
قيمة إنسانية ودينية عظيمة

بقلم: أمل عبد العزيز سعد
• التسامح هو خلق من أفضل الأخلاق وأطيبها، به تسمو الأرواح وترتفع قدراً عند الخالق. وهو التساهل في الحق دون إجبار، والتهاون في رد الأذى مع المقدرة
واللين في التعامل مع الآخرين، والحلم عن المسيء والصفح عنه.
وهو من أعظم الصفات التي حث عليها الله في كتابه الكريم.
مفهوم التسامح
التسامح مبدأ وقيمة إنسانية عظيمة، تحمل في ثناياها معاني نبيلة وثمينة كونها زينة الفضائل، وتتربع على عرش القيم الأخرى، فهي تنقي القلب، وتطهر الروح، وترق لها النفس، وتقرب الأشخاص من بعضهم بعضاً، وتجعلهم مترابطين روحياً ومعنوياً،
وتعزز الشعور بالرحمة والمودة والتعاطف بين الناس، خصوصاً وأنها هي الفطرة التي فطرنا الله عليها.
من صور التسامح في القرآن
قال تعالى (فاصفح الصفح الجميل).
وكذلك قال (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم).
فإن ذلك كله من شأنه ترسيخ دعائم الأمن والأمان في المجتمع.
ماذا قال الرسول عن التسامح؟
التسامح والعفو عن بعض الحق من صفة الكرام،
ومن أخلاق الأفاضل والكرماء
ولا يجوز التهاجر لقول النبي – صلى الله عليه وسلم-
(لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبيع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله). وكان أعظم التسامح عقب فتح مكة، عندما عفا الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن أهلها بقوله (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
أنواع التسامح في الإسلام
التسامح الديني:
التعايش مع الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية بعيداً عن التعصب الديني.
التسامح الفكري والثقافي:
عدم التعصب للأفكار، واحترام أدب الحوار والتخاطب.
التسامح السياسي:
يقتضي نهج مبدأ الديمقراطية وضمان الحريات السياسية.
التسامح العِرقي:
تقبُّل الآخر رغم اختلاف لونه أو عِرقه.
اكتساب رضا الله تعالى عن الشخص المتسامح ومحبته،
فمن أحب الناس ورضي لهم الخير أحبه الله وأدخله الجنة.
إن الشخص المتسامح لا يتعدى على غيره ولا يؤذيه، بل هو دائم الإحسان إلى الآخرين.
كما أن التسامح ليس تنازلاً عن الحقوق، بل هو نابع من صفاء القلوب وما غلب عليها من الحب والعطف والرحمة والتعاطف والحنان.
والتسامح ليس تنازلاً من ضعف أو خوف وقلة حيلة،
بل صادر عن قوة إرادة وعزيمة صادقة في الانتصار على النفس والذات بكل إيجابية. بعيداً عن السلبيات وما يصاحبها من الغضب والقسوة والعدوانية تجاه الغير.
فضائل التسامح
– المتسامح يحبه الناس، ويجدون فيه الشخص اللين، فهو يعامل الناس بلطف وإحسان.
– استقرار وضع أسرته، حيث تشعر زوجته بالأمن والمحبة بجواره، ويطمئن له أولاده، فهم لا يخافون منه، بل يحبونه ويحترمونه.
ويكتسب محبة جميع الأقارب، ويستشيرونه في أمورهم.
أهمية التسامح في حياتنا
– يؤدي التسامح إلى احترام حقوق الإنسان وقدراته.
– يسهم في تخفيف التوترات والصراعات الاجتماعية.
– يعزز التعاون والتضامن بين الأفراد والجماعات، ويجعلهم مترابطين روحياً ومعنوياً.
ويعزز شعور الإلفة بين الناس.
أثر التسامح في المجتمع
التسامح مهم في حياة الفرد وتقديره لذاته، فإذا لم يسامح الإنسان تزداد المشاحنات والتراكمات التي تتسبب بالمشاعر السالبة، التي تؤثر في علاقته بالآخرين، وتدفعه إلى الأخذ بالثأر والانتقام.
التسامح يساعد الشخص على التخلص من هذه المشاعر، وتزداد ثقته بنفسه وتقديره لذاته،
وينعكس عليه الشعور بالسعادة،
مما يؤثر بشكل إيجابي فينجح في علاقاته.
فوائد المسامحة
التخلي عن الحقد والشعور بالمرارة
يمكنه أن يفسح المجال لتحسين الصحة والتحلي براحة البال.
وقد يؤدي العفو والتسامح إلى بناء علاقات صحية وتحسين الصحة العقلية.
أنواع العفو والتسامح
النوع الأول:
الذين يسارعون في المسامحة والعفو
وقلوبهم بيضاء ولا يحملون في قلوبهم.
النوع الثاني:
لا يسامح ولا يعفو، ويظل على موقفه تجاه الآخر سنوات وسنوات، وأحياناً إلى الموت.
النوع الثالث:
يأخذ على خاطره فترة من الزمن قد تكون طويلة أو قصيرة، ثم يسامح ويغفر إما بعد المواجهة أو الحوار.
أهداف تعزيز قيمة التسامح
– نشر الوعي بأهمية التسامح والعفو في الإسلام والمجتمع.
– تقديم نماذج حية للأشخاص الذين جسَّدوا هذه القيم.
– تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأسر الضحايا.
تقديم الدعم اللازم لأسر الضحايا
الذين اختاروا العفو والمسامحة، ومساعدتهم في تجاوز الصدمات النفسية والاجتماعية.
بركات التسامح
عندما يسيء إليك إنسان وتذهب إليه وتعاتبه، وتدعو من أجله، تجد نفسك ممتلئاً بفرح تام،
لأنك تطرح ثقلاً عن كاهلك، فتشعر بالسعادة.
… الطريق إلى السلام
كلنا يعلم أن العالم يتطاحن من أجل السلام، ولكن هيهات، فلا يحلّ السلام إلا إذا ساد التسامح، وصفح كل واحد عن عن زلة أخيه.
قال الشاعر بشار بن برد:
إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً
صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ
مُقارف ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى
ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه
شارك المقال