العمامة.. جزءٌ تقليدي من الزي القومي السوداني

149
عمة 01
Picture of بقلم: أمل عبد العزيز سعد

بقلم: أمل عبد العزيز سعد

• العمة السودانية من أبرز رموز الهوية الثقافية في السودان، حيث لا يكتمل الزي السوداني التقليدي دونها. وارتداء العمامة يُعبّر عن الوقار، وتُعدّ من مكملات الزينة للرجل، خاصة في المناسبات الرسمية كالأعراس والاحتفالات. كما تُستخدم لأغراض عملية، مثل الحماية من حرارة الشمس والغبار في المناطق الصحراوية، مما يعكس ارتباطها بالحياة اليومية للسودانيين، لا سيما في الأقاليم والأرياف.

فخر.. وهيبة  

العمامة السودانية هي جزء تقليدي من الزي السوداني للرجال، وهي عبارة عن قطعة قماش بيضاء بطول يتراوح بين 3 و 5 أمتار، تلف بعناية على الرأس، وتُصنع غالباً من القطن الإنجليزي أو السويسري الفاخر المعروف بـ»التوتال». وتُمثل العمامة رمزاً للهوية الوطنية، وتحمل معاني اجتماعية مثل الفخر والهيبة، بالإضافة إلى استخدامها باعتبارها واقية من الشمس وكفناً احتياطياً للبعض.

رمزية روحية وثقافية

العمامة ليست مجرد قطعة قماش، بل تحمل في طيّاتها رمزية روحية وثقافية عميقة. ففي بعض التفسيرات الشعبية، يُنظر إلى العمامة على أنها كفن يرتديه الزاهدون والمتصوفة، في إشارة إلى الزهد في الدنيا واستعدادهم الدائم للرحيل عنها. وهذا المفهوم يُعزّز من قدسيتها ومكانتها لدى بعض فئات المجتمع، الذين يرون فيها تعبيراً عن التواضع والسمو الروحي.

أنواع العمم السودانية

من أبرز مظاهر الأناقة الرجالية في السودان، ارتداء العِمّة ضمن طقم متكامل، يشمل الجلابية البيضاء أو الملونة، مع شال يُلقى على الكتف أو يُلفّ حول الرقبة. 

هذا الطقم، المعروف بتنسيقه الدقيق ومظهره الوقور، يُستخدم في المناسبات الرسمية كالزيجات، والأعياد، والاحتفالات الوطنية، ويعكس مدى اهتمام السوداني بالرقي في مظهره. الشال في هذا السياق لا يُعد إكسسواراً فحسب، بل يُضفي قيمة جمالية ورمزية تُكمل حضور العِمّة. وتتنوع أقمشة الشال بين الصوف والقطن، وغالباً ما تُطرّز بخيوط دقيقة لإظهار فخامة التصميم.

العِمّة الأنصارية

 العمة الأنصارية رمز للانتماء الديني والهوية الروحية، 

وتُعد العِمّة الأنصارية واحدة من أشهر أنواع العِمم في السودان، حيث ارتبطت تاريخياً بجماعة الأنصار، وهي جماعة دينية واجتماعية لها جذور عميقة في التاريخ السوداني. ويتميز مرتدو العِمّة الأنصارية بطريقة لفّ محددة تختلف عن غيرها، ما يجعلها رمزاً واضحاً للانتماء الفكري والديني. ولا تُستخدم هذه العمّة فقط للزينة، بل تعكس التزاماً وموقفاً فكرياً، ولهذا تجدها حاضرة بقوة في المناسبات الدينية الكبرى مثل الاحتفالات بالمولد النبوي، أو فعاليات الذكرى السنوية للإمام المهدي. العمّة الأنصارية تمثل مثالًا حيًا على كيف يمكن للزي أن يصبح وسيلة للتعبير عن المعتقد والهوية.

العمم الشبابية الملونة

مع تغيّر أنماط الحياة ودخول الموضة إلى تفاصيل الحياة اليومية، برز نمط جديد من العِمم السودانية، يستهدف فئة الشباب بشكل خاص. هذه العِمم تأتي بألوان جريئة ومشرقة، مثل الأزرق الملكي، الأخضر الزيتوني، العنابي، بل وحتى الألوان الزهرية والبنفسجية، وتُلفّ بطرق غير تقليدية تُظهر الطابع العصري والجرأة. ولم تعد العِمّة حكراً على الشيوخ أو المناسبات الرسمية، بل أصبحت تُرتدى في جلسات الأصدقاء، والرحلات، والتصوير، بل وأصبحت جزءاً من ستايل الشارع السوداني (Street Style). بعض الشباب يدمجون العِمّة مع الجينز أو الملابس الكاجوال، في مزيج فريد بين التقليد والحداثة. وهذه الظاهرة تعكس رغبة الشباب في الحفاظ على التراث، ولكن بطريقة تعبّر عن هويتهم الخاصة.

عمم سويسرية فاخرة

في عالم العِمم الفاخرة، تبرز العمم السويسرية كخيار النخبة والمهتمين بالتفاصيل الدقيقة. وتُصنع هذه العمم من قماش قطني ناعم عالي الجودة مستورد من سويسرا، ويُطرّز بعضها يدويًا بخيوط فضية أو ذهبية على أطرافه، مما يمنحها لمسة من الرقي والتفرد. وتُعد هذه العمم الأغلى سعراً والأكثر استخداماً في المناسبات الرفيعة المستوى، كحفلات الزفاف أو لقاءات الشخصيات العامة. ويختارها الرجال الذين يحرصون على الظهور بمظهر أنيق ومتفرّد، يجمع بين الجودة العالية والذوق الرفيع. ومع تطور السوق السودانية وتنوع الموردين، أصبحت هذه العمم متاحة لفئة أوسع من الناس، مما ساهم في رفع مستوى الذوق العام في اختيار العمّة.

مقارنة بين العمامة التقليدية والشبابية

عند مقارنة العمامة التقليدية بالعمامة الشبابية الحديثة، نلاحظ أن التقليدية تُركز على الوقار والبساطة، بينما تميل الشبابية إلى الألوان والنقوش الجريئة، ما يعكس توجهاً نحو التعبير الشخصي والتميّز. ورغم هذا الاختلاف، إلا أن الرابط الثقافي لا يزال قوياً، فالجميع يتفق على أن العمامة، بمختلف أشكالها، تظل رمزًا سودانياً أصيلاً وموروثاً لا يمكن الاستغناء عنه.

انتقادات واسعة للعمة الشبابية

 تلقت العمة الشبابية الكثير من الانتقادات، كونها قد تكون أقرب إلى ثقافات أخرى كالهندية، وكون حجمها أصغر مقارنة بالعمة السودانية المعروفة.

شخصية وأسلوب

من أبرز الشخصيات السودانية التي اشتهرت بأسلوب مميز في ارتداء العمامة، ه الفنان كمال ترباس، الذي ارتبط اسمه بعمامته الضخمة ذات الحجم الكبير، حتى أصبحت جزءاً من هويته الفنية والشخصية. لم تكن عمّته مجرّد غطاء للرأس، بل وسيلة للتعبير عن التفرّد والاعتزاز بالموروث السوداني، وقد شكّلت عنصراً بصرياً لافتاً في كل إطلالاته. يعكس حجم العمامة لدى ترباس نوعاً من الفخر، والمبالغة المحبّبة التي أضافت طابعاً فكاهياً محبباً لشخصيته الفنية، مما جعلها علامة مميزة له في ذاكرة الجمهور.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *