المرأة السودانية.. صفحات ناصعة في تاريخ السودان

57
ثورة
Picture of نعمات مصطفى عبد الرحمن

نعمات مصطفى عبد الرحمن

• حظيت المرأة السودانية بصفحات ناصعة في تاريخ السودان، ويتجلى ذلك في المعارك السياسية التي كانت دائرة آنذاك، عندما كانت تحمس الرجال متغنية بالشجاعة والكرم والمروءة والشهامة، وتذم المتقاعسين عن مثل تلك القيم. ويذكر التاريخ أنها قد ساهمت في مجالات العلم والتعليم عندما قدّمت بنت الملك (حسن ود كشكش) ابنها إلى الشيخ (الحضري) ليعلمه؛ وقدمت له مقابل ذلك ما تملكه من زينة غالية الثمن، وهي عدد من الأساور والحجول، حتى يقبل الشيخ تعليم ابنها. كذلك يذكر صاحب كتاب الطبقات، أن امرأة كانت في عصمة رجل، ولكنها رفضت البقاء في عصمته وتزوجت من رجل فقيه، مبررة ذلك برغبتها بالقراءة مع الحيران في المسيد. 

ومما ذكره الشيخ رفاعة الطهطاوي، أنه شاهد في العهد التركي السيدة أمونة تقرأ القرآن، وتؤسس مكتبين أحدهما للغلمان والآخر للبنات لحفظ القرآن. وكانت هي التي تنفق على هذين المكتبين.. وكان مصدر دخلها الوحيد هو الزراعة. ويقول ابن خلدون في مقدمته: كما مارست العديد من الشيخات مهنة التدريس والتعليم الذي كان تعليماً دينياً… فكانت (فاطمة بنت جابر) تدرس القرآن في خلوتها في (ترنج) بالقرب من مدينة (كريمة). 

التعليم النظامي

بدأت المرأة السودانية تعليمها المنتظم في أوائل القرن الماضي 1907م، على يد الشيخ بابكر بدري بمدينة رفاعة، الأمر الذي شكل حافزاً لها للسير والمضي قدماً في سبيل تحقيق طموحاتها وأهدافها التي كرست جهودها من أجلها.

وبدأت المرأة نضالها بشكل واضح وجلي في فترة ما قبل الاستقلال، فالمتتبع للحركة النسائية في السودان يلاحظ ما أنجزته المرأة السودانية منذ الأربعينات من القرن المنصرم. 

فالمرأة السودانية لعبت دوراً محورياً في المجتمع، من خلال المشاركة الفعالة في العمل السياسي والاجتماعي والتعليمي، خاصة في ظل الأزمات التي تمر بها البلاد، حيث تنخرط في صناعة السلام وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، فضلاً عن دورها التقليدي كأم ومربية للأجيال الجديدة. ورغم التاريخ الطويل من العطاء والريادة، تواجه المرأة السودانية تحديات مثل العنف والقيود المجتمعية، وتسعى باستمرار لتحقيق المساواة وتولي مناصب قيادية في مختلف مفاصل الدولة والمجتمع.

نجاحات متواصلة

لا أحد ينكر ما وصلت إليه المرأة السودانية من رقي وتقدم منذ فجر الاستقلال، فتطورها وتقدمها لا يخفى على العين، على الرغم مما يكتنف طريقها من صعاب ومعوقات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وغيرها من المعوقات التي تعترض سبيل تقدمها، إلا أن كل ذلك لم يثنِ عزمها، ولم يقف أمام طموحها وتطلعها للمستقبل الزاهر، حتى تدرك شقيقها الرجل؛ وبذا يصلح المجتمع الذي لن يستطيع النهوض بجناح واحد.

مكانة متميزة

تقول الدكتورة سوسن سليم إسماعيل: «أخذت على عاتقي مهمة، دراسة الحركة النسائية السودانية، باعتبار أن المرأة السودانية قد سبقت نساء المنطقة العربية في أنها شغلت منصب قاضٍ، ولا شك في أن كل من يهتم بالعمل النسائي في أي مكان لا بدّ أن يسترعي نظره تلك المكانة المتميزة التي حصلت عليها المرأة السودانية، حيث وصلت إلى القضاء، وأصبحت عضواً في البرلمان، كل ذلك حصلت عليه في وقت كانت نظيراتها في العالم العربي في أول درجات سلم النهضة النسائية». 

القيادة السياسية والاجتماعية

 كان للمرأة السودانية دور متقدم في المقاومة التاريخية وقيادة الحركات الاجتماعية، مثل ثورة ديسمبر 2019. كما أنها تطمح للمشاركة بشكل أكبر في صنع القرار وتولي المناصب السيادية، مع وجود رائدات في التاريخ؛ مثل أول امرأة في البرلمان، وأول قاضية. 

المشاركة الاقتصادية والمهنية

 تساهم المرأة السودانية في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل العمل الطبي، والعمالة اليدوية، وتتغلب على الصعوبات الاجتماعية والثقافية لدخول مجالات جديدة. كما أن هناك مبادرات لتمكينها اقتصادياً، من خلال توفير مصادر دخل مستدامة، وتمويل المشاريع الصغيرة. 

الصمود والتعافي في الأزمات

أثبتت المرأة السودانية قدرتها على الصمود والنشاط حتى في خضم الحرب والنزوح. وذلك عبر  إنشاء منظمات نسوية لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والفتيات المتضررات من العنف والنزوح. 

تحديات وتضحيات 

 تواجه المرأة السودانية عقبات ثقافية واجتماعية تعوق تقدمها، بالإضافة إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ الذي زاد تفاقماً بسبب الحرب، لكن المرأة السودانية ماضية في تحقيق  تطلعاتها بعزيمة وإصرار مهما كانت العقبات، مقدمة في سبيل ذلك الكثير من الجهد والتضحيات. 

إنجازات متتالية

*  1949م 

تكوين اتحاد المعلمات السودانيات.

* 1950م 

تكوين نقابة الممرضات.

* 1952م 

إنشاء الاتحاد النسائي العام.

* 1953م 

نالت المرأة حق التصويت والانتخاب إلى جانب الرجل.

* 1955م 

مثّلت المرأة في لجنة الدستور.

* 1957م أسهمت المرأة في النضال ضد الحكم العسكري.  

* 1964م شاركت المرأة في ثورة أكتوبر. 

* 1970م 

تكوين اتحاد نساء السودان.

ولا تزال الإنجازات تتوالى دون انقطاع، فقد أصبحت المرأة تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل، بل شاركته في مقاعد البرلمان والوزارة منذ السبعينات في القرن الماضي.

منافسة محتدمة

 من المتوقع للحركة النسوية في السودان الكثير من التقدم، فالمتابع لهذه الحركة يرى العدد الهائل من النساء الذي انضم إلى الخدمة المدنية في القطاعين العام والخاص، كذلك يستطيع المتابع أن يرى الأعداد المتزايدة من الطالبات في المدارس والجامعات؛ وكل ذلك يدل دلالة واضحة على أن النساء قادمات وبقوة، إذ إن النساء أصبحن منافساً خطيراً للذكور في الكثير  من الوظائف. 

الفرص المتاحة

تبرز الأزمات باعتبارها فرصة لتعزيز دور المرأة وتمكينها، حيث أظهرت قدرتها على الصمود والريادة في مواجهة الصعاب. وتهدف المبادرات الحالية إلى تمكينها اقتصادياً ونفسياً، ودمجها بشكل فاعل في إعادة بناء المجتمع.

 

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *