الملخص التنفيذي لتقرير جامعة ييل بعنوان: سقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع: أدلة على وقوع مجازر جماعية

122
الصورة الرئيسية
Picture of ترجمة: أ. د. فيصل محمد فضل المولى

ترجمة: أ. د. فيصل محمد فضل المولى

أكاديمي وباحث مستقل

خلفية عامة

أصدر مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل تقريراً عاجلاً يوثّق سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، في أيدي قوات الدعم السريع بعد حصار دام أكثر من ثمانية عشر شهراً. اعتمد التقرير على تحليل صور الأقمار الصناعية ودمجها مع شهادات ومصادر مفتوحة لتقديم أدلة دامغة على ارتكاب مجازر جماعية وعمليات تطهير عرقي بحق المدنيين، لا سيما من قبائل الفور والزغاوة والبِرتي.

أبرز النتائج

أكد التقرير سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة بالكامل، بما في ذلك مقرّ الفرقة السادسة للجيش السوداني ومطار الفاشر والفرقة 157 مدفعية.

أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة في السابع والعشرين من أكتوبر 2025 وجود تجمعات لأجسام بحجم الجثث البشرية وبقع تربة حمراء في حي الدرجة الأولى قرب مسجد الصفية والمستشفى السعودي. كما رُصدت آليات مسلّحة لقوات الدعم السريع في تشكيلات قتالية تماثل عمليات مداهمة من منزل إلى منزل، مع حواجز سيارات تقطع الطرق الجانبية.

ورُصدت جثث قرب الساتر الترابي المحيط بالمدينة، حيث أكدت مصادر أن الدعم السريع أعدم مدنيين حاولوا الفرار عبر هذا الساتر. كما بيّنت الصور نزوحاً جماعياً مرئياً نحو معسكر زمزم للنازحين، الخاضع لسيطرة الدعم السريع، وإلى الغرب باتجاه منطقة طويلة.

وأثبتت الصور أيضاً استخدام دبابات T-55 وأسلحة ثقيلة داخل المدينة، في مشهد يعكس سيطرة عسكرية شاملة للدعم السريع.

الوضع الإنساني

بيّن التقرير أن الفاشر كانت تحت الحصار منذ منتصف عام 2023، ما تسبب في مجاعة من المستوى الخامس وفق تصنيف الأمن الغذائي (IPC-5)، وانقطاع المساعدات الإنسانية والطبية. وخلص التقرير إلى أن ما يجري هو تطهير عرقي متعمد يستهدف المكونات الإفريقية غير العربية في دارفور من خلال القتل الميداني الجماعي والتهجير القسري وتدمير المنازل ودور العبادة والسيطرة على موارد الإغاثة والمعسكرات.

وأكد الباحثون أن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وربما إلى مستوى الإبادة الجماعية.

مسؤولية المجتمع الدولي

انتقد التقرير تجاهل التحذيرات التي أبلغ بها مختبر جامعة ييل مجلس الأمن منذ عام 2023، مشيراً إلى أن المختبر أصدر تقارير دورية كل عشرة أيام توثق الانتهاكات دون أي استجابة فعّالة.

ودعا المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل للضغط على قوات الدعم السريع وداعميها الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات العربية المتحدة، لوقف القتل وفتح ممرات إنسانية آمنة.

وجاء في ختام التقرير قول معبّر:

«قد يقول العالم إنه لم يكن يستطيع إيقافها، لكن لا يمكنه أن يقول إنه لم يكن يعلم».

المنهجية والتحقق

اعتمد التقرير على دمج بيانات الاستشعار عن بعد والمصادر المفتوحة (OSINT). شمل ذلك صور الأقمار الصناعية المتعددة الزوايا، والبيانات الحرارية، وشهادات ميدانية ومقاطع فيديو منشورة عبر الإعلام المحلي والدولي. كما جرى مطابقة الإحداثيات المكانية والزمانية لتحديد مواقع الانتهاكات بدقة في حي دارجة الأولى ومقر الفرقة السادسة ومحيط الساتر الترابي.

تم التحقق من المعلومات عبر مصادر دولية مثل BBC، اليونيسف، راديو دبنقا، السودان تربيون، ومنصات مراقبة الحرب في السودان.

الدلالات والرسائل

يعد التقرير وثيقة إثبات مبكرة لمجزرة الفاشر، ويمكن أن يُستخدم كدليل في التحقيقات الدولية أو المحاكم الخاصة بالسودان. كما يبرز فشل الردع الدولي وتورط قوى إقليمية في دعم قوات الدعم السريع بالتمويل والسلاح.

ويؤكد التقرير أن التحرك السريع هو الوسيلة الوحيدة لمنع تكرار مأساة دارفور الأولى (2003–2005) بنسخة أكثر وحشية وتخطيطاً.

التوصيات

يدعو التقرير إلى فرض عقوبات فورية على قيادات الدعم السريع ومموليها الإقليميين، وتفعيل لجنة تحقيق أممية مستقلة لجمع الأدلة وحماية الشهود، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتحرك عاجل من المحكمة الجنائية الدولية لتوسيع نطاق مذكرات الاعتقال لتشمل القيادات الميدانية المتورطة، إلى جانب دعم المنظمات المحلية التي ترصد الانتهاكات وتوثقها.

الخلاصة

يُعد تقرير جامعة ييل صرخة إنذار علمية وإنسانية تكشف أن دارفور تُباد من جديد أمام أنظار العالم.

فالفاشر سقطت عسكرياً، لكن الضمير الإنساني لم يسقط بعد. التحرك الآن ليس خياراً سياسياً، بل واجباً أخلاقياً وإنسانياً لإنقاذ من تبقّى من المدنيين في قلب الكارثة.

 

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *