصاصة في إحداث الأثر. ومع اتساع منصات التواصل الاجتماعي، تحولت بعض ساحاتها إلى مسرح للإساءات، والسخرية، والتنمر، في مشهد يهدد قيم المجتمع، ويغذي الكراهية والانقسام.

الكثيرون يتسابقون إلى الشهرة السريعة، فينشرون محتوى فارغاً أو مشوهاً، يسيء لصاحبه أكثر مما يفيده. الأخطر من ذلك، أن هذه النماذج تُغري الأجيال الناشئة بالاقتداء، فتترسخ ثقافة سطحية تعصف بالمعاني السامية التي ينبغي التمسك بها.

الدين الحنيف وضع إطاراً واضحاً لهذه القضية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». كما حذّر صلى الله عليه وسلم من خطورة إطلاق اللسان بغير حساب: «وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم». إنها رسائل حاسمة، تذكّر بأن الكلمة قد ترفع صاحبها، وقد ترديه في الدنيا والآخرة.

المطلوب اليوم أن نُعيد للكلمة قيمتها، وأن نجعلها أداة لبناء الثقة ونشر التفاؤل، لا وسيلة للهدم وبث الأحقاد. وأن نحفظ فضاءنا الرقمي من الابتذال والعدوان على كرامات الناس، فـ«من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».

إن مسؤولية كل فرد أن يزن كلماته قبل نشرها، وأن يدرك أن الأمة التي تضبط لسانها وتصون خطابها الإعلامي والرقمي، هي أمة تحفظ وحدتها، وتؤسس لمستقبل أكثر استقراراً ووعياً.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *