

كتب: عادل صديق
• توج الهلال نفسه في تنزانيا وموريتانيا، في تاريخ ستحفظه الأجيال.
الكنغولي «السنجاب» فلوران إيبينغي هو المدرب الأنسب لفترة ثانية، لأنه عانى ويلات الحرب في الكونغو.
من هو صاحب المقولة: «سلفني عيونك حتى أرى بها فلوران كما تراه!»؟
عندما غادر الهلال العام قبل الماضي بسبب ظروف الحرب، لم يكن أحد يعلم ما تخبئه الأقدار، وهل سيستمر المشروع أم سيفشل!
تجول الهلال في العام الأول بين دول شمال إفريقيا وآسيا وشرق إفريقيا، وزار العديد من الدول في جولاته لغرض المعسكرات والمنافسات التي تنوعت بين عربية وإفريقية.
هاجر العديد من المحترفين بسبب الظروف السياسية المعقدة، بينما حضر آخرون جدد أكملوا المسيرة مع اللاعبين الوطنيين في محطتين تاريخيتين في مسيرة الهلال، سيذكرهما التاريخ.

المحطة الأولى كانت في تنزانيا، التي أحبها الهلال وأحبته، حيث حقق لقب السوبر السوداني كأول سوبر يُقام خارج حدود الوطن بسبب الظروف السياسية. كما اختار الهلال تنزانيا أرضاً افتراضية له في دوري أبطال إفريقيا، فحقق السوبر السوداني فيها، وخرج من دور المجموعات في المركز الثالث خلف بترو الأنغولي والترجي التونسي. قدم الهلال عروضاً رائعة جعلت الشعب التنزاني يعشقه، حتى طالبوا بقمصان اللاعبين، فاستجابت إدارة النادي وكرمتهم.
أما المحطة الثانية في ترحال الهلال خارج الوطن، فقد جاءت أنباؤها السارة يوم الأربعاء 22 مايو 2025، عندما حقق الهلال لقب الدوري الموريتاني التشريفي قبل أسبوعين من نهايته.
نصت لائحة الدوري الموريتاني على ألا يُتوج فريق سوداني بالدوري على حساب فريق موريتاني، حتى لو حقق نقاطاً أكثر، بل يُتوج على حساب الفريق السوداني المنافس (المريخ)، ويحصل على كأس تشريفي.
حقق الهلال الدوري التشريفي في موريتانيا، أرض الشناقيط، بفارق ست نقاط عن غريمه نواذيبو، وبفارق 18 نقطة كاملة عن منافسه التقليدي المريخ (قابل للزيادة أو النقصان في المباراتين المتبقيتين). وهو الفارق نفسه الذي شهده موسم 2003 عندما توج الهلال بالدوري السوداني.
واجه الهلال في مباراة التتويج فريق «لكصر» المهدد بالهبوط، حيث كان كل فريق يحتاج إلى نقطة: الهلال للتتويج، و«لكصر» للبقاء في الدوري. انتهت المباراة بالتعادل السلبي، فنال الهلال شرف التتويج التشريفي، بينما حافظ «لكصر» على مكانته في الدوري بعد أن كان خصماً شرساً دافع بكل قوة عن مرماه.
تقييم مشروع الهلال في ظل الحرب
بعد تحقيق السوبر السوداني في تنزانيا، والتتويج بالدوري التشريفي في موريتانيا، وتصدر المجموعة في دوري أبطال إفريقيا (وإن كان الخروج من دور الثمانية)، يمكن القول إن المشروع ناجح إلى حد كبير في ظل الظروف الصعبة.
هل فشل مشروع الهلال؟ كاذب من يقول ذلك!
هل يستحق الكنغولي فلوران إيبينغي فرصة أخرى؟ نعم، بالفم المليان! فقد حقق بطولتين، والثالثة (السوبر السوداني) في الطريق.

لماذا يستحق فلوران التجديد؟
بغض النظر عن نجاحه الإفريقي والمحلي خارج الوطن، فهو المدرب الأنسب للمرحلة الحالية التي تتطلب مواصفات خاصة. فلوران، الفرنسي الجنسية من أصل كونغولي، عاش نفس الظروف القاسية في بلاده التي شهدت حرباً أهلية أودت بحياة الملايين.
هل يتحمل مدرب أوروبي هذه الظروف؟ لقد فر المدرب حسام البدري من ليبيا مع طاقمه الفني بعد تجدد الاضطرابات هناك، رغم أن ليبيا شهدت استقراراً نسبياً سابقاً.
فلوران ابن هذه البيئة القاسية، بالإضافة إلى سيرته التدريبية الحافلة، وسمعته الكبيرة في جذب المواهب الإفريقية بفضل لغته وقدرته على الانسجام.
أتمنى أن يكون هناك توافق بين الهلال وفلوران لتجديد عقده، لقيادة المشروع في الفترة القادمة، حتى تستقر الأوضاع في بلادنا ويعود الهلال إلى ملعبه.
أخيراً، دائماً ما يمازحني أستاذي محمد الأمين نور (رئيس صحيفة الأجراس) قائلاً: «سلفني عيونك حتى أرى بها فلوران!» لأنه من المعارضين لاستمراره. وأقول له: هذه عيوني التي رأيت بها فلوران في الفترة الأولى، وأرى أنه الأفضل للهلال في هذه المرحلة، بما يمتلكه من خبرة وقدرة على تحمل الضغوط.
شارك المقال