الكوليرا في السودان: أزمة صحية تتفاقم.. وحلول بسيطة

387
د. عصام صالح

تم إعداد هذا المقال بواسطة جمعية أطباء الرعاية الأولية السودانيين ببريطانيا (SBPCA) دعمًا للجهود المجتمعية والصحية لمكافحة الكوليرا في السودان، ونشر الوعي حول سبل الوقاية والعلاج، مع عرض أمثلة حقيقية من أرض الواقع.

الكوليرا في السودان: أزمة صحية يمكن تفاديها

الكوليرا ليست مرضًا غامضًا أو غير قابل للعلاج، بل هو عدوى معروفة وممكن السيطرة عليها بسهولة. ولكن في السودان، أصبحت الكوليرا تهديدًا خطيرًا للأطفال والعائلات، بسبب النزاعات، انهيار النظام الصحي، والتهجير القسري.

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تم تدمير المستشفيات، وتعطلت حملات التطعيم، وازدحمت مخيمات النازحين بشكل غير مسبوق، مما جعل البيئة مهيأة لانتشار الأمراض المرتبطة بسوء النظافة، وعلى رأسها الكوليرا.

أرقام تنذر بالخطر

أُعلن عن تفشي الكوليرا في السودان في أغسطس 2024.

بحلول يناير 2025: أكثر من 50,000 حالة مؤكدة في 11 ولاية.

أكثر من 1,350 وفاة مرتبطة بالكوليرا.

ولاية كسلا كانت من أكبر البؤر، خاصة بعد تدفق نازحين من شرق الجزيرة، مما زاد من انتشار العدوى.

ما هي الكوليرا؟

الكوليرا هي عدوى معوية حادة تسببها بكتيريا Vibrio cholerae، تنتقل عبر تناول الماء أو الطعام الملوث. تصيب الجهاز الهضمي وتؤدي إلى فقدان شديد وسريع للسوائل.

العلامات الأولية والأعراض حسب تطور المرض

المرحلة الأولى:

إسهال بسيط.

إرهاق عام.

فقدان شهية.

تطور المرض:

إسهال مائي شديد (يشبه ماء الأرز).

تقيؤ.

جفاف واضح: فم جاف، عطش شديد، قلة بول.

تقلصات عضلية مؤلمة.

انخفاض ضغط الدم.

ضربات قلب سريعة.

في الحالات الشديدة، قد تؤدي إلى الوفاة خلال ساعات قليلة إن لم يُتدخل سريعًا.

المضاعفات المحتملة للكوليرا

الجفاف الحاد

الصدمة الدموية

فشل كلوي 

خلل في أملاح الجسم (مثل نقص البوتاسيوم والصوديوم) 

الوفاة (في غياب التدخل السريع).

قصص واقعية: من داخل المخيمات

في مخيم «العرب ستة» بمحلية حلفا، ولاية كسلا، أقيم مركز لعلاج الكوليرا بتمويل من اليونيسف:

الطفلة فطومة (3 سنوات): كانت لا تستطيع فتح عينيها عند وصولها بسبب الإسهال الحاد. تحسنت حالتها بعد حصولها على العلاج والدعم من والدتها ندى التي تعلمت كيفية الوقاية عن طريق غسل اليدين واستخدام المياه النظيفة.

وتين (4 سنوات): حصلت على محلول معالجة الجفاف من نقطة أورال ريهيدريشن مدعومة من اليونيسف، ما ساعد في إنقاذ حياتها.

طرق الوقاية البسيطة في كل بيت

غسل اليدين بالماء والصابون، خاصة:

بعد استخدام المرحاض.

قبل تحضير الطعام أو تناوله.

غلي الماء قبل الشرب أو معالجته بالكلور. حفظ الماء في أوعية نظيفة ومغلقة. تغطية الطعام وطهوه جيدًا. استخدام مرحاض نظيف أو دفن الفضلات بعيدًا عن مصادر المياه. تحضير محلول معالجة الجفاف في المنزل:

1 لتر ماء نظيف + 6 ملاعق سكر + نصف ملعقة ملح.

العلاج: بسيط لكن حاسم

محاليل معالجة الجفاف (ORS): أول خطوة لإنقاذ الحياة.

السوائل الوريدية: للحالات الشديدة.

المضادات الحيوية: للحالات الحرجة فقط.

مكملات الزنك: خصوصًا للأطفال لتقليل مدة الإسهال.

التغذية بعد العلاج: سوائل + طعام غني بالمعادن.

جهود ميدانية لإنقاذ الأرواح

تعمل منظمات كاليونيسف وWHO بالتنسيق مع وزارة الصحة السودانية على:

إنشاء نقاط معالجة فموية ORPs قرب المخيمات. 

تدريب الكوادر الصحية على التشخيص والعلاج. توزيع أدوات النظافة. دعم حملات لقاح الكوليرا. مراقبة جودة المياه وتوفير الكلور.

المتطوعون يتنقلون من بيت إلى بيت، يعلمون الناس كيفية غسل اليدين وتحضير ORS في المنزل، ما يضاعف من الأثر.

في الختام

الكوليرا مرض يمكن القضاء عليه بسهولة، ولكن فقط عندما يتوفر الوعي، الدعم المجتمعي، والمياه النظيفة. مسؤولية الوقاية لا تقع على عاتق الحكومة فقط، بل كل فرد يمكنه أن يكون خط الدفاع الأول.

كما قال أحد العاملين في عيادة الكرامة: «المسألة ليست فقط في علاج الكوليرا، بل في تمكين الأسر من الوقاية منها.»

ساهم في نشر هذا المقال بين أهلك ومعارفك. الوعي ينقذ الأرواح.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *