د. عصام صالح: تغير الهرمونات يؤدي إلى تقلبات مزاجية يمكن أن تشعر بها المرأة

45
د. عصام صالح

• الولادة فترة مليئة بالمشاعر المختلطة. من لحظة الحمل، وحتى ما بعد الولادة، تمر الأم بتغيرات جسدية ونفسية هائلة. في بعض الأحيان، قد تكون هذه التغيرات صعبة وقد تؤثر على حياتها بشكل سلبي، ليس فقط على مستوى جسدها بل أيضًا على مستوى حالتها النفسية. صحة الأم النفسية جزء لا يتجزأ من رفاهيتها ورفاهية طفلها، ولذلك، من المهم فهم تأثيرات الحمل والولادة على الصحة النفسية، وكيفية التعامل معها بشكل صحيح. في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بالصحة النفسية للأمهات، بما في ذلك: الصحة النفسية للأمهات قبل وبعد الولادة: 

من المسائل المهمة التي يجب التطرق إليها هي:

• التغيرات النفسية أثناء الحمل

• الأمراض النفسية الشائعة قبل وبعد الولادة

• الفحوصات النفسية التي يجب القيام بها

• العلاج النفسي والدوائي للأمهات

• أدوية آمنة وممنوعة أثناء الحمل والرضاعة

• متى يجب على الأم طلب المساعدة الطبية؟

• التوصيات العالمية المتعلقة بالصحة النفسية للأمهات

الفصل الأول: الصحة النفسية أثناء الحمل

1. لماذا تتغير الحالة النفسية أثناء الحمل؟

الحمل ليس مجرد تحول جسدي فقط، بل هو تجربة نفسية معقدة. تبدأ التغيرات النفسية من اللحظة التي تعرف فيها المرأة بأنها حامل، حيث تبدأ في الشعور بالمسؤولية تجاه الجنين. ومع تقدم الحمل، تتغير الهرمونات بشكل كبير، ما يؤدي إلى تقلبات مزاجية يمكن أن تشعر بها المرأة. هذه التغيرات قد تشمل القلق، الاكتئاب، أو الشعور بالغضب.

التغيرات الهرمونية

تزداد مستويات هرمون الإستروجين والبروجسترون بشكل كبير أثناء الحمل، مما قد يؤدي إلى تقلبات في المزاج. في حين أن هذه التغيرات تؤدي إلى شعور أحيانًا بالسعادة، فقد تؤدي أحيانًا أخرى إلى شعور بالحزن أو القلق.

و كمان ما ننسى هرمونات الغدة الدرقية، اي زياده أو نقصان ممكن يأثروا في الحالة النفسية للحامل أو بعد الحمل.

الضغوط النفسية والاجتماعية

بالإضافة للتغيرات الهرمونية، تتعرض الأم لضغوط اجتماعية ونفسية متزايدة. قد يتساءل المجتمع دائمًا عن استعدادها للأمومة: هل قامت بتحضير كل شيء؟ هل هي جاهزة للولادة؟ وهذه الأسئلة قد تساهم في شعورها بالتوتر أو القلق الزائد.

الضغوط الجسدية

التغيرات الجسدية التي تحدث نتيجة للحمل (مثل زيادة الوزن، تغييرات في شكل الجسم، الصداع، والأرق) يمكن أن تزيد من التوتر النفسي للأم.

2. الأمراض النفسية الشائعة أثناء الحمل

أ. القلق أثناء الحمل (Prenatal Anxiety)

القلق أثناء الحمل هو اضطراب نفسي يعاني منه العديد من النساء. يشعرن به نتيجة الخوف من المضاعفات المحتملة للحمل أو الولادة. القلق قد يتسبب في صعوبة النوم، وقد يعكر حياة الأم بشكل كبير.

ب. الاكتئاب أثناء الحمل (Prenatal Depression)

الاكتئاب أثناء الحمل يشمل مشاعر الحزن المستمر، وفقدان الاهتمام، والشعور بالعجز. يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأم والجنين، حيث قد يقلل من قدرة الأم على العناية بنفسها أو بالطفل عند الولادة.

3. الفحوصات النفسية أثناء الحمل

من المهم أن يتم فحص الصحة النفسية للأم أثناء الحمل. بعض الفحوصات التي قد تساعد تشمل:

استبيان إدنبرة للاكتئاب (Edinburgh Postnatal Depression Scale – EPDS).

استبيانات لقياس مستويات القلق مثل استبيان GAD (Generalized Anxiety Disorder).

المراجعة النفسية الدورية من قبل الطبيب أو المعالج النفسي للتأكد من سلامة الحالة النفسية.

الفصل الثاني: الأمراض النفسية بعد الولادة

1. اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression – PPD)

من أكثر الحالات النفسية شيوعًا بعد الولادة، حيث تشعر الأم بحزن شديد، فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تستمتع بها سابقًا، وأحيانًا قد تشعر بعدم القدرة على الاهتمام بالطفل. يُعتقد أن هذا الاكتئاب ناتج عن التغيرات الهرمونية والتغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث بعد الولادة. يمكن أن تستمر الأعراض لفترة طويلة، وإذا لم تُعالج، قد تؤثر بشكل سلبي على الأم وعلى علاقتها بالطفل.

علاج اكتئاب ما بعد الولادة

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

الأدوية المضادة للاكتئاب مثل سيرترالين (Zoloft) أو إسيتالوبرام (Cipralex).

العلاج النفسي مثل جلسات الدعم النفسي أو العلاج الجماعي.

2. القلق ما بعد الولادة (Postpartum Anxiety – PPA)

القلق بعد الولادة قد يتضمن الخوف المفرط على صحة الطفل أو القلق بشأن المسؤوليات الجديدة. قد تشعر الأم بوجود خطر دائم أو التوتر المستمر بسبب التحديات الجديدة التي تواجهها.

علاج القلق ما بعد الولادة

العلاج السلوكي المعرفي

التقنيات الاسترخائية مثل اليوغا والتنفس العميق.

المضادات الدوائية في الحالات الشديدة.

3. الذهان ما بعد الولادة (Postpartum Psychosis)

هذه حالة نادرة لكنها خطيرة، حيث تصاب الأم بالهلوسات أو الضلالات التي تؤثر على الواقع. تتطلب الحالة تدخلًا فوريًا في المستشفى تحت إشراف طبي متخصص.

علاج الذهان ما بعد الولادة

الأدوية المضادة للذهان.

الإقامة في المستشفى لمتابعة الحالة عن كثب.

الفصل الثالث: العلاج والتعامل

مع المشاكل النفسية بعد الولادة

1. العلاج النفسي للأمهات بعد الولادة

العلاج النفسي هو حجر الزاوية للتعافي من أي اضطراب نفسي بعد الولادة. يمكن أن يتضمن العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يساعد الأمهات في التعامل مع الأفكار السلبية وتحويلها إلى أفكار إيجابية. العلاج الجماعي أو جلسات الدعم النفسي مع الأمهات الأخريات قد يساعد أيضًا في تحسين الحالة النفسية.

2. العلاج الدوائي

الأدوية المسموحة

سيرترالين (Zoloft)

إسيتالوبرام (Cipralex)

فلوكسيتين (Prozac)

الأدوية الممنوعة أثناء الحمل والرضاعة

أميتريبتيلين

ديازيبام (Valium)

كلوزابين

الفصل الرابع: متى يجب على الأم طلب المساعدة الطبية؟

تُعتبر طلب المساعدة الطبية أمرًا ضروريًا في بعض الحالات مثل:

ظهور أفكار انتحارية أو إيذاء النفس.

أعراض الذهان مثل الهلوسات.

الشعور بعدم القدرة على التعامل مع الطفل.

عند وجود هذه الأعراض، يجب التوجه إلى المستشفى أو الطبيب المختص فورًا.

 

الفصل الخامس: التوصيات العالمية للصحة النفسية للأمهات

وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) والجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، من الضروري:

تقديم دعم نفسي للأمهات في المراحل المبكرة من الحمل وبعد الولادة.

فحص الأمهات نفسيًا في فترات الحمل وما بعد الولادة.

توفير مراكز متخصصة في الصحة النفسية للأمهات الجدد.

تشجيع الأمهات على طلب المساعدة عند الحاجة وعدم الخجل من التعامل مع أي مشاعر سلبية.

الخاتمة

الصحة النفسية للأم جزء أساسي من رفاهيتها ورفاهية أسرتها. من الضروري أن تتبع الأمهات أسلوبًا وقائيًا في التعامل مع التغيرات النفسية الناتجة عن الحمل والولادة. ومع التوجيه الصحيح والعلاج المناسب، يمكن للأم أن تتجاوز هذه المرحلة بنجاح، مما يعود بالنفع على علاقتها بالطفل والمحيطين بها.

المصادر

American Psychological Association (APA)

World Health Organization (WHO)

National Institute of Mental Health (NIMH)

Postpartum Support International (PSI)

Mayo Clinic

Centers for Disease Control and Prevention (CDC)

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *