مصطفى هاتريك

مصطفى عمر مصطفى هاتريك

كاتب صحفي

حكاية أرض جو

كنت يومها أتوق لمعانقة الجميع.. أمي.. أبي.. إخوتي.. أصدقائي وكل أهل الحي… حتى كدت أن ألثم الطرقات والجدران وأبواب الجيران، هكذا حالنا حين نغادر. 

   وأنا أخرج حاملاً الرغبة والاضطرار في طريق سفر لا أدري متى تكون عودته، صدف وأن رأيت جارنا ذلك الأسمر (الطيبان) يحمل خرطوم المياه ليغسل سيارته التاكسي طراز (سيهان بيرد)، والتي كانت حينها سيدة السيارات، تتوسط الشوارع كأنها من (جميلات الثانوي العام)، أو من بنات (ذلك الحي) الموسومات بالجمال.

ودعت جاري وذهبت في رحلة مكثت فيها بمراكش

المغربية بعض أعوام، عدت بعدها يسوقني الشوق والحنين وبعض  التلهف، وأنا أترقب وأراقب ماذا تغير أو تطور في حينا العتيق، كنت أمني نفسي برؤية بعض الطرقات التي عُبدت، وبعض العمارات التي شيدت.

لم يسعني إلا أن أفتح فمي دهشة وأنا أجد شارعنا (ياهو ذاتو)، وجاري العزيز يقف ذات الوقفة (ماركة لقيته واقف منتظر)، حاملاً ذات الخرطوم يغسل ذات السيهان التي لم تعد سيدة الحسان.

وفي هذا  الإطار:

لماذا نحن لا نسعى كما تفعل الشعوب لتطوير ذاتنا؟ 

لماذا نُصر (الحاحاً) على التمسك بالمتاح دون طموح في زيادة؟ كيف صبر جاري العزيز على ممارسة ذات السلوك لأعوام؟ 

لماذا لم نمارس التطوير في أعمالنا؟ 

 حكاية عجيبة 

ذهبت ذات زمان لطبيب معروف، عالم وعلم في تخصصه، يحج إليه الرجال والنساء من المدينة ومن أطرافها ومن كل فجٍ عميق، مما يعني إيراداً يومياً يسد العين ويملأ اللسان ب (ما شاء الله تبارك الله).

  جلست على أحد كراسي العيادة المكونة من هيكل حديدي بائس فانهار بي، لا من ثقل وزني، وإنما من تقادم الزمان عليه، الطريف أو ربما المحزن في الأمر أني عدت لمقابلة ذات الطبيب بعد أشهر، لأجد ذات الكراسي بذات الكسر، فقط كل ما تغير أنه تم تخزينه بركنٍ قصي.

 لم يكن ذلك الطبيب معنياً بتطوير عيادته لا من حيث الأدوات ولا غير ذلك، فقط كان مهتماً بأسعار الأراضي كبورصة يجيد لغتها مثل سمسار حريف، ومن ثم إكمال عمارته متعددة الطوابق (انكفاء على الذات). 

في دولة قريبة تقع ما بين ترف الخليج وفقر أفريقيا

رأيت كيف يحرص الأطباء بل  ويتنافسون على التطوير…

وفي ذات الإطار…

لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *