

عبدالله سليمان أحمد
• فى البدء استميحك عذراً أن تسمع مني هذا
We don’t grow when things are easy..we only grow when we have challenges
سقيمة هي مرابع الهوى، حيث تتنازع أنفاسها القديمة بقايا (أمة) منحت نفسها لذة العيش والتسكع في الهباء
بانتظار شبح يتوسد يقظتها.
الكائن السوداني وبعيداً عن (الجندرة).. قد وقع فر يسة فرضية كونية ائتزرها راضياً لنفسه.. كونه متميزاً (كما / ونوعا) عن المحيطين به من الأعراق المغايرة..
بل ومنح نفسه وشاحاً (مصنوعاً) من الخيال.
الحرب الماثلة الآن.. والتي غيرت جغرافيا (التعريف) السودانوي هذا.. وطبعت على سلوكه مجريات (السؤال)…
حالت دون الرجوع إلى (تقييمات) السقم القديمة،
فها قد مضت أو كادت (سنوات ثلاث) على بساتين البيت السوداني، ودعته يترحل جغرافياً إلى بيئات مبتسرة قد أعادت لشخصه تعريف (كينونته) الراحلة،
فهو لأول مرة في تاريخ المجتمع السوداني بأجمعه.. أن وطئت أقدام أفراده.. رصيف (الهرب) الجماعي،
كونه مطروداً بفعل خارجي من بيته…
حاملاً بين كتفيه ديباجة مكتوباً عليها (لاجئ)
العقل السوداني الراهن بعد الحرب… لم يستوعب هذا… وما زال مؤملاً في استعادة (رصيده النفسي) لميقات ما قبل الحرب…
حتى يتزيا (فرحاً… منتشياً) أقمصة (الفرادة) الراكضة إلى ما وراء الشمس لما ميقات قبل الحرب، ولكن وبكل مفردات الأسف..
كل ذلك الآن
(خارج نطاق التغطية) حالياً،
فالسلوكيات الحادثة قبل/ وأثناء/ وما بعد الحرب.. قد جعلت مكنيزمات العقل السوداني تفرز ما يسمى (الثابت المتغير).
الفيلسوف هيجل وفى إحدى تجلياته الفلسفية قال:
(التغير هو الثابت الوحيد في العالم).
وبالتقاط هذه المقولة الفسفورية، والاشتغال عليها في حفر بنية العقل السوداني الآن..
تبين أن السوداني يريد منح نفسه (رصيداً) مجانياً بين ديالكتيك التغير… واستعادة تعريفه المسبق،
ولكن ذلك (ولّى) إلى غير رجعة.
هيغل كان يعتقد أن الصراع بين الأطروحات والمضادات هو المحرك الرئيس للتغيير والتطور،
وأن هذا الصراع يؤدي إلى ظهور مستويات أعلى من الوعي والفهم،
وأن الداينميكية بين الأفكار والمفاهيم هي الآن… تعمل على صناعة الإنسان المعاصر..
وكان هيغل يرى أن التاريخ يتقدم عبر سلسلة من المراحل، حيث تتصارع الأفكار القديمة والمبادئ المستحدثة وتتطور عبر الزمن. وبإنزال هذا (الماعون الزجاجي) على العقل السوداني….
يبين لنا أن (التفكير )… هو الدليل الوحيد على وجود الذات المعاصر،
فصناعة الإنسان المعاصر تتطلب مجابهة التحديات، والتنشئة الاجتماعية مقرونة مع فعل مستمر للتطوير الذاتي.
مدن ودول مثل (لندن وبرلين واليابان) نهضت من كبواتها الحضارية، وأعادت إعمار تاريخها… بشخوصها وأصابع بنيها… كدروس حياتية قدمتها للعالم، وبإحصاء بسيط نبين أن معظم حملة القلم السوداني الآن.. تسكب أحبارها في منصات الميديا نحو مضمار استعادة السودان (القديم)… ذي الجاه السلوكي… والحظوة المجتمعية… والغبطة الثقافية
(نحنا… منو الزينا)!!!
فجدلية العقل السوداني محاصرة الآن بالقفز فوق سقالات مفاهيمية بالية… ركلها السياق التاريخي المعاصر…
كبلد متعدد الأعراق والألسن… والأطر المتغايرة، مع متطلبات فورية لفهم التاريخ… السياسي منها والثقافي لبنية وعي حضاري للسودان،
وذلك من حيث استعادة دور اللغة المشتركة بين مكونات الجغرافيا وتخوم الألسنية والدين، والتقاليد المتشظية
وتأثيرها على محكات التفكير السوداني الآن،
فصناعة الإنسان المعاصر وفق مجابهة للتحديات الماثلة من حيث خياطة تعليم مستحدث، يلبي رغائب الواقع الجديد، وتنشئة اجتماعية نظيفة ومعقمة من قراءة الغير لنا… وصيرورة النظر دوماً إلى (المدح) من خارج سياقات الواقع،
كل ذلك رجاء بناء الشخصية النهضوية.. والهوية الفردية الجديدة… وتحسين شتول التطور الذاتي.. لنا في السودان، مع حقن متواصل لفايتمين القدرات الذاتية عبر أمصال ولقاحات النهضة الحضارية الجماعية، ولن يكتمل البناء إلا عبر فوهات الإصرار والتصميم، والعمل الجاد على إيجاد حلول جديدة بطرق إبداعية فعالة، لصناعة السودان الجديد.
مع فعل موازٍ للتعاون بين الفرد والدولة، من حيث زراعة مؤسسات جديدة، تلبي حاجة الإنسان السوداني المعاصر…
مقرونة بفعل داينميكي للتفاعل والثقة المتبادلة، والتواصل الفعال بين جنبات المجتمع، ولنأخذ مقولة سقراط هذه:
(لا راحة لمن تعجل الراحة… بكسله)، فنحن ما زلنا (نبني الكثير من الجدران… والقليل من الجسور).. بين بعضنا البعض،
فكما قال (مارك توين): (كن حذراً عند قراءة كتب صحية… فقد تموت من جراء خطأ مطبعي).
في ختام هذا الجزء الأول أهدي هذه
الحكمة المعاصرة:
Be a good person..but don’t waste time to prove it
….

لا تأتي مفاهيمية الكتابة الصعبة عن الذات السوداني… من البناء الخارجي للنص، بل تحضر على مستوى ينتظم في خط (ثيماتي) متنامٍ في الترابط، خصوصاً وأنت تناقش (بنى فوقية)، مثل مكنزمات العقل،
فهي حقاً مطلب من مطالب التجديد المعرفي للمفاهيم، ولا تقع تحت هيمنة التفكير التقليدي المنغلق للعملية المفاهيمية برمتها،
حيث الشكل (ظاهري خارجي).. والمضمون يظهر كأنه محتوى داخلي لفهم البناء المترابط والمتماسك للمتواليات السردية لعمل العقل الإبداعي، والتي بالضرورة… لا تغني عن الصعوبة التي تأتي من بناء الفكرة العقلية ومقاصدها،
حيث إن الكتابة اليوم عن بناء عقل سوداني متجدد ومستحدث لحقبة ما بعد الحرب،
يهتم أكثر مما مضى بقضايا ذات أبعاد نفسية اجتماعية ثيمية لأفراد الشعب السوداني ذي الأعراق المختلطة،
حيث لا تزال منغلقات العقل السوداني الآن… تحتفظ براهنيتها لدى حملة بعض الأقلام القديمة..
مهما تعددت المبادرات والنوايا،
فنحن نناقش حاضراً… بنى عقل سوداني جديد… متجاوزين إكراهات الواقع الآني
والارتقاء إلى فضاء افتراضي يعفينا من متاعب التدافع وتلاطم الآراء،
فكثير من الأسئلة الملحة والفضولية المحتوى.. قد لا ينمو دورها في تحريك المشهد المفاهيمي، والذي تسيطر على ذهنية مثقفيه… ديكتاتورية النشر المجانى للآراء المبتسرة من النتائج. فبعد هنيهات من مناقشة العقل ضمن هذا الواقع الملتبس بالفرادة الافتراضية في فضاء الرقمية، حدثت انقلابات لا تحصى، غيرت كثيراً من تصوراتنا ويقينياتنا،
فقد تجاوز الهم العقلي اليوم… عصر العولمات المتضادة…
والذي هو ضرب من الوهم المعرفي ضمن نطاق أسافير لا حدود لفضائها الشبكي، والذي ألغى في كثير منه… ضرورة دفع تأشيرة الحدود الجغرافية للكتابة، فما تكتبه اليوم الأقلام عن بنية العقل السوداني.. قد (تجاهلت… وجهلت) العديد من محكات اليقين والصدق… فهي لا تعدو أن تكون لغة شعرية متميزة بالرهافة والرواء الافتراضي…
والذي لا يمنحه إياها يقينية المضامين،
فالموضوعات الماثلة بين أيدينا اليوم في نقد بنية العقل الجدلي السوداني… إن هي إلا ضروب قلمية متضافرة فيما بينها… متماسكة ومتقاطعة في (خيباتها)،
محتكرة لنصوص بالية تعتلف مقولات.. لا تسكن إلا أقبية الهباء.
فكل من بدأ الشعر مثلاً.. قد غرف من ذاته… نصوص القصيد، ولا يقوى حينها على منح نفسه متخيلاً خارج السياق الإنساني وأبعد من تجربته،
ولا يستطيع صاحب القصيد آنئذٍ إدراك أبعاد جملة التجربة الإنسانية الواقعية… وتحويلها إلى (متخيل صفري) محمل بتراكمات الجملة غير المفيدة.. والبعيدة عن بصيرته،
إن هي إلا جملة واحدة مكررة… مترددة… لا تحسن التخفف من محسناتها البلاغية،
ونحن نناقش ضمن سياقها… بنية العقل الجمعي ضمن تجربته النفسية للإنسانية جمعاء،
المؤسف حقاً.. أن بعض التجارب القلمية السودانية اليوم، وهي تتناول ذات المعضل…
تقبع في كونها… جملة واحدة مكثفة، وخالية من الفهم العلمي في تشكيل أنساق وعينا السوداني.. الفردي منه والجمعي،
بل صعود ونزول مجاني… منسوب أولاً إلى مقرؤيتنا له بناءً على مستوى (دمقرطة) آليات التواصل النفسي فيما بيننا.
فنحن نعيش اليوم مثلاً حقبة الورقمية، أي تلك المرحلة المفصلية بين عنصر الورق والتشبيك الرقمي، والتي يعمل في الكثير منها حملة أقلام (الانتي فايرس)،
ويحشرون ضمن نصوصها.. وداخل أقبية المدسوس والغث منها… إشاراتهم الغامزة واللامزة…
متفادين بذلك التحيين… كونه غير قادر على مواكبة التسارع المفاهيمي لمناقشة معضلة كهذه… معضلة أبنية جديدة لعقل سوداني مستحدث ومتجاوز لراهن المقولات السودانية القديمة.
للأسف… ما زال عدد من مققفي بلادي يحملون مشاعل منطفئة الإضاءة.. ولا يصدقون حقيقة هذا الحريق الذي أشعلته المفاهيمية الجديدة… تحت أقدامهم. فكثير من حملة الأقلام الصدئة وجمهرة الهدم.. يدسون (محافير) البناء… ولا يقبلون بهذا الرحيل القسري للمقولات السودانوية البالية والمعتقة داخل الفقر العقلي…
ولسان حالهم ما زال يخفق ب(نوستالجيا) الزمن السوداني القديم.
تماماً… تماماً..
مثلما قالها محمود درويش قبلاً:
لا بأس…
من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا
لكن الشقاء الكامل
أن يكون حاضرنا
أفضل من غدنا
يا لهاويتنا
كم هي واسعة
…
….دعونا نصدق الوعد مع الذات الجمعي السوداني… الآن… لنقل معاً:
( You will learn nothing from the life, if you think you are right all the time )
نعم…
آن للعقل السوداني اليوم.. أن (يتواضع).. ويبصق الحصاة- حصاة (الفرادة) المغشوشة.. والنمذجة العرقية المستلفة من (بقايا) ألسنة الآخر.. تجاهه.
الملمح العام والذي يغطي على المشهد السوداني اليوم، سودان (ما بعد الحرب)…
هو غليان الرؤى المتباينة.. والتي تعد أحد إفرازات الثورة المعرفية…. الجديدة للحقبة التي تلي مخلفات (الصدمة/ الحرب)
وذلك كاستراتيجية تروم تشجيع الاغتباط (القبلي/ العشائري) على تخوم (القطرية)،
حيث يسعى المعظم… لإعادة رسم المفاهيم على مقاس أحلامهم (المناطقية) الضيقة،
وتطلعاتهم التي لا يشاركهم فيها سوى من احترفوا التنقل بين الولاءات… وزرع فتيل (الأعراق) المتشظية…(اختياراً)، وهي بالضرورة.. حالة نرهف السمع معها للصمت (العقلي) الذي، يحاصر أصابعنا الآن.
ففي أعماق سكونه الرهيب…يحتضر (الرفض)، فيما تقبع في اللاوعي السوداني الجمعي… رياح هادرة تنتظر مواسم الهدوء…
وتسافر بنا نشوة اللامبالاة وذرائعها المعرفية إلى المنعرجات التاريخية (المغلوط منها والمبهم)،
مقترنة مع حليفها الرمزي في معركة (التغيير) الآني.
تغيير (يوتيبيا) ما يسمى سودان (كوش)، فمن اختاروا منا… التلصص الآن..
ينتظرون نهاية المعركة المفاهيمية.. لإحصاء الضحايا الذين يرومون تبديل (الجذر التربيعي) للقطرية الجغرافية.. لسودان اليوم، إلى (مثلثات مربعة)…ل(فقه).. الخيمة
The NOMADS method
بعدها… يرتفع الصوت المشروخ بالضجيح… لتقديم الولاءات المناطقية… للجهة المنتصرة (معرفياً)…
وتدبيج قصائد (المدح) الكذوب… ضمن بصائر مشروعها الفلسفي،
فكيف تورطنا نحن الآن… في لعبة الكتابة عن العقل السوداني (الجديد)…؟؟!
نحن نعيش اللحظة… في توقيت تلوثت فيه الأحاسيس الإنسانية لجموع (السودانيين)
باشتغالات (الفرد) اليومية… مبتعدة بذلك عن لغة التشفير المعرفي الجمعي،
متوسلة لهجات مفاهيمية (سودانية) مختارة (بعناية)، تتبنى كل ما هو غير جمالي.. ومعرفي، مع استصحاب
موسع للمقامات الفلسفية… من جهة السمو (العرفانى).. في علاج أعطاب الروح النفسية (للبهو) السوداني،
واجتراح الأسئلة الثقافية المطروحة لضرورات (التجديد)،
وإدخال الإجابات الممكنة… لدائرة واسعة تشمل (النسق/ الوظيفة)…
حتى يتلاءم والسياق العام للنقاش حول مطروحات البحث عن حل.
حل (جمعي)..
يتوخى عدالة توزيع (الجغرافيا) على كل السودانيين… بصدق، فهنالك قوائم معيارية اليوم…(تباع) في سوق الولاءات المدجنة، وقيم مرجعية… تنهض عليها كافة أسئلة الراهن… الثقافي
ذو التركيب (المعجمي/ الدلالي)
لمفردات قاموسها السودانوي… المتقشف
النشاط الإيقاعي… للكتابة المفاهيمية (الجديدة) الآن..
يشتغل اللحظة على رصد مبررات القدرة على… النفاذ والتأثير، حيث أسئلة النقد (الثقافي)… بدورها تتقاطع مع عدد من البنيات الصغرى حول طبيعة الخطاب، وأنساق (اللغة/ الوظيفة) المعرفية… لمدارات النص (الجديد)،
وذلك.. من حيث استنهاض ذات أسئلة النقد… في البحث عن (عقل سوداني).. قابل (للمعاينة) عبر الأبعاد التطبيقية… للتشريع، فجل ما يكتب الآن عن هذا (المشكل).. يتعامل مع مفردات قاموسية (حامضة)،
تتوخى الشكل والالتماعات البلاغية… دون رصد موازٍ لبؤر (الوجع) المعرفي..
الذي يخنقنا… الآن
مع رصد فكرة جوهرية تخص القالب الفلسفي… لمنظومة (العقل السوداني)، ومدى استجابته لتعقيد.. تعدد الأشكال…
وتمايز الخطابات ذوات (السقالات) البيانية… المتخشبة.
إن التظاهر بالبحث عن الصيغ المثلى (للحل)… غالباً ما يتم (جهلها/ تجاهلها) في الأسافير.. اليوم،
وقمعها على منصات البحث.. والحوار للأسف….
تعرضت الفكرة الأساس كلها الآن… لقراءة (عقل سوداني) جدلي..
لمنعطفات (قبلية/ عشائرية)، نبتت في (مشاتل) الصدمة،
صدمة (ما بعد الحرب)، والتي كان لها الأثر المزلزل.. في تغيير مسار التجربة (برمتها)…
إلى تشغيل آليات معقمة وجديدة…
لاستئصال الفكرة الصدئة عن (نرجسية) الذات الجمعي السوداني،
والانتقال بها عبر (سقالة) الاعتراف المجاني… إلى (برج) التراضي على….(التواضع).
نحن – اللحظة- نستشرف (توقيتاً) جديداً… لخطوط (طول/ عرض)…(الهوية) الجغرافية… للسودان.
علينا – الآن – إنتاج قناعات… لا مفاتيح مغيبة.. عبر مرحلة الدخول إلى مناخات (العويل)… لا التأويل الدخول… لنصوص مفاهيمية… (جديدة)… أرسخ تكويناً من الجمل (الماضوية)… والتي تعد جميعها… الآن
كجزء من اللعبة (الثقافية)…
لتقريب المعنى المفقود في (هويات)… ما بعد الحداثة.
إذن لننهض اليوم… ونهتف سوياً مع (محمود درويش) وهو يقول لنا:
الهوية
هى فساد المرآة التي يجب
أن… نكسرها
كلما أعجبتنا… الصورة.
شارك المقال