

رصد وتحرير: م. عبدالعظيم عبدالغني
إدارة الندوة: م. شمس الدين موسى
• أقيمت عبر الإنترنت الورشة الخاصة باستراتيجيات تحسين البنية التحتية للري بهيئة الرهد الزراعية، مع التركيز على إمكانية ربط المشروع مباشرة بخزان الروصيرص من خلال ترعة رئيسية مقترحة.
حضر الورشة أكثر من 100 مشارك، من بينهم سعادة وزيرة الإنتاج بولاية الجزيرة، إلى جانب كبار المهنيين من المؤسسات الحكومية مثل وزارة الزراعة والري وهيئة الرهد الزراعية. كما جمعت الفعالية ممثلين أكاديميين من عدد من الجامعات، وخبراء من منظمات دولية وإقليمية من بينها مبادرة الإنترو، والبنك الإفريقي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الاستشارية لتنشيط مجلس الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج، وقيادات من المزارعين، وعدد من أصحاب المصلحة الآخرين. واستمرت الورشة لمدة 3 ساعات.
يذكر أن الجهة المنظمة هي معهد إدارة المياه والري – جامعة الجزيرة بالتعاون مع هيئة الرهد الزراعية ومنظمة رهد الخير.
الكلمات الافتتاحية
أ. د. شمس الدين موسى أحمد (العميد السابق لمعهد المياه والري)، افتتح الندوة بكلمة عبّر فيها عن شكره وتقديره للمشاركين والمقدّمين. كما نقل رسالة ترحيب نيابة عن مدير جامعة الجزيرة، الذي أعرب عن دعمه الكامل للورشة، إلا أنه لم يتمكن من الحضور بسبب ظروف قاهرة. ويُعرب عن الامتنان كذلك لوزيري الإنتاج في ولايتي الجزيرة والقضارف لدعمهما لهذه الورشة وأهدافها. شكر خاص وجَّه إلى البروفيسور حسين سليمان آدم، الذي كان من المقرر أن يشارك ويقدم ملاحظات حول إدارة المياه في الحقل، إلا أن مشاكل في الاتصال حالت دون مشاركته.
كما قدّم المهندس عبد العظيم عبد الغني (المدير السابق لهيئة الرهد الزراعية) كلمة افتتاحية بيّن فيها أهمية موضوع الورشة. وقدم كل الشكر للحضور واعتذلر عن الذين لم يتمكنوا من الحضور لاسباب متعلقة بضعف شبكة الانترنت و الكهرباء مع ظروف، كما تمنا ان تكون الورشة القادمة حضورياً بعودة السلام لكل ربوع السودان، كما قدم شكر خاص لمعهد إدارة المياه والري لالتصاقه الدائم بقضايا الرهد، مشيداً بتجربة دراسات التقويم الموسمية لهيئة الرهد منذ موسم 2016\2017 حتى موسم 2021\2022 كتجربة رائدة للمشاريع المروية بالسودان بكل شفافية ونقد علمي لعمل الإدارة بغرض تجويد العمل بالهيئة و كذلك دراسات الجدوى للزراعة التعاقدية في الهيئة خلال الفترة (2013 – 2022) ناهيك عن الدورات التدريبية وورش العمل التي قام بها المعهد مع هيئة الرهد الزراعية، داعياً الى الاستمرار في الشراكة بين المعهد و الهيئة

العروض الرئيسية
د. مستشار. أحمد آدم (وكيل وزارة الري والموارد المائية الأسبق و الوزير الولائي السابق)
قدّم المتحدث الرئيسي عرضًا تاريخيًا مفصلًا حول مشروع الرهد الزراعي، وتناول فيه:
نظرة عامة على مشاريع الري في السودان والتي من ضمنها مشروع الرهد كتجربة رائدة يعتمد على الميكنة و البحوث من قبل هيئة البحوث الزراعية
التصميم الأصلي لترعة الرهد التي خُطط لها أن تتغذى مباشرة من خزان الروصيرص.
تم حفر 11 كلم فقط من أصل 200 كلم قبل توقف المشروع لأسباب سياسية وتمويلية.
ضعف الأداء الاقتصادي للمشاريع المروية يشكّل تحديًا حكوميًا في توفير التمويل والصيانة.
تضخم تكلفة التشغيل والصيانة بمحطة ضخ «مينا»، والتي تجاوزت مليار جنيه سوداني، نتيجة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي وكفاءة التشغيل المتدنية.
الحاجة إلى تحديث شبكات الري باستخدام أنظمة حديثة كالهيدروفلوم والري المحوري، مستشهدًا بنماذج ناجحة في المغرب وتونس حيث تتحمّل الحكومات 60% من التكلفة والباقي على المزارعين.
أكّد أن تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع وربطه بخزان الروصيرص أمر ممكن فنيًا، لكنه يتطلب التزامًا ماليًا وتنسيقًا مؤسسيًا.
2. د. أحمد كابو (وزير الري والموارد المائية الأسبق)
وسّع دائرة النقاش ليشمل:
مصادر المياه المتاحة لهيئة الرهد الزراعية
أهمية تعظيم الاستفادة من نهر الرهد وزيادة منسوب المياه عند خزان أبو رخم.
التحديات التشغيلية بمحطة «مينا» بسبب قلة المضخات العاملة، مما يسبب نموًا للحشائش في القنوات ويعيق التدفق.
ضرورة استبدال نظام الضخ الحالي (المضخات)
التأكيد على أهمية الدمج المؤسسي والفني بين المرحلتين الأولى والثانية من المشروع.
مشروع الرهد الزراعي ذو طبيعة جغرافية متداخلة بين ولايات القضارف والجزيرة وسنار ينبغي التنسيق واشراك هذه الولايات ومؤسساتها في إعادة اعمار المشروع وكذلك عملية اتخاذ القرار
الدعوة إلى التحول من مقياس إنتاجية الأرض إلى إنتاجية المياه كمعيار رئيسي لقياس الأداء.
3. م. عوض احمد عبدالكريم ساتي (المهندس المسؤول عن تطوير المرحلة الثانية من المشروع)
عرض مختصر للتاريخ التطويري منذ التسعينات، موضحًا ما يلي:
إعداد خرائط جيولوجية وهيدرولوجية ودراسات فنية كاملة لمسار القناة المقترحة.
توقف التنفيذ بسبب غياب التمويل رغم الجاهزية الفنية.
ضرورة إعادة تأهيل محطة الضخ في «مينا»
استئناف المرحلة الثانية للمشروع استنادًا إلى الخرائط والأسس المعدّة مسبقًا.

الرؤية المؤسسية
أكّد المهندس عبد الله محمد أحمد (المدير العام الاسبق لهيئة الرهد الزراعية) على أهمية عقد مثل هذه الورش، مشيرًا إلى الدور الاجتماعي الكبير الذي قام به مشروع الرهد في إحداث تحوّل نوعي في حياة السكان بمنطقة البطانة، من خلال توفير مصادر لمياه الشرب للإنسان و الحيوان ومصادر للرزق وتشجيع الاستقرار بدلاً من الهجرة الموسمية شمالًا وجنوبًا بحثًا عن الماء والكلأ. كما شدد على الحاجة الملحة لإعادة تأهيل محطة ضخ مينا لتأمين مياه الري، ومعالجة الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي التي تؤثر على تشغيلها. وأكد كذلك على ضرورة مواصلة ودعم مدارس المزارعين الحقلية، لما تمثله من منصات مهمة لتبادل المعرفة والإرشاد الزراعي، وتعزيز كفاءة إدارة مياه الري في الحقول.
ألقى المهندس عاطف محمود (المدير العام الحالي لهيئة الرهد الزراعية) كلمة شكر فيها المشاركين وتطلعه لتوصيات هذه الورشة، وبيّن أن:
موسم الصيف (قطن وفول سوداني) لم يُزرع بسبب انعدام مياه الري، مما حوّل المشروع إلى زراعة مطرية (الذرة).
القنوات تُستخدم أيضًا كمصدر رئيسي لمياه الشرب للقرى المحيطة، مما يفاقم الأزمة.
تم تقديم عدة مقترحات تمويلية (بملايين الدولارات) إلى جهات وطنية ودولية دون تحقيق تقدم يُذكر.

مساهمات المشاركين
في الجلسة النقاشية، طُرحت أبرز النقاط التالية:
دراسة مسارات بديلة لترعة الربط بين المشروع وخزان الرصيرص لتقليل تكلفة الإنشاء.
إجراء دراسة جدوى شاملة لتعزيز فرص الحصول على التمويل الخارجي، مع التأكيد على أن المياه ليست مجرد مورد اقتصادي، بل عنصر أساسي في الحياة والاستدامة وكرامة الإنسان في الرهد
الحاجة الى تحسين إدارة مياه الري حيث التناقض من انعدام مياه الري كلياً في بعض الأوقات مع مياه الري الفائضة عن الحاجة في الأخرى خصوصاً في الأقسام الشمالية للمشروع
اعتماد تقنيات مراقبة وري متقدمة مثل الاستشعار عن بُعد.
الحاجة الى إعادة النظر في العلاقات المؤسسية في المشروع والعودة الى نظام المؤسسة بدلاً من الهيئة لتوفير التمويل الاتحادي
تحسين استغلال حصة السودان المائية من نهر النيل بموجب الاتفاقيات الإقليمية والتي تعتبر قضية إقليمية مستشهدين بسد النهضة والتحديات والفرص الناتجة عنه
إعادة تأهيل مضخات محطة «مينا» بشكل عاجل.
تبنّي حلول الطاقة الشمسية كمصدر بديل ومستدام للطاقة.
أهمية استمرار عمل مدارس المزارعيين ورفع الوعي المائي
استكمال المشاريع الزراعية القائمة على مسار الترعة المقترحة (مثل كنانة والدندر).
رفع توصيات الورشة إلى مجلس السيادة لاعتمادها رسميًا.
تنظيم ورش عمل دورية لضمان الاستمرارية والشفافية.
توطيد الشراكات الدولية لتأمين تمويل وتكنولوجيا متقدمة.
التأكيد على أهمية ربط المشاريع المروية الرهد في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مع التركيز على تحسين معاش المجموعات الريفية، وينبغي إبراز هذه النقطة في جميع المقترحات المقدمة.
مشاكل الري في الرهد متكررة كل عام وتحتاج الى حلول عاجلة وآجلة مستديمة
تبنى ب. حسن دينار المستشار لمنظمة الفاو والهيئات الدولية وهيئة خبراء السودان توصيل توصيات هذه الورشة الى اللجنة الاستشارية لتنشيط عمل مجلس خبراء وعلماء السودان بالخارج، وطلب قيام المشروع باعداد عرض لتقديمه في الملتقى الزراعي الشامل المزمع عقده في القريب العاجل والذي يختص بإعادة اعمار المشاريع المروية والاستراتيجية للمرحلة القادمة والذي سوف ترفع توصياته لمجلس السيادة.

الخلاصة والتوصيات
الخلاصة:
أكدت الورشة الأهمية الاستراتيجية لتحديث وربط مشروع الرهد الزراعي بخزان الروصيرص لاستعادة قدراته المستهدفة وضمان الأمن الغذائي والمائي في المنطقة. ولتحقيق ذلك، لا بد من مواءمة الجاهزية الفنية مع الإرادة السياسية وآليات التمويل الفعّالة.
توصيات الورشة:
استنادًا إلى العروض الفنية، والمداخلات المؤسسية، والنقاشات التي شهدتها ورشة العمل بعنوان «تطوير منظومة الري بهيئة الرهد الزراعية: التحديات وفرص الربط المباشر بخزان الروصيرص عبر ترعة الرهد»، تم التوافق على التوصيات الأساسية التالية:
تشكيل لجنة طوارئ داخل الهيئة بالتنسيق مع الجهات الحكومية والمزارعين، تتولى تنسيق الجهود من أجل اللحاق بالموسم الزراعي الحالي، وتعويض الخسائر التي تكبّدتها الهيئة والمزارعون خلال المواسم السابقة نتيجة الحرب.
تعزيز البنية التحتية ومرونة النظام
إعطاء الأولوية لإعادة تأهيل محطة الضخ بـ»مينا»، بما يشمل الاستبدال الكامل للمضخات القديمة لضمان استمرارية توصيل مياه الري والشرب دون انقطاع.
دراسة وتنفيذ حلول الطاقة الشمسية بمحطة «مينا» لتجاوز انقطاعات الكهرباء المزمنة وخفض تكاليف التشغيل طويلة الأجل.
النظر في بدائل لمسار الترعة المقترحة من خزان الروصيرص بهدف خفض التكاليف الرأسمالية وتجاوز المعوقات الفنية.

تحديث أنظمة الري
بدء الانتقال من أنظمة الري التقليدية (مثل «أبوعشرين إلى أنظمة فعالة وحديثة مثل نظام «الهيدروفلوم» وأنظمة الري المحوري(Pivot)
تطوير نماذج مشاركة في التكاليف مستلهمة من تجارب إقليمية ناجحة (مثل المغرب وتونس)، يتم فيها تقاسم الكلفة بين الحكومة والمزارعين.
تعزيز الإدارة المتكاملة للموارد المائية
تعظيم الاستفادة من حصة السودان القانونية من مياه نهر النيل، وبشكل خاص من خلال تحسين التوزيع نحو مشروع الرهد.
رفع منسوب المياه عند خزان أبو رُخم بهدف تحسين انتظام توصيل المياه عبر شبكة القنوات.
تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع وضمان تكاملها
استئناف العمل في المرحلة الثانية لمشروع الرهد اعتمادًا على الخرائط الأساسية والدراسات الفنية المكتملة سابقًا.
ضمان التنسيق المؤسسي بين المرحلتين الأولى والثانية لضمان كفاءة التشغيل والإدارة المتكاملة للمشروع.
بناء أسس للتمويل والدعم السياسي
تنفيذ دراسة جدوى شاملة لربط القناة وتحديث المشروع لضمان توافر شروط التمويل الإقليمي والدولي.
التأكيد على الدور الاستراتيجي للمشاريع المروية في تحقيق الأمن الغذائي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية في جميع المقترحات المقدمة.
عرض مخرجات الورشة على مجلس السيادة والجهات السياسية لاعتمادها ودعم تنفيذها رسميًا.
تطوير أنظمة المراقبة والتكنولوجيا وبناء القدرات
اعتماد أنظمة مراقبة حديثة، بما في ذلك نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والاستشعار عن بعد، لمتابعة استهلاك المياه وإدارة المحاصيل في الزمن الحقيقي.
تنظيم ورش عمل دورية ومنتديات للجهات المعنية لتأمين الاستمرارية في تبادل المعرفة والتوجيه المؤسسي.
تعزيز الشراكات والتعاون الإقليمي
بناء شراكات دولية فعالة للحصول على تمويل التنمية والتقنيات المتقدمة اللازمة لري مستدام.
دعم المشاريع المشتركة مع مزوّدي تكنولوجيا الزراعة، وشركات الهندسة، والجهات المانحة لتوسيع نطاق الابتكار في مناطق الري المشابهة.
شارك الورشة