• ما هو العدل؟ وما هو الحق؟ والفرق بينهما، فالعدل أبلغ من الحق، وهل القاضي مأمور أن يحكم بالعدل أم بالحق؟
فلا شك أن القاضي مأمور أن يحكم بالعدل، تصديقاً لقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا) صدق الله العظيم… سورة النساء الآية (58). فالمولى عز وجل في هذا النص القرآني لم يأمر عباده إذا تولوا أمراً أن يحكموا بالحق، إنما أمر بالحكم بالعدل؛ لأن الحق لا يعلمه إلا الله، بينما العدل واضح. بمعنى أن يسير القاضي وفق المنهج الرباني وهو العدل، وبالرجوع للسنة المطهرة.
عندما اختصم سيدنا علي رضي الله عنه مع اليهودي في ملكية الدرع، طلب القاضي من أمير المؤمنين البينة على دعواه، امتثالاً للقاعدة القانونية (الحيازة في المنقول سند الملكية)، فالدرع في يد اليهودي، لكنه في الحقيقة هو ملك لسيدنا علي رضي الله عنه)، فاليهودي استند إلى حيازته (الدرع)، ولم يأتِ أمير المؤمنين بالبينة التي تثبت ملكيته للدرع، وقد استشهد بولده وخادمه، لكن القاضي رفض شهادتهما؛ لكونها شهادة قرابة وولاء؛ أي بمعنى تجرُّ لهما نفعاً، فما كان من القاضي إلا أن حكم بالدرع لليهودي، وكانت النتيجة هي إسلام اليهودي ورد الدرع لأمير المؤمنين؛ تحقيقاً لما وجده من عدالة في محكمة المسلمين، وبالتالي أن القاضي حكم بالعدل وليس بالحق، بالرغم من علمه أن الدرع ليس لليهودي إنما حازه، وهي البينة الوحيدة التي أمامه، فهنا القاضي امتثل لأوامر الله تعالى أن يحكم بالعدل.
فهذه القصة ترينا أن العدل أبلغ من الحق، فالحكم بالدرع لليهودي كان حكماً عادلاً، بالرغم من مخالفته الحقيقة الواقعية. صباح الانتصارات المتوالية على بلادنا الحبيبة.