

إسماعيل محمد علي
صحفي سوداني
يرى مراقبون أن قوات “الدعم السريع” باتت في حال تقهقر وتراجع
شنت المسيرات التابعة لقوات “الدعم السريع”، أمس الثلاثاء، هجوماً على ثلاث مدن سودانية هي بورتسودان، العاصمة الموقتة للحكومة السودانية، وكوستي بولاية النيل الأبيض، والسميح الزرقاء بشمال كردفان، بينما واصل الجيش السوداني تقدمه في عدد من المحاور بولايات كردفان الثلاثة (شمال وغرب وجنوب) في خطوة تهدف لإحكام سيطرته الكاملة على تلك الولايات، ومواصلة زحفه لفك الحصار عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن “متحرك الصياد الاستراتيجي” التابع للجيش اقترب من فك الحصار عن مدينة الدلنج، ثاني مدن ولاية جنوب كردفان، فيما قامت وحدات من الجيش بعمليات استطلاع وتمشيط واسعة بطريق الصادرات (بارا- أم درمان)، وشن طيران الجيش الحربي غارات على تمركزات “الدعم السريع” داخل مدينة النهود غرب ولاية كردفان أسفرت عن تدمير عدد من الآليات العسكرية.
هجوم مسيرات
وفي تفاصيل استهداف مسيرات “الدعم السريع” كلاً من بورتسودان وكوستي ومنطقة السميح بمحلية الرهد أبودكنة بولاية شمال كردفان، أفاد شهود بأن نحو 20 مسيرة حلقت، أمس الثلاثاء، في سماء مدينة بورتسودان بينما أطلقت قوات الجيش المضادات الأرضية في مواجهة سرب المسيرات.
وتسبب هجوم المسيرات على بورتسودان بقطع السلطات السودانية علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، من منطلق أن الأخيرة ضالعة في تلك الهجمات، برأي الخرطوم.
وتعرض مستودع للوقود في مدينة كوستي للقصف بواسطة مسيرة لـ”الدعم السريع”، حيث تمكنت فرق الدفاع المدني من احتواء الحريق وتقليل حجم الخسائر.
وعد والي ولاية النيل الأبيض قمر الدين محمد فضل أن قصف المواقع الاستراتيجية والخدمية “عمل جبان” ووصفه بأنه “فرفرة مذبوح”، مؤكداً قدرة الجيش على رصد وتدمير منصات إطلاق المسيرات. وقال فضل خلال تفقده مستودع الوقود، إن الحكومة وضعت خططاً لضمان استمرار الخدمات وانسياب السلع الاستراتيجية رغم التحديات الأمنية.
وتعرضت مدينة كوستي في الفترة السابقة لقصف بطائرات مسيرة شمل قاعدة الجيش ومنشآت مدنية منها محطات الكهرباء.
كما قتل ثلاثة أشخاص في الأقل وأصيب 18 آخرون، إثر قصف نفذته طائرة مسيرة تابعة لقوات “الدعم السريع”، استهدف محطة للنقل العام في منطقة السميح بولاية شمال كردفان. وقال مواطنون، إنهم سمعوا صوت الانفجار وسط حال من الذعر والهلع.
محور دارفور
كذلك على محور دارفور، تصاعدت حدة المعارك بين الجيش وحلفائه من جهة، وقوات “الدعم السريع” من جهة أخرى في أكثر من جبهة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مما تسبب بحدوث إصابات عدة بين المدنيين.
وأشار مواطنون إلى أن قوات “الدعم السريع” استهدفت بمدفعيتها أحياء أبوشوك ونيفاشا الواقعة في الجزء الشمالي للمدينة، ومحيط قيادة الجيش، كما طاول القصف سوق المواشي الواقع في المحور الجنوبي الغربي للمدينة مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين.
وذكر مواطنون أن الفاشر تشهد ندرة حادة وارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الأغذية المتوافرة، مع انعدام أساسيات الإمدادات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية، في حين قالت تنسيقية “لجان المقاومة بالفاشر”، إن الأسر في المدينة تعاني منذ أشهر من أزمة خانقة في المواد الغذائية الأساسية وسط تدهور متسارع في الأوضاع المعيشية.
وأوضحت التنسيقية أن الأزمة امتدت لتشمل الدواء والمياه وأبسط الخدمات، مشيرة إلى أن القصف المستمر يمنع السكان من الخروج بحثاً عن الطعام، ويعطل وصول المساعدات القليلة التي لا تزال تحاول اختراق الحصار.
ووصفت التنسيقية ما يجري في الفاشر بأنه “كارثة إنسانية شاملة”، منبهة إلى توقف معظم مطابخ الأحياء التي يعتمد عليها المواطنون، بسبب عدم توفر الدعم اللازم، مما يستدعي التدخل العاجل للمنظمات والجهات الحكومية لدعم مطابخ الأحياء بالغذاء والدواء.
إلى ذلك شنت مسيرات الجيش السوداني غارات على “متحرك” يتبع لـ”الدعم السريع” شرق مدينة نيالا أسفرت عن تدميره بالكامل وتشتيت من تبقى من عناصره قبل بلوغه وجهته.
وكان “المتحرك” بحسب شهود في طريقه لدعم عناصر “الدعم السريع” التي تقاتل في ولايات كردفان، إلا أن الجيش رصد تحركاته باكراً ونفذ الهجوم في توقيت حاسم.

جندي سوداني يجمع قذائف مضادة للدبابات بعد مصادرتها من قوات الدعم الدعم السريع في أم درمان (أ ف ب)
انهيار كامل
وتعليقاً على تطورات المعارك في جبهات القتال المختلفة، قال الباحث في الشؤون العسكرية عامر حسن، إنه من “الواضح أن هناك تراجعاً ملحوظاً لـ’الدعم السريع’، وهو في نظري يمثل انهياراً كاملاً لقواته ومنظومة القيادة والسيطرة، وليس انسحاباً كما يشاع، لأن الانسحاب له منطق عملياتي ويكون لأسباب تكتيكية لإعادة التموضع والتمركز في نقاط جديدة تفرضها طبيعة مستجدات المعركة، فما شاهدناه في المعارك التي خاضها الجيش، أخيراً، هو انتصار حقيقي بالنظر إلى أعداد الجثث المتناثرة للميليشيات في الطرقات، والغنائم التي حصل عليها الجيش من مركبات قتالية وأسلحة مختلفة وذخائر وغيرها، فضلاً عن استسلام كثير من أفراد القوات المتمردة، فهذا الزخم الكبير يؤكد أن الميليشيات خسرت بالفعل الحرب”. وبين حسن أن “ما يجري من معارك برية هي المعركة الحقيقية التي يخوضها الجيش ضد ’الدعم السريع’، لكن حرب المسيرات التي تستهدف البنية التحتية من محطات الكهرباء ومستودعات الوقود والمطارات وغيرها هي حرب يقودها الداعم الخارجي وليس ‘الدعم السريع’، فهناك خبراء أجانب ومرتزقة ينفذون هذه الهجمات الجوية”.
وأكد حسن أن “’الدعم السريع’ فقدت مشروعية القتال بإعلان تمردها وممارساتها الوحشية وارتكابها انتهاكات وجرائم مروعة في حق المدنيين العزل، وخروجها عن القانون”. وأشار إلى أن “الجيش حالياً في وضع عملياتي ومعنوي أفضل وخطوط إمداده مفتوحة ومؤمنة، في المقابل نجد ’الدعم السريع’ في حال تقهقر أمام الهجوم الكاسح للجيش في كل المحاور بخاصة كردفان، حيث أصبحت قواته على مشارف مدينة الدلنج ثاني أكبر مدن ولاية جنوب كردفان”.
ومضى الباحث في الشؤون العسكرية بالقول، إن “الجيش مصمم على اقتلاع هذه الميليشيات من الأراضي السودانية وهو مؤهل لإكمال هذا المشروع وإنهاء المعركة وحسمها لمصلحته، خصوصاً أن أفراد القوات المتمردة أصبحوا في حال فرار جماعي خوفاً من هجمات الجيش المتواصلة”.
INDEBENDENT
شارك التقرير