المشروعات التجارية.. والتقليد دون دراسة

165
محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• من المعلوم أن أي مشروع تجاري يحتاج إلى دراسة جدوى، فصاحب الفكرة يدرس المنطقة التي سيقيم فيها مشروعه، وحاجتها إلى منتجاته، والقوى الشرائية، وتكلفة المشروع والعائد المتوقع، وعلى ضوء ذلك يبدأ في التنفيذ. 

لكن هناك غالبية من أصحاب الأموال الذين يبحثون عن فرص تجارية، لكنهم يقلّدون تجارب ناجحة لمن سبقوهم، من دون اصطحاب الظروف الموضوعية التي قادت إلى نجاح المشروع، وهو دراسة الجدوى. ففي الغالب تكون المشاريع تقليداً لتجربة ناجحة عايشها الشخص لقربه من صاحبها، أو بعد تلقيه نصيحة ممن له معرفة بتفاصيلها.

إن أكثر من تتكرر معهم هذه التجربة هم العائدون من الاغتراب، ولم يحدد أحدهم المجال الذي يريد العمل فيه، فتنهال عليه المقترحات كالمطر من الجميع، ومعظمها نظري مبني على مشاهدات، أو سماع، أو اعتقاد بنجاح تلك المشاريع. 

أما المشكلة الكبرى فتتمثل في أن قيام المشروع يتم في المنطقة نفسها التي نجح فيها المشروع الذي قام على دراسة للسوق والحاجة إلى المشروع، فلا يكلف القادم على الاستثمار نفسه بالبحث عن منطقة تكون ذات حوجة لمشروعه، بل تجده مجاوراً للأول، وتبدأ سلسلة من المحلات المتراصة في المكان والمجال ذاتهما.

وقد رأينا ذلك في الماضي عند ظهور محلات الاتصالات، فقد انتشرت المحلات في الأسواق وفي الأحياء السكنية بأعداد كثيرة جداً، وتجدها أحياناً متجاورة، وعند انتشار التليفونات الثابتة في المنازل، ثم ظهور الجوالات، صارت محلات الاتصالات غير ذات جدوى اقتصادية، وبدلاً من التحول إلى أنشطة مختلفة حسب الحاجة، تحولت معظم المحلات إلى نشاط واحد، وهو  تركيب العطور، فانتشرت أكثر من ذي قبل، وما زالت التجربة تتكرر.

وفي أيامنا هذه رأينا الإقبال على أنشطة بعينها، في تكرار للظاهرة، وتتمثل في التالي.

* انتشار المخابز الآلية والبلدية في الأسواق والأحياء بأعداد كثيرة جداً.

* محلات بيع الطعمية، حيث تجد في الشارع الواحد عدداً مقدراً منها.

* انتشار (البوتيكات) وتجاورها حتى في الشوارع الفرعية داخل النطاق السكني.

* افتتاح الكثير من الصيدليات في نطاق سكني محدود.

* التوسّع في افتتاح رياض الأطفال والمدارس الخاصة، فتجد المدرسة أو الروضة في مبنى هو في الأصل شقة سكنية أو منزل، لا تتوفر فيهما الاشتراطات المطلوبة لقيام مؤسسة تعليمية.

أما إذا تحدثنا عن وسائل النقل، فيكفي عدد (الركشات) و(التكاتك) التي تقف في الأسواق، والأخرى التي تجوب الشوارع، متسببة في الازدحام وتعطيل حركة المرور. ولا يخلو شارع من وجودها، وكأن المقصد أو الهدف المراد تحقيقه هو (ركشة لكل مواطن). 

الواجب يحتم على وسائل الاعلام والجهات الرسمية تدارك الأمر، وتوعية المواطن بأهمية التخطيط للمشاريع وعمل دراسة الجدوى، فلا مكان العشوائية والاعتماد على الحظ في افتتاح أي مشروع. 

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *