البراء بشير

البراء بشير

كاتب صحفي

• ذكرنا في المقال السابق أنه قد ورد في بعض الآثار أن هناك ستة صبيةٍ تكلموا في مهدهم، ثلاثة متفق في أمرهم، وقد تناولنا الحديث عنهم آنفاً، وثلاثة مختلف عليهم. ومنشأ الخلاف حول ذلك أن الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم – رحمهما الله- يحصر المتكلمين في المهد في ثلاثة، وهم: عيسى – عليه  السلام- وصاحب جريج، والرضيع من بني إسرائيل. وقد ورد لفظ الحصر صراحة في أول الحديث: (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)، ولكن جاء في روايات أخرى ضعّفها أكثر أهل العلم ذِكرُ ثلاثة غير هؤلاء، وقد قال بعض أهل العلم بصحتها وعدم تعارضها مع الحديث الأول، ولهم في ذلك أكثر من تعليل. فذكر بعضهم أن صيغة الحديث الأول لا تفيد حصر كل من تكلم صغيراً، وإنما تفيد حصر من تكلم صغيراً في مهده. ولكن ورد حديث يعكر هذا القول حيث فيه:(لم يتكلم في المهد إلا أربعة)، وهناك تعليل آخر للعلماء حيث قالوا بأنه قد يكون ما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مراحله أن الذين تكلموا في المهد ثلاثة، ثم بعد ذلك أخبره الله عز وجل أن هناك غيرهم. ورغم عدم ثبوت هذه الروايات عند كثير من أهل العلم، سنذكر أخبار أصحابها، ونتطرق للحديث عن اثنين منهم في هذا المقال من باب العلم بالشيء ليس إلا، وهم شاهد يوسف عليه السلام، وابن ماشطة ابنة فرعون. أما طفل أصحاب الأخدود فسنترك الحديث عنه لمقالٍ آخر، وذلك لطول قصته وكثرة تفاصيلها.

أولاً: شاهد يوسف

قد شهد أحدٌ ليوسف- عليه السلام – حين اتهمته امرأة العزيز زوراً وبهتاناً، وذلك ثابت بنص القرآن الكريم، الآية: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27))، ولكن الخلاف وكما ذكرت في المقال السابق قائم على أن هل هذا الشاهد طفل أم شيخٌ ذو لحية وهو ابن عم المرأة، وقد ذهب بعضهم إلى أنه لم يكن من الإنس أصلاً، ولكن نُقل عن ابن عباس وعن سعيد بن جبير أنهما قالا: (كان صبياً في المهد)، وعلى هذا تكون هذه كرامة ليوسف – عليه السلام.

ثانياً: ابن ماشطة ابنة فرعون 

والقصة أن ماشطة ابنة فرعون كانت تمشطها، فسقط المِدرى من يدها -والمِدرى هو مفراق الشعر- فقالت: بسم الله فقالت ابنة فرعون: أبي، قالت الماشطة: لا ولكن ربي ورب أبيك، فقالت البنت: أخبره، أي أخبر أبي بأمرك، فقالت الماشطة المؤمنة: نعم، فأخبرت والدها فرعون، فدعا الماشطة وقال: وإنَّ لك رباً غيري؟ قالت : نعم ربي وربك الله، فأمر بإلقائها وأولادها في قدرٍ من نحاس مُحمى، فألقوهم بين يديها واحداً تلو الآخر، إلى أن انتهى ذلك إلى صبي رضيع، فكأنما تقاعست من أجله فأنطقه الله وقال: يا أمه؛ اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فَاقْتَحَمَتْ. وكان ذلك تثبيتٌ من الله عز وجل لها، وهو على كل شيءٍ قدير.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *