• تتخلل العمل في الصحف- أثناء إعداد الطبعة- الكثير من المواقف منها المحرج، ومنها الطريف، لكن بعض المواقف ترسخ في الذاكرة ويستعيدها الإنسان بين فترة وأخرى، منها ما لا يُتدارك فتجده صادراً في العدد، وبعضها يتم تداركه قبل صدور الصحيفة، فيكون متداولاً بين الزملاء.
ومن القصص المشهورة التي صدرت في إحدى الصحف، موضوع النعي الذي كُتب متأخراً، ودفع به سكرتير التحرير إلى الصفحة مع تعليقه بالموافقة على نشره إذا وجدت مساحة في الصفحة، فنشر الخبر على النحو التالي:
انتقل إلى رحمة الله مساء أمس……….. نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويدخله فسيح جناته إن وجد له مكان.
وجملة (إن وجد له مكان) كتبها سكرتير التحرير، قاصداً بها إن وجد مكان في الصفحة لنشر الخبر، لكنها وجدت طريقها للنشر، وتلت الدعاء للمتوفى بدخول الجنة، فأصبحت القصة متداولة لطرافتها.
أما القصة التالية فجرت بإحدى الصحف السعودية التي عملت بها، فمن أساسيات تحرير الأخبار وإعادة صياغتها، أن غداً تحول إلى (اليوم)، واليوم يصير (أمس)، ذلك أن الصحيفة تصدر اليوم الثاني، فإذا اجتمع مجلس الوزراء اليوم، سيكون الخبر اجتمع مجلس الوزراء أمس، أما إذا كان الاجتماع غداً فتكون صياغة الخبر يجتمع مجلس الوزراء اليوم، وهكذا.
أحد الزملاء المحررين كان لا يلقي بالاً لتلك الجزئية في تحرير أخبار صفحته، مما تسبب بعبء إضافي على المصححين، وقد طلب منه قسم التصحيح أن ينتبه لهذا الأمر لأنه من مسؤوليته هو، وأخبروه بأنهم لن يعدلوا كلمة (اليوم) إلى (أمس)، وهو من سيحاسب على الخطأ، فوعدهم بأنه سيجري اللازم في أخباره قبل إرسالها للتصحيح، وقد أوفى بما وعد، وعدل كلمة اليوم إلى الأمس في أول خبر يرسله، لكن ليته لم يفعل، فقد كان الخبر عن برقية تهنئة من خادم الحرمين لرئيس دولة بعيد استقلال بلاده، ومعلوم أن السعودية لا تُطلق كلمة عيد إلا على عيد الفطر وعيد الأضحى، والتسمية السائدة والمستعملة هي اليوم الوطني وليس العيد الوطني.
وكان نص الخبر (بعث خادم الحرمين الشريفين برقية تهنئة للرئيس الباكستاني، بمناسبة اليوم الوطني لبلاده). فأجرى عليها المحرر التعديل التالي (بعث خادم الحرمين الشريفين برقية تهنئة للرئيس الباكستاني، بمناسبة الأمس الوطني لبلاده).
لكن المصحح التقطها وأعاد الأمس الوطني إلى اليوم، ولم تنشر ليقرأها الناس، ويبحثوا عن المقصود بالأمس الوطني.
قال الشاعر بشار بن برد
إذا كنتَ في كُلِّ الأمور معاتبًا.. صديقَكَ؛ لم تَلْقَ الَّذي لا تُعاتِبُهْ! فعِش واحدًا، أو صِلْ أخاك فإنَّهُ.. مقارفُ ذَنْبٍ مَرَّةً ومُجانِبُهْ